[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
يتسع معيار جودة السياسات الاقتصادية بقدر انعكاسها الإيجابي على عدد من المؤشرات أولها يكمن في قدرة الاقتصاد على احتواء أية صدمة يمكن أن يتعرض لها في إطار نشاطاته المحلية أو في سياق الصدمات الدولية، خاصة بالنسبة للاقتصادات المفتوحة في نشاطاتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي مما يجعلها عرضه لهذا النوع من الصدمات، والاحتواء هنا يعني امتصاص الصدمة بمعالجة ذيولها.
ومن شروط جودة السياسات الاقتصادية تنوع الحركة التنموية بما يجعلها تبسط (نفوذها) على مجمل النشاطات الإنتاجية والخدمية، وبما تفرضه متطلبات البنية التحتية، إذ إن التنوع من شأنه أن يغذي حيوية التنمية ويجعلها بقدرات أكثر استجابة لحاجات المواطنين.
وفي إطار ذلك تمثل السيطرة على التضخم واحدة من شروط جودة السياسات الاقتصادية؛ لأن التضخم يأكل قيمة العملة الوطنية ويؤثر سلبًا على حياة أغلب الشرائح الاجتماعية، بل ويؤدي إلى حصول خلل في معادلات العرض والطلب، وفي المرحلة الأكبر من التضخم يكون للركود وجوده المؤثر في الحياة الاقتصادية العامة، إلى ذلك فإن من شروط السياسات الاقتصادية الناجحة وجود ميزان مدفوعات بنسخة يحكمها التعادل الإيجابي بين مدخولات الخطط التنموية ومخرجاتها، وبمعنى مضاف خفض العجز المالي الذي يمكن أن يظهر نتيجة عدم قدرة الحكومة أية حكومة على التغطية المالية اللازمة للموازنة السنوية والخطط التنموية.
ولا تكتمل صورة جودة السياسات الاقتصادية ما لم تأخذ بنظر الاعتبار إشاعة مبدأ المنافسة الإنتاجية للسلع الوطنية داخل البلد الواحد، وفي إطار السوق العالمية مع إعطاء أولويات للسياسة التسويقية بما يقلل الكلفة المالية، غير أن كل هذه الشروط لجودة السياسات الاقتصادية لا يمكن أن تتحقق حتى مع وجود آليات تنفيذية دقيقة ما لم يكن هناك جهاز للمراقبة والترصد يتولى مراجعة هذه النشاطات ضمن توجهين، الأول علاجي سريع لمطبات التنمية التي يمكن أن تحصل، والثاني ينبغي أن يأتي في إطار التحسب لاحتمالات حصول إخفاق في بعض المنافذ الاقتصادية، وفي كلا التوجهين لا يمكن أيضًا أن يكونا ذا فعالية ما لم تكن المعالجة بالقدرة الذاتية مع تقليل هامش التغطيات المالية المكلفة.
وعلى المنوال نفسه تظل السياسات الاقتصادية مرهونة بمدى التعاون والتنسيق والتكامل بين العمل الاقتصادي الحكومي والنشاطات التي يتولاها القطاع الخاص في الميادين الصناعية والزراعية والخدمية مع هامش لا بدّ منه في تعزيز معرفة المواطن بأهمية ذلك لكي يتوازن سلوكه الاقتصادي العام مع شروط هذه الجودة.
إن مسؤولية الحكومات والقطاعات الاقتصادية الخاصة في التنمية معروفة، بل وواضحة المعالم لكن الالتباس يكمن في مسؤوليات المواطن ذاته؛ لأن وقوع المواطنين تحت ضغط نزعات الاستهلاك المفتوح من شأنه أن يخل بجودة السياسات الاقتصادية، خاصة إذا انصرف العمل الحكومي إلى اعتماد سياسات مالية إرضائية على حساب مفهوم التنمية المتوازنة.