[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2017/03/rajb.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. رجب بن علي العويسي[/author]
يأتي تناولنا لهذا الموضوع في ظل حساسية فترة الصيف وما تتطلبه من مساحات أكبر في الاحتواء والتأثير وبناء منصات أوسع يمارس فيها الشباب هواياته بطريقة منهجية، في ظل مساحات الفراغ التي يعيشها مجتمع المتعلمين، بما يضع المؤسسات أمام مسؤولية البحث عن مسارات أخرى تضمن للسلوك الناتج التزامه المعايير الوطنية، إضافة لما يحمله الصيف من مفاجآت، وما يرتبط به من أحداث بيئية ومناخية ومحطات للتسوق والسفر والسياحة، وما يستدعيه ذلك من الحاجة إلى توفير خدمات الدفاع المدني والإسعاف نظرا لازدياد معدل الحرائق والغرق، وتكثيف الضبط المروري نظرا لزيادة حجم السفر والتنقل بين الولايات ونشاط حركة المرور في الطريق المؤدي إلى محافظة ظفار، بالاضافة إلى مزيد من الجهود في التتبع الجنائي نظرا لتزايد عدد حالات الجرائم والجناة في هذه الفترة لمسوغات الفراغ وترك البيوت لأسابيع عديدة، بالإضافة إلى تحقيق فرص الاكتفاء الغذائي المتعلقة بتوفير الأنشطة الاستهلاكية والاحتياج اليومي وتوفرها في المراكز التجارية والمحلات في مختلف الولايات نظرا لزيادة الاستهلاك الغذائي والحركة النشطة في هذا الجانب.
ويشكل حضور هذه المسوغات حالة استثنائية يجب التعاطي معها بطريقة منهجية وأسس علمية وأدوات مبتكرة وشراكة مؤسسية حقيقية تتسم بالاستدامة والتنوع وخلق حوار اجتماعي مؤسسي معها من القطاع الحكومي والأهلي والخاص، وتكامل بين الجهود القطاعية والمؤسساتية المختلفة للوصول إلى أرضية عمل واحدة تنطلق من الجاهزية الوطنية للصيف، عبر وجود استراتيجية عمل وطنية تقرأ طبيعة الاحتياج الصيفي في أبعاده المختلفة الترويحية والوقائية والأمنية والغذائية وغيرها بحيث تسلك فيها جهود المؤسسات مسارات واضحة للوصول إلى حلول متكاملة تستوعب الحالة في شموليتها واتساعها وتتناغم مع توقعات المستهدفين من مختلف شرائح المجتمع وفئاته، والتدخلات الفورية من جهات الاختصاصالتي يعول عليها دورا أكبر في عمليات الاحتواء وتوفير المناشط الثقافية والترويحية والاجتماعية التي تتيح توسعا في الخيارات المطروحة أمام المواطن بمختلف الفئات العمرية وتنوعا في البيئات السياحية القادرة على استيعاب التزايد المستمر على المناطق السياحية وزيادة النشاط السياحي الداخلي للمتنزهات السياحية والحدائق والأحواض المائية، ومستوى التزامها معايير الامن والسلامة وبرامج التوعية والتثقيف للتقليل من المخاطر الناتجة عنها.
على أن البعد الأمني بما يحمله من موجهات وأطر واستراتيجيات ومتطلبات ومعطيات يعتبر من بين أهم الابعاد التي يفترص أن يكون لها حضورها في خطط الصيف وبرامجه في سبيل تحقيق أمن الإنسان الفكري والاجتماعي والأخلاقي والبيئي والسلوكي والمهني، في ظل المعطيات المرتبطة بالجريمة وحوادث السير والسلوك العام وغيرها من مهددات الامن الاجتماعي ، أما البعد الآخر فيرتبط بالجانب الوقائي وطريقة إدارة الحالات الطارئة والازمات وخطط الطوارئ للكهرباء والمياه والغرق والحرائق وارتفاع درجات الحرارة، ويرتبط البعد الثالث بمساحات الأمان الشخصية التي تقيس كفاءة السلوك الأمني للمواطن واستيعابه لمتطلبات واقعه اليومي والتزامه بالتعليمات والموجهات الإعلامية كالمحافظة على ممتلكاته واغراضه وأدواته الشخصية من السرقة أو العبث أو عبر استشعار عظمة المنجز وقيمته واحترام السياسات والإجراءات الداعية للمحافظة عليه، أما البعد الرابع فيتعلق بخطط الدعم اللوجستي والمساندة الفنية من القطاعات المساندة الأخرى كالطيران العماني وطيران السلام في زيادة رحلاته اليومية من وإلى صلالة وتعزيز كفاءة النقل الوطني بتسيير رحلات داخلية واسعة إلى مختلف المناطق السياحية بالسلطنة.
وبالتالي فهي إطار عمل يستوعب الحالة الوطنية بشموليتها ويتعامل معها بصورة متكاملة في ظل زيادة حجم التنسيق والتكامل ووحدة الجهود، ووضوح آليات العمل، والابتكارية والدقة في الأدوات والآليات والمسارات التي تستطيع من خلالها إدارة الأحداث والتعامل معها بوعي ورصد المؤثرات بشكل تنسجم فيها قواعد العمل وتتناغم حلقاته مع كل المعطيات المرتبطة بالحالة وخصوصية الصيف، وتعزيز الشعور الجمعي على مسؤولية التعامل مع المنغصات الحاصلة، والتهديدات والتحديات بكفاءة عالية مع المحافظة على بقاء سقف التوقعات مرتفع؛ هذا الأمر من شأنه أن يؤصل معيار الثقة ويبني فرص وجود معايير مشتركة للأداء ويضع المؤسسات أمام استباقية أكبر لمشاركة المؤسسات الأخرى خبراتها وتجاربها وكفاءاتها الداعمة لهذا التكامل الوطني، مع توظيف منظومة الأعداد والتثقيف والوعي والإعلام وترسيخ أدوات العمل في فقه المواطن وسلوكه اليومي وحسن توجيهه ومعرفته بما تتخذه مؤسسات الدولة من خطوات في سبيل إنجاز استراتيجية الصيف، وموقعه فيها ومسؤولياته نحوها والقطاع الذي عليه أن يتجه إليها في احتواء مبادراته ومقترحاته العملية ، فبالإضافة إلى ما يمكن أن يتيحه هذا الجهد الحكومي من فرص لتطبيق استراتيجيات الممارسة للمواطن، فإن على المواطن ايضا أن يتنازل لصالح الهدف الوطني وتحقيقه المصلحة العليا.
وعليه فإن تحقيق الجاهزية الوطنية لصيف آمن، يؤكد أولوية بناء شراكة فاعلة بين المؤسسات والقطاعات تتجاوب بمهنية مع متطلبات الصيف كل في مجال اختصاصه، لرسم ملامح الإنجاز وتحديد أجندة العمل بشكل يضعها قادرة على استيعاب الاحتياج وطبيعته ونوعية الدعم المطلوب للاستراتيجية الوطنية في إدارة الصيف وفق آليات تشخيصية مناسبة وآليات عمل تتسم بالابتكارية والتنوع والتجدد، ومساحات التقارب بين الأفكار المطروحة والسياسات والخطط المقترحة من المؤسسات والمواطنين؛ فإن الوصول إلى أعلى درجات الأمان والسلامة للمواطنين والمقيمين في قدرتهم على وقاية أنفسهم وإبعادها عن المخاطر وتحقيق معايير السلامة الشخصية، والتعاطي الواعي معها بما ينعكس على سلوكهم وممارساتهم اليومية، الرهان الذي يترجم الجاهزية الوطنية للصيف وكفاءة إدارتها لصالح تحقيق صيف آمن وأجازه صيفية ممتعة.