[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]باختصار
الكل متواطئ، حتى نحن الجالسون كعرب في مقاعد المتفرجين متواطئون .. لا تكفي العواطف وإحساس المشاركة الوجدانية .. هنالك شعب بكامله يباد، الطريقة التي تخوض بها إسرائيل حربها ليست حربا، إنها قتل بالجملة .. هنالك أكثر من ألف شهيد من الأبرياء البسطاء، أما عدد المقاتلين الغزاويين الشهداء فقليل جدا، فيما على الجهة المقابلة، هنالك قتلى من الجيش الإسرائيلي يفوق المئة، وعدد جرحاه يتجاوز الأربعمئة جلهم من الجيش أيضا. إذن، تخوض غزة معركة، فيما يخوض الإسرائيلي إبادة شعب.
لا شيء يؤلم النفس سوى العجز عن الفعل. أن تنظر بعينيك لتتألم فقط، لتحبس الدموع وتتطلع حواليك فلا تجد سوى عرب أصروا على أن يكونوا لجانب الإسرائيلي تحت شعار الوساطة أو الإصرار على مبادرة ملغومة لا ترضي تضحيات شعب غزة. ومن الصعب أيضا أن نترك الحكم للتاريخ على مثل هؤلاء العرب، هم يضحكون على جملة من هذا النوع لن تقدم ولا تؤخر .. قال أنور رجا أحد قادة الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة إن وزير خارجية حسني مبارك أحمد ابو الغيط صرخ مرة بأنه سيكسر رجل أي غزاوي يقترب من معبر رفح، مضيفا المسؤول رجا إنهم اليوم يكسرون جماجم الفلسطينيين ويفتكون بأطفالهم.
مع معرفتنا بما بين أوباما وكيري من جهة ونتنياهو الصلف المتغطرس القاتل من جهة أخرى من علاقات معطوبة، فإن ترك الأمور لحساب الإسرائيلي لا يشكل سوى سقوط إنساني مريع. يمكن للأميركي لو أراد أن يفعل لفعل، أليس من العجب أن لا يرى وجه نتنياهو القبيح وفعل مذابحه في غزة؟ ألم تتحرك أحاسيسه أمام رؤية الأطفال والدمار وصراخ النسوة.
لكنك عظيمة يا غزة، بت أكبر من جيب، صرت دولة عظمى، صرت أكبر من مساحتك المعروفة .. تمددت إلى الحد الذي صرت فيه بحجم الأرض.
وعظيمة يا غزة على هذا الأداء الذي يجعل منك أسطورة قتال وأنت أمام عدو نشهد أنه من أقوى جيوش العالم، لكنه اللابس دروعا من رأسه حتى أخمص قدميه، والمختبئ في حديد وفولاذ، وفي طائرة تخترق سرعتها البصر والسمع، ومع ذلك يهابونك، نسمع صراخهم أحيانا ويولولون ..
هذا العالم المتواطئ، بشقيه الغربي والعربي، يواكب بعينين تلبس فيهما الشيطان .. أن تخرج في تل أبيب تظاهرة تطالب بوقف العدوان وفيها أكثر من مئة ألف متظاهر، ظاهرة حقا، فيما الشقيق العربي الذي كلف إسلاميا أن أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، يتأمل المشهد المروع وهو يتابع مسلسلات رمضان باعتبار ما يحصل في غزة جزءا منها أو هي الدراما باللحم الحي الغزاوي.
ببساطة، يريدون غزة كلها قتيلة، مستسلمة، ينتظرون سقوطها من العلياء الذي تتربع فيه، من قوة البأس التي تدير معاركها بقلب مفتون بتراب فلسطين. هم نسوا فلسطين، لا يريدون سماع الكلمة التي عملوا على إطفائها من قلوبهم قبل عقولهم. هم يتبرأون من لحم أطفالها كي لا يكبروا ويجددوا البطولة التي قدمها آباؤهم.
لكل هؤلاء المتواطئين من العرب تحديدا أقول إن غزة دولة عظمى تلعب دورها عن كل فلسطين، لكنها تفضح عاركم وعيونكم المتبلدة.