[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
نجد ابراهام بن يعقوب يقول في (تاريخ يهود بابل ص82) ان الوالي الثاني عشر مدحت باشا، قد اعتمد المساواة في الحقوق الكاملة للدولة، ومنع مهاجمة اليهود، ويقول يوسف غنيمة من ولاة بغداد الذين افادوا اليهود في العراق مدحت باشا، وهناك الكثير من الكتابات التي تؤرخ للدعم الذي لقيه اليهود ابان حكم مدحت باشا، وكان قد شجع على تأسيس وتوسيع المدارس اليهودية، وفتح امام التجار ابواب التعاملات التجارية مع الدول الخارجية، وليس ثمة مآخذ نسجلها على فترة حكم مدحت باشا لبغداد، ولكن لابد من ذكر الحقائق التاريخية خاصة وان الاحداث اللاحقة اثبتت ان رجال يهود الدونمة في تركيا هم الذين قادوا الانقلاب الذي اطاح بالسلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909م، وهم يشكلون غالبية قيادة جمعية الاتحاد والترقي، وكشف السلطان عبد الحميد الثاني من خلال مذكراته، ان سبب عزله جاء لانه رفض السماح لليهود بالهجرة الى فلسطين، وكان قد رفض العروض التي قدمها اليه هرتزل اثناء مقابلاته معه (انظر: اورخان محمد علي، عبد الحميد الثاني بغداد 1987).
يقول حاييم كوهين في كتابه (النشاط الصهيوني في العراق):
لقد باشر مدحت باشا، الذي عين والياً لبغداد عام 1869، بفرض النظام والسلطة، فنجح الى حد كبير في ان يطبق شعاره، حرية، مساواة، عدالة..على جميع المواطنين، فقمع البدو الذين استوطنوا تخوم بغداد والجنوب، وانشأ في بغداد مدارس حكومية. وهكذا بدأ اليهود يشعرون بالأمن والطمأنينة، ولم يفارقهم هذا الشعور حتى عندما نقل من وظيفته في مايو/ايار 1872م.
وفي أيام مدحت باشا، اخذ اليهود يسكنون في مدينة الرمادي ومدينة المسيب التي انشيء فيها أول كنيس عام 1778م.
وفي عام 1870م بدأ اليهود يقطنون في مدينة العمارة التي أنشئت عام 1861، وفي عام 1881م انتهي من انشاء أول كنيس بها. وتم عام 1884م انشاء أول كنيس في (قلعة صالح).(انظر ديفيد ساسون، رحلة بابل، ص 154).
ويذكر حاييم كوهين، أنه في تلك الفترة ايضاً، كبرت الجاليات اليهودية في الحلة والبصرة، واصبح يقطن في الحلة (500) نسمة، وفي البصرة ارتفع عدد العوائل ليصل الى (1500) نسمة.
ويشير كوهين الى أنه في هذه الفترة –يقصد حكم مدحت باشا- شرع في تعيين اليهود لشغل مناصب القضاة وممثلين في المجالس البلدية في اماكن عديدة من العراق، كذلك وظف عدد كبير من اليهود في وظائف حكومية.(100)
ويمتدح اليهود ايضاً الوالي الثالث والثلاثين حسين ناظم باشا (1910-1911م) ويقولون ان اليهود تمتعوا ابان حكمه بالمساواة الكاملة ولم يتجرأ احد من التعرض لليهود.
وقبل ان نصل الى نهاية القرن التاسع عشر لابد من عرض ما قدمه الرحالة اليهودي (افاريم نيمارق) في رحلته الى العراق سنة 1848م وظهرت في طبعة منقحة بقلم ابراهام يعري في القدس سنة 1947م بعنوان (رحلة الى بلاد الشرق).)
يقول (افاريم نيمارق) يوجد في بغداد نحو 130 الفاً من اخوتنا السفارديين ولديهم نحو 30 كنيساً للصلاة وهي ذات بناء شامخ، وتشتمل هذه الكنس على 4او5 مناطق مخصصة للصلاة، وتدعى جميعها باسم واحد، ومن وجهاء الطائفة المعروفين بوجاهتهم وثرائهم الحاخام يوسف كورجي، الحاخام حييم جباي، والحاخام يعقوب شاؤول ويقطن هناك حاخامات بارزون حيث يجلسون في اليشيبات الكبيرة الواقعة ضمن الكنيس الذي يدعى بيت زيلخا المبني في الطوابق السفلى من الكنيس ويسكن كذلك القضاة في هذه الدار وفي الطابق العلوي يقيم نحو 15 حاخاماً والرباني المسن الكبير هو الحاخام عبد الله (عوبدياه) سوميخ (نشر له كتاب في بغداد سنة 1904م وذلك بعد وفاته بعنوان (الذبح الصحيح) وهناك اسماء اخرى مثل الحاخام ساسون سموخاه، الحاخام اليشع، حاخام موشيه هليل، وكان رئيس الحاخامات شلومو باخور حوتصين.
ويذكر عن انماط الحياة، فيقول ان اوضاع اخوتنا (اليهود) في هذه المدينة (بغداد) عجيبة، اذ انهم ومنذ حوالي 80 سنة (كانت زيارته سنة 1848 حسب ما تشير مقدمة الكتاب المترجم، اما طبعة القدس 1931 فتقول ان زيارته لبغداد كانت عام 1874م ولكن من الواضح ان هذا التأريخ غير دقيق لأنه ورد ان تلك الرحلة طبعت إبان الخمسينات من القرن التاسع عشر) قد انقسموا الى حزبين بخصوص انتخاب الحاخام الاكبر، وهما حزب الحاخاميين وحزب الاسياد، ومنذ ذلك الحين ولحد الان فانه قد توفي مؤسسو الاحزاب الأوائل وان هذا الخلاف في اوج كماله حالياً، وحتى لو انه قد يهدأ احياناً لعدة سنوات فانه حينذاك يثار بعد ذلك من جديد وبقوة اعظم، (يعلق على ذلك ابراهام يعري عام 1947 بقوله إن الخلاف مازال مستمراً حتى الآن.).