[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
عند عبور نهر دجلة من جهة الغرب وعلى نصف ساعة من مدينة بغداد، يوجد بناء جميل يضم في داخله قبر يهوشع بن يهوتصيدق الكاهن الكبير، ويقول بعض المؤرخين انها لظاهرة شائعة في بغداد ان ترى طفلاً من عامة الشعب يرجم اليهودي بالحجارة او يضرب المسلم اليهودي على خده، كما ان اخوتنا قد اعتادوا على هذا الامر فلا يتقدمون بشكوى الى القضاة الذين يقفون الى جانب الساكن ويحكمون له ضد اليهودي حسب القضاء التركي. ونجد ان (افاريم نيمارق) يتحدث عن احوال سيئة، يعيشها اليهود في مرحلة، تشير اغلب المصادر الى انهم كانوا يعيشون بصورة جيدة، خاصة بعد حكم مدحت باشا، وللدعم الذي يلقونه من اروقة القصر السلطاني في الاستانة وقادة الجيش، الذين كانت غالبيتهم من يهود الدونمة، ولا توجد مصادر تؤيد ما ذهب اليه وبالاخص في تلك الفترة.
وزار الرحالة اليهودي مدينة الحلة، وذكر انها تقع على بعد يومين من بغداد ويقطن فيها حوالي 200 من اليهود اما الذباح والمراقب هناك فهو الحاخام موشيه وتبعد منطقة الكفل حوالي 5 ساعات عن مدينة الحلة ويوجد فيها قبر النبي حزقيال، واقيم على هذا القبر كنيس فخم وفي احدى غرفه توجد مغارة تدعى (مغارة الياهو) كما توجد بجوار هذا القبر 4 قبور اخرى تابعة لغاؤونيم من زمن غاؤونيم بابل، والذين اختفت اسماؤهم في الوقت الحاضر، وهذا النبي مقدس في نظر المسلمين من ساكني القرية، فكلما اصابتهم حادثة جاءوا الى هذا الكنيس كي يصلوا فيه.
اما في منطقة الهندية والمسيب فيوجد في كل منهما حوالي 20 من اليهود، ويوجد في مدينة كربلاء حوالي 10 من اليهود من اصحاب العوائل.
مع اقتراب نهاية القرن التاسع عشر، توسعت المدارس اليهودية ففي سنة 1893م انشئت جمعية الاتحاد الإسرائيلي مدرسة لتهذيب البنات، وشمل ذلك التوسع المدن الكبيرة الاخرى، التي تضم اعداداً من الجالية اليهودية ففي سنة 1903 أنشئت مدرسة في البصرة وفي سنة 1907م تأسست مدرسة في الحلة، وفي العام ذاته أنشئت مدرسة في الموصل وفي سنة 1910م في مدينة العمارة لوجود قبر النبي عزرا هناك، وقد ساعدت مدارس الاليانس على رفع مستوى اليهود العلمي، ومثلوا في اول مجلس مبعوثان (بعد دستور عام 1876م) وفي ثاني مجلس مبعوثان (بعد دستور 1908م) (يهود البلاد العربية، د.علي ابراهيم وخيرية قاسمية ص46( . وقد انتخب من يهود بغداد في مجلس المبعوثين سنة 1876 مناحيم افندي دانيال فسافر الى الاستانة وحضر جلساته.
يقول يوسف غنيمة: كان اليهود عائشين في حرية، ولم يكدر صفاء حياتهم منذ ولاية مدحت باشا الا حادث واحد سنة 1889م في عهد ولاية مصطفى باشا، وهو حادث دفن الربان عبد الله سوميخ، فأن الطائفة ارادت دفنه في مقبرة يهوشع كوهين كادول (نبي يوشع)، الا ان هذا الامر لم يرق في عيون سكان بغداد من العامة، لانهم كانوا يدعون بملك هذا المقام، فاستفحل الامر فاضطر القوم الى نقل رفات فقيدهم الى مكان اخر، وتدخل عقلاء المسلمين وكبارهم وسكنوا العامة، فلم يحدث ما كان يحاذر منه وهذه ميزة مسلمي العراق فانهم كانوا في كل حين يظهرون بهذا المظهر من الشمم مع اليهود والمسيحيين في المواقف الحرجة.
اما تلك القصة وتفاصيلها فيذكرها ابراهام بن يعقوب على الوجه الاتي يقول: توفي الرباني عبد الله سومخ في الثامن عشر من ايلول سنة 1889م وحدث جدال حاد حول موته، والذي هز اليهودية العالمية عامة ويهود بابل (العراق) والاستانة خاصة، وقد توفي الرباني متأثراً بمرض الطاعون، الذي انتشر في المدينة في تلك السنة، وقد كان يحكم بغداد حينذاك الوالي مصطفى عاصم باشا الذي كان عدواً لليهود، فحينما اراد اليهود دفن ربانيهم في ساحة قبر يهوشع الكاهن الكبير الموجود في منطقة الكرخ غرب بغداد، وحصلوا على اذن من اجل ذلك، ونظموا له موكباً كبيراً واثناء دفنه انهال العرب بقيادة رئيس جانب الكرخ ونشب نزاع بين العرب واليهود، وبعد ذلك نجح اليهود في دفن الرباني دون ان يعرف العرب بذلك، ووشى العرب باليهود امام الوالي وقالوا انهم هاجموا المسلمين وتمردوا على الإمبراطورية، وسجن الوالي جميع رؤساء اليهود والربانيين والوجهاء على حد سواء، فأرسل اليهود بطلب المساعدة من الرباني الأعلى في الاستانة ومن (جمعية الاخاء) والى اسرة ساسون البابلية في انجلترا، واستمر الحال لمدة سنة تقريباً، وبعدها اقيل الوالي من منصبه، وفي اليوم الرابع عشر من مايو سنة 1892م اطلق سراح جميع المسجونين المتهمين.)