واشنطن د ب أ : لن يلقي عليك أحد باللائمة إذا لم تنشغل بما قد يحدث لكوكب الأرض يوم 25 سبتمبر عام 2135. ولكن العلماء يشعرون بالقلق نظرا لأن هناك احتمالا ضئيلا لا تتجاوز نسبته 1 إلى 2700 وفق الحسابات الحالية أن يرتطم بالأرض كويكب أطول من مبنى "إمباير ستيت" في الولايات المتحدة وأثقل 1664 مرة من وزن السفينة المنكوبة تايتانيك التي غرقت في المحيط الأطلسي في القرن الماضي. وإذا ما حدث هذا الارتطام، فإن التقديرات تشير إلى أن الطاقة الحركية الناجمة عنه سوف تساوي 1200 ميجاطن، بما يمثل 80 ألف ضعف الطاقة الناجمة عن القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في أواخر الحرب العالمية الثانية، ولهذا، فإن أحدا لن يلوم عليك أيضا إذا ما انتابك شعور بالسعادة لأنك لن تكون متواجدا إذا ما حلت هذه الكارثة.
ويقول كيرستن هاولي عالم الفيزياء في مختبر "لورانس ليفرمور" الوطني في ولاية كاليفورنيا الأمريكية إن "فرص حدوث هذا الارتطام تبدو ضئيلة حاليا، ولكن العواقب سوف تكون وخيمة إذا ما حدث بالفعل". ويكرس المختبر جهوده لتوظيف العلوم والتكنولوجيا لخدمة الأمن القومي الأمريكي.
ويعمل الباحثون في مختبر لورانس ليفرمور ضمن "فريق وطني للدفاع عن الكوكب". ويضم هذا الفريق في عضويته وكالة علوم الفضاء والطيران الأمريكية (ناسا) ووكالة الأمن النووي الوطنية ومختبر "لوس آلاموس" الوطني. وصمم الفريق سفينة فضاء تخيلية مهمتها تحويل مسارات الكويكبات المتجهة إلى الأرض.
وأجرى هذا الفريق تقييما بشأن ما إذا كان سوف يستطيع تحويل مسار الكويكب العملاق الذي أطلق عليه اسم "101955 بينو" والذي قد يرتطم بالأرض عام 2135.
وتصنف وكالة ناسا الكويكب "بينو" باعتباره من اخطر الأجرام الفضائية التي تم رصدها بالقرب من كوكب الأرض حتى الآن، والتي يزيد عددها عن 10 آلاف جسم فضائي. ومن أجل معرفة المزيد بشأن هذا الكويكب القاتل، أطلقت ناسا عام 2016 سفينة الفضاء "أوزيريس ريكس" من أجل ترسيم خريطة لهذا الكويكب وإحضار عينات منه. وتصل تكلفة هذه الرحلة إلى مليار دولار، وهي أول رحلة من نوعها تقوم بها الولايات المتحدة.
وكان هذا الكويكب من قبل يعرف باسم "1999 أر كيو 36"، ولكن طفلا أمريكيا في التاسعة من عمره أطلق عليه خلال مسابقة أجريت عام 2013 اسم "بينو" للإشارة إلى طائر اسطوري فرعوني قديم كان يعرف باسم بينو ويأخذ شكل طائر بلشون رمادي اللون.
ويصل قطر هذا الكويكب إلى حوالي 500 متر، وهو غني بالكربون ويعتقد أنه ربما يحتوي على مواد عضوية أو دلائل جزيئية بشأن احتمالات وجود حياة، ويزن هذا الجسم الفضائي قرابة 79 مليار كيلوجرام، وهو يدور حول الشمس بسرعة تزيد عن 100 ألف كيلومتر في الساعة.
ويقترب هذا الكويكب من الأرض مرة كل ست سنوات.
ومن المتوقع أن تبدأ المركبة أوزيريس ريكس اقترابها من بينو في آب/أغسطس المقبل قبل أن تصل إليه في كانون أول/ديسمبر. وسوف تستخدم المركبة خمسة أجهزة على متنها لاستشعار ومسح سطح الكويكب عن بعد لتحديد تكوينه. وفي عام 2020، من المقرر أن تجمع ما بين 60 جراما وكيلوجرامين من المواد التي يتكون منها سطح الكويكب قبل أن تعود إلى الأرض عام 2023.
وسوف تساعد معرفة الخصائص الفيزيائية والكيميائية للكويكب العلماء على تطوير استراتيجية لدرء خطره إذا ما اقتضت الضرورة.
وأطلق على سفينة الفضاء التي صممها العلماء لتحويل اتجاه الكويكب بينو اسم "هامر" أي "المطرقة" وهي كلمة مختصرة للتعبير عن "البعثة الفضائية للاستجابة الطارئة لتخفيف أثار الكويكب فائق السرعة"، ويصل طولها إلى تسعة أمتار وتزن 8ر8 طن، وقد تم تصميمها بحيث يمكنها القيام إما بدور "وحدة الارتطام اعتمادا على الطاقة الحركية" من أجل الاصطدام بالكويكب أو كمركبة لنقل قنبلة نووية.
ويقول العلماء الأمريكيون أن الطريقة المفضلة هي الارتطام بالكويكب بغرض تحويل مساره التصادمي مع الأرض، ولكن ليس بقوة كبيرة بحيث يتسبب الارتطام في تفتيته. أما طريقة تحويل مسار الكويكب عن طريق الانفجار النووي، فهي تقوم على إحداث انفجار نووي على مسافة من الكويكب، وليس على سطحه كما جاء في فيلم الخيال العلمي الأمريكي "أرماجادون" عام 1998.