رغم ما خلفته الأنواء المناخية الاستثنائية "ميكونو" من أضرار جسيمة إلا أن ما تلا انقشاع هذه الأنواء من تضافر للجهود أعاد الثقة للأنفس المثقلة بهموم شتى، وأكد القناعة المطلقة بحتمية التماسك واللحمة الاجتماعية، عبَّر عن ذلك تلك السواعد الفتية التي تقود عملية إصلاح الأضرار وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، بل وإلى الأفضل والأجمل ـ بإذن الله ـ وكذلك سواعد التطوع والتكافل، والتي رسمت جميعها صورة وطنية تحتذى على صفحة هذا الوطن العزيز، لتؤكد أصالة معدن العماني، وأنه على الدوام عند الشدائد، وفاعل وحاضر بخيره وعطائه وجهده في السراء والضراء، وكل ذلك مشفوع بالإيمان بالقضاء والقدر وبقدرة الإنسان العماني على تخطي المحن مهما كانت جسامتها.
فكم هو مثلج للصدر أن ترصد عين الحقيقة لحظة بلحظة الجهود القائمة والمبذولة على صعيد إصلاح الأضرار وإعادة الحياة إلى طبيعتها في محافظتي ظفار والوسطى، حيث كل جهة وكل فرد يقوم بواجبه الوطني في مجاله، مشكلين بذلك خلية نحل، فالمنجز من أعمال الإصلاحات بلغ نسبًا طيبة بالمقارنة مع حجم الأضرار التي خلفتها الأنواء المناخية.
إن بشائر عودة الكثير من الخدمات الأساسية في محافظتي ظفار والوسطى تترى بفضل الله وتوفيقه، وبفضل سواعد البناء في قوات السلطان المسلحة وشرطة عمان السلطانية والوزارات الخدمية والمؤسسات البلدية، وكذلك المؤسسات الأهلية والمتطوعين، مكوِّنين صحوة إنشائية يسهم فيها كل جانب بنصيب.
فعلى صعيد الجهود المبذولة من قبل قوات السلطان المسلحة، يواصل الجيش السلطاني العماني مهامه المنوطة به، حيث قام سلاح إشارة قوات السلطان المسلحة بنقل أجهزة اتصالات إلى المناطق الغربية بمحافظة ظفار، بهدف إعادة تشغيل وإصلاح منظومة الاتصالات بالأقمار الاصطناعية حتى يتم إصلاح وتأهيل الأبراج المتضررة من الأنواء المناخية الاستثنائية، فيما تواصل الخدمات الهندسية دورها في شق الطرق وإصلاح الجسور وغيرها، وبدورهما قام سلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية بنقل مولدات الطاقة الكهربائية والوقود إلى المناطق الغربية بالمحافظة من أجل دعم قطاع الكهرباء ومحطات الوقود في تلك المناطق، وحتى يتم إصلاحها.
أما المؤسسات الخدمية الخاصة فمستمرة هي الأخرى في تقديم خدماتها، وحسب الرئيس التنفيذي لشركة كهرباء المناطق الريفية فإن الشركة تعمل بشكل متواصل على إعادة خدمة الكهرباء لولايتي ضلكوت ورخيوت بمساندة الجيش السلطاني العماني وسلاح الجو السلطاني العماني والبحرية السلطانية العمانية، حيث تمكن الفريق الفني للشركة من توصيل الكهرباء لمحطة التحلية بولاية ضلكوت وتشغيلها بشكل جزئي إلى جانب تغذية بعض المنازل في الولاية وجارٍ العمل لتوصيل أجزاء أخرى من المدينة ونقل بعض المولدات الكهربائية إلى ولايتي ضلكوت ورخيوت، وإصلاح وإعادة التيار في مناطق مختلفة من ولايات المحافظة المتضررة من الأنواء المناخية.
ما من شك أن هذه التضحيات، وحبات العرق المسكوبة على تراب هذا الوطن العزيز، تجعلنا نحن العمانيين جميعًا نشعر بالاعتزاز والاعتداد بالذات، والاستعداد لتحمل أعباء المسؤولية ونبذ الاتكالية، فكل الشكر لمن بذل وضحى وأعطى من أجل هذا الوطن الغالي، ونسأل الله أن يجزيه عنا خير الجزاء.