[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
بما أنني عشت أبرز حدث في حياة الأمة العربية قلت عنه البارحة انه رغم السنوات الطويلة التي مرت عليه مازال يقف وراء بعض تفاصيلنا، أود أن أقدم لأجيال لم تعش تلك المرحلة ولا هي، ربما، قرأت عنها في كتب خاصة، صورة بالأبيض والأسود عن لحظات فائقة الأهمية للهزيمة العربية في الخامس من يونيو 1967 .
صبيحة ذلك اليوم كان كل شيء تبدل في مصر بعدما نجحت الطائرات الاسرائيلية في ضرب مطارات مصر وفي تدمير الجزء الاكبر من طائراتها الحربية. انكشف الجيش المصري تماما .. صحيح ان المعركة استمرت ستة ايام بعدها، انما كانت فقط من اجل ان يصل الجيش الاسرائيلي الى الضفة الغربية لقناة السويس .. وبعدها قام الجيش الاسرائيلي بهجومه الكبير على الجولان السورية ومن ثم الضفة العربية .. كل هذا الاتساع من الجغرافياة صار بيد اسرائيل ..
في تلك الايام ونحن كنا في مرحلة الشباب، ظننا ان قضية الخسارة العربية الفادحة انما منبعها فقط الواقع العسكري العربي .. يومها ذهبت الى جامعة بيروت العربية التي هي فرع لجامعة الاسكندرية في بيروت ووقفت في طابور من الشباب الذين قيدوا اسماءهم للقتال الى جانب الجيوش العربية. ضحك علينا من سجل اسماءنا لأنه كان يعرف ماذا تخبيء المعارك وماذا نتج عنها من كارثة عربية لايمكن وصفها.
كيف نصدق ماجرى وكنا جميعا نعيش تعبئة تقول بان القضاء على اسرائيل تحصيل حاصل وانه مجرد ساعات، فاذا بالساعات تنقلب علينا .. كنا نتمشى في شوارعنا كالسكارى غير مصدقين لتلك الهزيمة المرة .. كيف ينهزم عبد الناصر وهو الذي بعث فينا الأمل بتحرير فلسطين .. صحيح انه عربي مصري، لكنه صار الفلسطيني الاول الذي اعتقدنا قدرته الفائقة بصنع التحرير.
في الخامس من يونيو 1967 انهار عالم امامنا، لم يكن بالامكان استيعاب نتائجه .. كنا نستمع لاذاعة " صوت العرب " المصرية ولكل الاذاعات المصرية التي كانت تتحدث عكس ماكان يجري حقيقة، فيما كانت اذاعة لندن مثلا تقول " الحقيقة " نقلا عن اسرائيل ومن ثم عن العرب، ولم نكن لنصدق ان عبد الناصر سيهزم، وان التكالب عليه الى هذا الحد، وان دولا بكاملها اجنبية وعربية وعلى رأسها الولايات المتحدة حاربته وليست اسرائيل فقط من اجل اسقاطه، تماما كما يفعلون اليوم مع الرئيس السوري بشار الاسد .. لكننا صدقنا الهزيمة يوم استقال عبد الناصر، الذي اعيد الى سدة الرئاسة بناء على ضغط شعبي مصري وعربي .. عاد الرجل مكسور الجناح حتى ان شكله الخارجي كانت قد غيرته ايام الحرب ولو انها قليلة العدد، فهو تحملها بجسده، وعقله .. وما زلت اذكر قولة وزير الدفاع الاسرائيلي آنذاك موشيه دايان الذي جلس ينتظر اتصال عبد الناصر بالقيادة الاسرائيلية من اجل الاستستلام. لكن صدقوني لم يكن واردا هذا الأمر مع زعيم انشغل منذ الساعات الاولى للهزيمة على الاستعداد لمعركة جديدة يعيد فيها ماتم اغتصابه من ارض.
الحياة معارك بالتالي، وقد خضناها باشكال مختلفة حتى وصلنا الى المرحلة الحالية المليئة بالمعارك والتي على اساسها يراد تغيير شكل الأمة واسقاطها، لكن هيهات.