[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/uploads/2017/03/rajb.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. رجب بن علي العويسي[/author]
في وطني عمان يتغنى الجمال بأنشودة السلام، حاملا معه للعالمين رسالة الحياة الماجدة في أمنها وأمانها واستقرارها ووئامها فتطرب له الأنفس حبا فيه وشغفا إليه واقترابا منه، وبين أرضه وسمائه يتعانق الحب الذي هو غراس حياة، لكل من سكن أرضه أو عاش على ترابه، ليجد الحنين لكل شبر فيه أُلفة في النفس واحتواء، تتعايش فيه الإنسانية وتنشط فيه عزائم الود وروابط الروح وقيم التناغم والتقارب، فلا مذهبية تفرقنا، ولا حزبية تشتتنا، بل إخلاص للوطن، وانتماء له، وولاء للقائد المفدى جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ، تتجسد في منهج التقارب بين القيادة والشعب؛ تلك الروح القيادية السمحة التي غرسها جلالته ـ حفظه الله ـ وهو يدعو شعبه بلحمة الوطن، أيها المواطنون تارة، وأيها الشعب تارة أخرى، ويا أبناء عمان في موضع آخر، فالجميع فيه كقلب رجل واحد، متكاملة أركانه، متماسكة قواعده، مقدسة أرضه، شامخة مبادئه.
في وطني ميلاد لحياتي الجميلة، لحكايتي في أزقّة قريتي الصغيرة، وبين جدرانها المهذبة بلون الضياء، أقرأ فيه نفسي، واستذكر فيه دروسي، وأفهم فيه ذاتي، وأسجل خلاله مواقفي وذكرياتي، وآمالي وأحلامي، وأعمالي ونجاحاتي، لأشدوها بألحان الوطن الخالدة ، وأنشدها بلغته الجميلة، بلحن الحب والسلام، والتنمية والتطوير، بجمال الثامن عشر من نوفمبر يوم مولد سيدي السلطان قابوس، ويوم الثالث والعشرين من يوليو يومٌ جلس فيه على كرسي العرش، واعدا أبناء شعبه الوفي بمستقبل أفضل وحياة سعيدة ، فبزغ في أرض عمان النور مبشرا بحياة سعيدة نعيشها اليوم فضلا من الله ونعمة.
كل شيء في وطني جميل، فأينما اتجهت أرى ابتسامته تضيء لي طريق حياتي، يحتضنه قلبي، وتعشقه نفسي، إنه ملاذي وجنتي وأرضي وسمائي، كبرت وأنا على ترابه أنشد المستقبل، وتعلمت وأنا في مدارسه أقرأ أنشودة الأمل، وأسعى لبلوغ ذرى المجد، فتعلمت في منابر العلم حياة العدالة وروح النظام وجودة الفكر، يبني لي الحياة مجدا، ويسمو بتعليمي نُبلا، ويهمس في نفسي لأكون في قوة إرادة، وعزيمة عطاء، وشموخ إنجاز، وعطرا يزين عبيره حياتي الجميلة، أزاهير عطاء خالدة تتجلى في محطات حياتي وحياة كل أبناء عمان الأوفياء، لتعيد إلى ذاكرة النفس نهضة عمان الماجدة التي أسدلت على سنوات الحزن ستاره، فتغير مشهد الحياة في اتساع أُفُقه ونهضة إنسانه، يبني ويعمل، ويحمل ساعد البناء، روح متجددة وأنفس تواقة لخدمة الوطن، شغوفة بأن تقدم لأجله الغالي والنفيس، في إرادة لا تحمل الضجر ولا تعرف اليأس ولا يعتريها الخمول، فلا حزن في وطن السلام ولا ضغينة في موطن المعروف.
في وطني تشرق ابتسامة الأمل في محياه بهاءً، وتهدي أنشودته العذبة المغناة من عصافير الحياة الجميلة وطفولتها العذبة الرائعة ترانيم وطن تغرد بحب عمان: الله والوطن والسلطان، في سمفونية إبداع وبوح مشاعر فداء، قيماً رفيعة، ومعانٍ نبيلة، وأنفسٍ تنشد الثريا في مضمار العطاء ، حفاظا على أرض عمان وترابها الطاهر، نمتطي في وطني شموخ النجاح، ونبني في ظله ثوابت الإنجاز، ونقطف من خيراته ورود العطاء، يسمو بأرواحنا حيث النور لاح، أمنيات جميله، وحياة مجيدة، ليهنأ لنا الوطن وينتعش به الجمال، يغرد حيث الحب والأمل، والصفاء والنقاء.
في وطني لغة التقاء وحوار جامعة، ورسالة للحياة راقية، وبلوغ إلى الثريا في مداها واسعه، لا يعرف للخلاف فيه مكانا، واختلاف الأفكار محطات بناء، وطريق لتصحيح المسار، ومساحات لممارسة الهدوء وعيش الاتزان، وضبط النفس واصلاح الخلل، وقياس التصرفات، وفق موازين القيم والأخلاق، وتحقيق الصالح العام، والإعلاء من شأن الإنجاز والرقى به وامتهانه كسلوك حياة، لنقرأ في صفحات الوطن الماجدة عبارات التوازن وحكمة التكامل في ماضيه الناصع ومستقبله الزاهر، وبين سطوره تفاصيل تأملات للحياة السامية التي نعيشها في عمان، القائمة على نبل التعايش وصفو الوداد، لتصبح عمان لغة التعبير عن مشترك الحب بيننا والاحترام لخصوصياتنا، صفحة بيضاء صافية نقية خيّرة، يتنافس أبناء وطني في الحصول على قصب السبق في الوفاء لها والالتزام بمنهج العمل بها، إنهم يقرأون الوطن في عفة الكلمة وطهر الأسلوب وذوق العبارة ورقي الممارسة وسرور الفكرة وجودة العمل ووحدة الهدف وغاية القصد وطريق النجاح، في إعلامهم الواعي واحترامهم المتسامي وسياستهم التي تحمل قلب الوطن النابض وفاء لإنسانية الإنسان، ويفهم لغتها أبناء عمان فيلتزمون هويته ومبادئه وأخلاقه في كل محطات التواصل العالمي والحوار في إدارة ملفات العالم المعقدة.
في وطني مآثر عظيمة، وحضارة ضاربة في عمق التأريخ، أدى فيهاالعمانيون أروع أمثلة التميز الحضاري، والتفوق في إدارة قضايا العالم والتعامل مع أحداث المنطقة، وأبلغ شواهد الإنجاز الفكري والعلمي والحضاري والأخلاقي، في أنصع سيرة , واصفى سيرة ، في رموز علمية وحضارية سباقة بابتكاراتها في علوم اللغة والسياسة والإدارة والفقه والقضاء وغيرها، وأنتجت عمان للعالم نماذج خالدة في التسامح الفكري والتسامي الأخلاقي والتعايش المذهبي، عمّت بنفعهم البلاد والعباد، وها هي عمان اليوم أنموذج حضاري واع لمسار هذا التحول ومعطيات هذا الواقع في حياديتها، وتوازن سياستها، وحكمة قيادتها، وصدق مبادئها ، وسعيها لبناء عالم يسوده السلام ويعيش انسانهالتنمية والاستقرار.
في وطني انجاز شامخ، يصعب إحصاؤه أو حصره أو اختصاره ، في جمال رونقه وجلال مشهده، تمتزج فيه الحكمة العمانية بالخبرة في إدارة التحولات الحاصلة في عالمنا المعاصر ليبقى المشهد العماني شاهد إثبات على ما صنعته النهضة من أجل الإنسان، وما أوجدته فيهم من سلوك الوعي، في وحدة صفهم وتكامل مسيرتهم، وتقاسم مشتركهم، وترابط لحمتهم، حبا لعمان ووفاء لإنسانها، تجدد في النفس الهمم، وتبعث في أبناء وطني شعورا بجميل تحقيق الأمنيات الحالمة وصناعة الأفكار الراقية، في ظل حوار وتسامح وتواصل وتعايش، تعلوهم سمة الهدوء وتقدير الإنجاز، واحترام العمل بروح الفريق الواحد، تؤصل مسار أدائهم مشاعر الود والإخاء، فيغرّد النجاح ليزرع فينا حماس العطاء الممدود، ينهض بعزائمنا حيث التنمية، تحتوينا نسمات الوطن، وتأسرنا ألحانه، وتبهجنا ابتسامته، وتطربنا أغانيه، وتبهرنا إبداعاته وخيالاته ولوحاته الفنية التي تحمل جمال قلاعه وحصونه، وسفنه ومراكبه، ووديانه وأفلاجه، وسهوله وصحاريه، وجباله وهضابه، لتزيدنا من شغف البحث في ثرواته ، والغوص في أعماقه، لنتسابق في شرف خدمته بلا توقف.
في وطني تتمازج الأهداف وتتناغم حلقات العمل، وتبرز أصالة العمانيين وأخلاقهم في لحمتهم الوطنية، ولقد أثبتت الأنواء المناخية جونو وميكونو وغيرها التي مرت على أرض عمان،حقيقة ترابط أبنائها، متحدون بالشدائد، متضامنون في الصعاب، متفاعلون في مواجهة التحديات، أصحاب خبرة وتجربة ودراية في التعامل مع الأزمات، صغيرهم وكبيرهم، مدنيهم وعسكريهم، رجالهم ونساؤهم ، إنهم يحملون الوطن في عقيدة حياتهم، وضمائرهم التي يعيشون بها في عالم متغير وظروف متغايرة، لقد أثبتوا خلالها بأن دافع الإرادة وحس المسؤولية وحسن الإدارة، والوقوف صفا واحد مع القيادة، هي تعابير صادق عن فلسفة حب الأوطان، والانتماء لعمان والوفاء لإنسانها، فبهم عمان تتكاتف كلها، وهي مستعدة برجالها الأوفياء وأبناءها المخلصين، فطوبى لهم من أمة ضربت أروع الأمثلة في الولاء والانتماء والتضحية والفداء والتعاون والشراكة.
وطني عُمان، بحبك نرتوي، وبجمالك نتغنى، وبنسيم هواك نتنفس، ما أجملك صباح مساء، فجرا عصرا، نقبّل ترابك، ونحتضن حبك، ونردد صوتك، ونهتف باسمك، ونفاخر العالمين بك، منحت نفوسنا السعادة، ورققت قلوبنا سماحة وزيادة، وها أنت دوما عطاء للجمال، نبض للنفوس المطمئنة، واحتواء للأرواح العطشى لثرى الأمن والأمان، لقد فاز الجمال بك، وانحنى يقبل أرضك، في عشق عذري، ورقي فكري، وسكينة روح، فلنكن له همم معطاءه وأرواحٌ وثابة، وأنفسٌ تواقة، وأفكارٌ بناءه، نمتطي الثريا لأجله، ونعتلي المجد لحمل رايته، لتهنأ النفس بحبه، وتسعد الروح بنبضه، وتنتعش الحياة وفاء وإجلالا لقدره.

د. رجب بن علي العويسي
[email protected]