[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
الزمن اختلف، وهذا طبيعي ومنطقي أن لا تتكرر الأشياء، بل لا بد من التجديد حتى لا يأكلن العفن ماهو موجود ومتوافر.
لا نبعد عن السياسة بمعناها التخصصي .. ذلك أن حياتنا كلها سياسة حتى لو دخلنا في الطعام. من هنا أسمح لنفسي أن أطل على قضية تجرنا إلى مجموعة نقاط جوهرية.
كانت دول الخليج في الستينيات والسبعينيات وما بعدها وخصوصا المملكة العربية السعودية تتحكم بكل مسلسلات الدراما العربية .. وكان المنتجون العرب ينفذون أعمالهم ويكتب كتاب الدراما حسب المواصفات التي يضعها المنتج والمستوحاة والمأخوذة من الرقابة العربية التي أساسها دول الخليج كما قلنا .. فقد كانت الممنوعات مثلا أن لا يكون هنالك في أي مسلسل تدخين سجائر أو إشارة إليه، وإذا التقى ممثل بممثلة في مشهد ما فيجب أن يظل الباب مفتوحا ويشار إليه دائما على أساس أن ثمة من سيدخل فجأة، وأنه ما اجتمع رجل وامرأة في مكان مغلق إلا وكان الشيطان ثالثهما .. ثم إن شرب الكحول من أسس الممنوعات، وممنوع مثلا التعدي على كبير العائلة، سواء كان أبا أو الأخ الأكبر فيها، ثم إن القبلات ممنوعة ووضع اليد على كتف المرأة ممنوع .. وممنوع وممنوع وكثيرة كانت إلى الحد الذي أوجدت مسلسلات خالية تماما من كل إيحاءات وأبعاد .. وكان معلوما أن دول الخليج إذا لم تشترِ المسلسل فإن المنتج سوف يخسر بالضرورة، وعليه إذن أن يلتزم بتلك الممنوعات حرفيا.
ماذا تغير حتى بتنا نرى في المسلسلات العربية وخصوصا تلك التي تنتج في لبنان ما هو عكس ما كان مفروضا في الماضي؟ إذ بتنا نرى قبلات عادية بين الممثل والممثلة وصلت إلى حد النوم العاري في السرير بينهما، ثم شرب الكحول فحدث ولا حرج، إضافة إلى تعاطي السجائر وكل مشتقات المخدرات، إضافة إلى اللباس النسائي الذي يتجاوز الركبة بكثير، إضافة إلى عنصر المؤامرات التي تدخل في صلب المجتمع، وأحيانا التعدي على الأب أو الأخ الأكبر .. وهنالك مسلسلات تدعو بل تساعد على الخيانة الزوجية وتعتبرها عادية جدا، إضافة للعديد مما لا يمكن تصوره اجتماعيا وإنسانيا.
ما الذي تغير حتى تم تفجير كل الممنوعات القديمة في مسلسلات الدراما العربية واعتماد نقيضها؟ .. وكلنا يعلم أنه قبل الثورة الفضائية التي أدت إطلالة جميع الدول بأقنيتها على مدى الأربع وعشرين ساعة، وأنه لم يعد بالإمكان منع أو حجب أية محطة وبالتالي ما تنتجه عن شعوب المنطقة بل عن شعوب العالم، وقد صار التلفزيون من أسس البيوت وليس ما يكملها، بل تقول شتى الدراسات إن جيلا أو أكثر تعود ذائقته وتربيته إلى ما يقدمه هذا الجهاز، وإن تأثيره يتجاوز بكثير البيت وتربية الأهل وسلطة الدولة أو ما تعتمده من كتب في الأخلاق والتربية.
سألنا بعض من هم أهل الاختصاص فجاء الجواب تقريبا بأنه لم يصل حتى الآن من يعترض على المسلسلات "الشاذة" تلك، بل أخبرنا أحدهم، أن هنالك موافقة ضمنية من كثيرين على تلك الأنواع من المسلسلات من أجل إخراج المجتمعات المقيدة بتابو وبأفكار قديمة العهد إلى ما هي الحياة على طبيعتها كما هي مسلسلات الغرب وأفلامه التي تنطلق من مفاهيمه الاجتماعية والإنسانية وتجسدها تماما، بل إن المسألة الأخلاقية فيها لا تعتبر أخلاقية قياسا بحياة ذلك العالم وظروفه الاجتماعية.
فهل نحن بالتالي خارج السياسة أم في صلبها؟؟!