تقرير: السلطنة احتلت المرتبة 33 عالميًا والـ 4 عربيا في تقرير التنافسية لعام 2014
المنامة ـ "الوطن":
تتزايد دعوات التغيير في الهياكل الاقتصادية عبر بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصة في البلدان الخليجية، حيث يتطلع المواطنون لاقتصاديات أكثر ديناميكية واحتوائية يمكنها توفير فرص أكبر ووظائف أكثر.
وفي نفس الوقت تتزايد أهمية الحاجة إلى تنويع الاقتصاديات في هذه البلدان مصحوبة بزيادة تشغيل المواطنين في القطاع الخاص. وتواجه هذه البلدان منافسة متزايدة من مصادر جديدة للهيدروكربونات على مستوى العالم، وخصوصا أميركا الشمالية، ويمكن أن يؤدي انخفاض الإيرادات النفطية إلى إضعاف قدرة الحكومات على الاحتفاظ بمستويات مرتفعة من العمالة في القطاع العام.
ووفقا لدراسة حديثة لصندوق النقد الدولي، فإن التحول الاقتصادي يمثل عاملا رئيسيا لتعزيز تنافسية دول المنطقة، حيث تتمتع البلدان المصدرة للنفط في المنطقة بدرجة أعلى من التنافسية، لكن مستوى تنافسيتها آخذ في التراجع، وخاصة في بعض دول مجلس التعاون الخليجي ومن شأن هذا أن يضر بجهودها الجارية لتنويع الاقتصاد وقدرتها على توفير وظائف جديدة للمواطنين في القطاع الخاص.
ومن شأن زيادة التنافسية أن تسمح للصادرات غير النفطية في هذه البلدان ـ ولا سيما التي تحقق ربحا وتتسم بقيمة مضافة أعلى ـ بالمنافسة في الأسواق العالمية والمساعدة على دفع عجلة النمو المنشئ لفرص العمل والذي تقوده الصادرات.
ووفقا للتقرير التنافسية للعام 2014، تقدّمت كل من السلطنة والسعودية وقطر والإمارات على كافة الاقتصاديات العربية من حيث التنافسية، كما تربّعت هذه الدول على عرش الاقتصاديات العشرين الأفضل تنافسية في العالم، إلى جانب عدد من الاقتصاديات الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا. وبحسب تقرير التنافسية العالمي الذي يشمل 148 دولة في العالم، فقد احتلت دولة قطر المرتبة 13 تليها على الصعيد العربي دولة الإمارات التي احتلت المركز 19 ثم المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة 20 على مستوى العالم. وجاءت السلطنة في المرتبة 33 عالميًا والمرتبة الرابعة على مستوى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، محافظة على مركزها، الذي أحرزته العام الماضي.
وقد رصد التقرير انعكاس التغيّرات والتطوّرات الاقتصادية فى هذه الدول، حيث يقسّم الوضع الاقتصادي فيها إلى ثلاث مراحل رئيسية وبينها مراحل انتقالية. وتتمثّل المرحلة الأولى في الاقتصاد القائم على الإنتاجية كمحرّك رئيسي، والمرحلة الثانية في الاقتصاد القائم على فاعلية الأداء، أما المرحلة الثالثة فتندرج تحتها الدول التى يقوم اقتصادها على الإبداع والابتكار. ووفقًا للمرتبة التي حصلت عليها السلطنة هذا العام، يوضّح التقرير أنها تندرج ضمن المرحلة الانتقالية من الدول التي يكون فيها الاقتصاد قائمًا على فاعلية الأداء إلى الاقتصاد القائم على الإبداع والابتكار، حيث حقّقت تقدّمًا ملحوظًا في نتائج العديد من المعايير المستخدمة لتقييم أداء التنافسية الاقتصادية.
ويعتمد مؤشر التنافسية حسب التقرير على اثني عشر متغيّرا رئيسيا هي الإطار المؤسسي، والبنية الأساسية، والمناخ الاقتصادي العام، وقطاع الصحة والتعليم، وقطاع التعليم العالي والتدريب، وكفاءة الأسواق، وسوق العمل، وكفاءة أسواق المال، والجاهزية التقنية، وحجم القطاع الخاص، والابتكار والتطوير. ويندرج تحت كلّ من هذه المتغيّرات معايير فرعية ذات صلة وثيقة بأداء الاقتصاد في أي دولة.
وتتطرق دراسة صندوق النقد الدولي إلى سبل تعزيز التنافسية، ويحدد أربع مجالات رئيسية لتحقيق ذلك:
البنية التحتية: عادة ما يكون مستوى التنافسية أعلى في البلدان التي تعتبر خدمات البنية التحتية فيها عالية الجودة. ويمكن أن يؤدي تحسين البنية التحتية، مثل الطرق والسكك الحديدية والموانئ والمطارات، إلى تحسين قدرة الشركات على الاتصال بالأسواق المحلية والأجنبية، مما يمكن أن يُحْدِث تأثيرا كبيرا على الإنتاجية والنمو. وفي كثير من بلدان الشرق الأوسط لا تتسبب البنية التحتية الضعيفة في إعاقة حركة العمالة فقط، وإنما قدرتها الإنتاجية أيضا، وذلك على سبيل المثال من خلال عدم كفاءة حركة السلع والخدمات إلى الأسواق وعدم استقرار إمدادات الكهرباء وشبكات الاتصالات. وعن طريق الاستثمارات العامة الكفؤة والموجهة بدقة، يمكن الإسراع بتعزيز جودة البنية التحتية وزيادة فعاليتها.
رفع مستوى التعليم والتدريب: عادة ما تكون التنافسية أعلى أيضا في البلدان ذات القوة العاملة المؤهلة. ورغم الزيادات الملحوظة في معدلات الالتحاق بالتعليم، فإن جودة التعليم عبر بلدان المنطقة أقل بكثير من مثيلتها في البلدان الصاعدة والنامية الأخرى. وبالتوسع في التعليم الثانوي وما بعد الثانوي وتحسين جودته، وكذلك التدريب المهني وأثناء العمل، يمكن رفع قدرة العمالة على أداء مهمات معقدة والتكيف بسرعة مع تحرك الشركات إلى أعلى سلسلة القيمة متجاوزة عمليات الإنتاج والمنتجات البسيطة. ويمكن أن يدعم هذا توظيف المواطنين (أكثر من الوافدين) في البلدان المصدرة للنفط، لأن مهاراتهم الجديدة يمكن أن تؤدي إلى زيادة أرباح الشركات.
تطوير السوق المالية: كذلك تعتمد التنافسية على توافر رأس المال بشكل فوري. ومن الملاحظ في بلدان المنطقة إن ائتمان القطاع المصرفي مركز في شركات معينة. بل إن معظم الشركات في المنطقة تشير، حسب مسوح الشركات الصادرة عن البنك الدولي، إلى أن محدودية فرص الحصول على التمويل تمثل العقبة الرئيسية أمام ممارسة الأعمال. وتؤدي سهولة تدفق رأس المال إلى تيسير عمل الشركات، وقدرتها على التوسع، وانتقالها إلى عمليات إنتاجية أكثر تطورا. ومن المتطلبات الحيوية في هذا الخصوص وجود قطاع مصرفي سليم، وأسواق أوراق مالية تخضع لتنظيم جيد، وتوافر رأس المال المخاطر ومنتجات مالية أخرى.
كفاءة سوق العمل: غالبا ما تزداد التنافسية حين يكون لدى العمالة حوافز لبذل قصارى جهدها في العمل. ويمكن تعزيز مثل هذه الحوافز في بلدان دول المنطقة من خلال الإصلاحات التشريعية التي تسهل انتقال العمالة بين الوظائف في مختلف القطاعات الاقتصادية، وتشجع إسناد المناصب لأصحاب الجدارة، وتسمح بمرونة الأجور مع الحفاظ على مستوى كاف من الحماية الاجتماعية.
وترتبط التنافسية ارتباطا وثيقا أيضا بعدة عوامل أخرى. ومن بينها الإصلاحات التي تيسر دخول الشركات إلى السوق وخروجها منه، وتعزز الهياكل التنظيمية والقانونية (بما في ذلك آليات الإعسار وحقوق الدائنين)، وتدعيم الحوكمة الرشيدة، وكلها يمكن أن يعود بنفع كبير على بلدان المنطقة.