التأكيد السوري على استكمال تحرير الأرض من الإرهاب ومن مخططات التقسيم ومشاريع التدمير والتخريب لا يعبِّر فقط عن أن الدولة السورية (شعبًا وجيشًا وحكومةً) متمسكة بمواقفها وخياراتها القومية، ومستعدة لمزيد من التضحيات نحو تحقيق هذا الهدف السيادي والحق القانوني، وإنما يعني في جانبه الآخر هو إرسال رسالة حازمة وصارمة إلى ذوي مخطط تدمير سوريا واستهدافها بأن القضايا القومية والثوابت الوطنية والمسائل الأمنية لا تخضع للمساومات والابتزازات، أو بتنازل هنا مقابل تنازل هناك، ومن ضحى بالغالي والنفيس من أجل مبادئه ومواقفه وثوابته وقضاياه القومية والوطنية والأمنية لن يتنازل عن ما حققه من إنجازات ومكتسبات على هذا الصعيد، بل هو مستعد أن يضاعف تضحياته حتى آخر قطرة دم.
الرسالة السورية التي جاءت على لسان الرئيس السوري بشار الأسد في المقابلة التي أجرتها معه قناة "روسيا اليوم" جاءت صريحة ودون مواربة، وتؤكد العزم السوري على استكمال تطهير ما تبقى من الأراضي السورية التي لا تزال مصابة بداء الإرهاب، والتي حولتها التنظيمات الإرهابية إلى بؤر للفساد والقتل والنهب والتدمير والتخريب، وكذلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الشراكة بين تنظيم "داعش" والميليشيات الانفصالية المسماة بـ"قسد" والتي تراهن عليها الولايات المتحدة في تحقيق مخططها التدميري والتخريبي ضد سوريا والذي بدت تفاصيله واضحة منذ أول طلقة غادرة وجهت إلى صدر الدولة السورية، وإلى جيشها العربي الباسل، وإلى مراكزها الأمنية، والقواعد والمطارات العسكرية وأنظمة الرادار، وكذلك من خلال استباحة دماء الشعب السوري بجلب إرهابيي العالم وتكفيرييه ومرتزقته، وتدريبهم على القتل والإرهاب والتدمير والتخريب وتسليحهم، وتزويدهم بكل ما يحتاجون لمواصلة هذا المخطط الإرهابي التكفيري التدميري.
التحذير الأميركي الذي جاء ردًّا على الرسالة السورية الواضحة والصارمة والحازمة من أي عمل عسكري للدولة السورية تمارس به حقها السيادي والقانوني والشرعي في المناطق الخاضعة للسيطرة المشتركة بين "داعش" و"قسد" والمناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" وحدها، يؤكد النيات الأميركية الخبيثة المبيتة ضد سوريا، والعزم على الاستمرار في مخطط تقسيمها وتدميرها، علاوة على أن المخطط ذاته هو أميركي ـ صهيوني، وما عدا الأميركي والصهيوني ليس سوى أدوات خادمة، لها وظيفة التنفيذ ليس إلا.
من الواضح أن الصهيو ـ أميركي باتا على يقين أنه مخططهما يقترب من نهايته، وأصبح في نزعه الأخير، خصوصًا بعد تمكن الجيش العربي السوري من تأمين العاصمة دمشق، وتطهير محيطها في الغوطة وحمص والحجر الأسود وجوبر ومخيم اليرموك، مع اليقين التام بأن الصهيو ـ أميركي أن قناعتهما بانهيار مخططهما وانكسار مشروعهما بدأت منذ تطهير مدينة حلب واستعادتها إلى حضن الوطن السوري الأم. لذلك وأمام هذا الراهن المستجد في حرب الدولة السورية على الإرهاب ومواجهة مخطط تدميرها وتقسيمها، لم يبقَ أمام من يراهن عليهم الصهيو ـ أميركي في إنجاح مخططهما أن يستلهموا الفرصة وينتهزوا العرض الذي جاء في طي الرسالة السورية وعلى لسان الرئيس السوري، فكما أكدنا أن قضايا الأمن القومي والثوابت الوطنية والحقوق السيادية والقانونية والشرعية لا مساومة فيها، فضلًا عن أنها الفرصة الملائمة لهم للهروب من عار لن يمحى.