كأن الأمر أصبح لعبة لا ينفك الطفل أن يتركها حتى ينهي جميع مراحل اللعبة التي لا تنتهي، لتجد الوقت يمضي واليوم ينقضي، والأعمال تتأجل والمشاريع تنسى وبعض العادات الجميلة تضمحل. هذا العالم يبدو بالنسبة لي كحلم لا أعرف إن كان جميلا أو غير جميل. إن إدماني للهاتف النقال في الآونة الأخيرة، في تصفح (الفيس بوك) بشكل خاص يأخذ مني الوقت الثمين الذي من المفترض أن أنفقه في شيء مفيد، إلا أن الأمر أصبح وكأن اللعبة لا تنتهي، حتى وأنا أكتب الآن أجد نفسي بين الفينة والأخرى أقلب شاشة الهاتف لعل شيئا ما يحدث في عالمنا الذي أصبح صغيرا جدا. أحيانا هو شعور أشبه بشعور الجندي في ساحة معركة يتشبث ببندقيته التي تعني له إما أن تنقذه من الموت أو تكون سببا لموته.
كتبتُ أهنئ العالم العربي والإسلامي بالعيد السعيد، فرد علي أحدهم: غزة تقصف.. أحدهم كتب، إسرائيل تحتل كل الدول العربية، ما عدا غزة.. نجد في صفحات (الفيس بوك) صورا كثيرة عن متظاهرين في دول غير عربية كاستراليا والتشيلي ومتظاهرين في المملكة المتحدة وغيرها ومواقف سياسية ضد العدوان الإسرائيلي على أطفال غزة. كما قامت به بعض الدول الأجنبية من إلغاء كافة الاتفاقيات العسكرية والمدنية مع إسرائيل بمليارات الدولارات، بسبب ما تقترفه من مجازر ضد الفلسطينيين وتدعو الدول الأخرى إلى وقف اتفاقياتها مع إسرائيل.. تجد في (الفيس بوك) الكثير من صور الأطفال الذين قتلتهم الصواريخ الإسرائيلية إما تحت الأنقاض أو محمولا من قبل والده أو في كفن أو حتى مقطّع الأوصال في الطرقات. وبالصور مؤتمر صحفي في بروكسل للدكتور (ماد جلبيرت) النرويجي وزملائه، يقدم شهادات مروعة عن الوضع الصحي كما عرض صورا لم تعرض في شاشات التلفزيونات، وقال: ما يحدث جرائم حرب.. ونجد صورا لطوابير الفلسطينيين في أزمة الخبز والماء والتي راح ضحيتها الحيوانات وليس الإنسان فقط، ونجد فيديو للمتحدث باسم الانوروا يجهش بالبكاء لهول ما شهده في مدارس الانوروا في لقاء تلفزيوني، واستهدافها للمستشفيات الفلسطينينة! وجثث الفلسطينيين. وغيرها.
وفي المقابل صورا لجنود إسرائيليين يبكون في وضع مؤثر وبشكل جماعي أمام الكاميرا؛ لأنهم فقدوا زميلا لهم كان يقاتل .. ومقاطع مضحكة لتصرفات إسرائيليين عندما تصفر صفارات الإنذار، وستجد تغريدة لجندي إسرائيلي يتفاخر بقتل 13 طفلا فلسطينيا، ويقول إنها البداية.
وبالرغم من ما يقال بأن هذه وسائل تبث الإشاعات أو غيرها .. إلا أننا كعرب، ستطاردنا تلك الصور مهما حاولنا الهرب أو خدعنا أنفسنا بكافة الوسائل! .. حتى نجد شيئا مفيدا نفعله.

محمد بن سعيد القري