إن التوجه الحكومي نحو التنويع الاقتصادي وآفاقه لا يعني بالضرورة التخلي على التنمية النفطية، فالنفط سيظل إحدى الأدوات المهمة التي يعتمد عليها في توفير مدخولات وطنية، بالإضافة إلى استحداث فرص عمل للشباب الباحثين عن عمل، وذلك عبر تحسين كفاءة الأعمال، والتوجه نحو رفد القطاع النفطي بمشاريع واعدة تمد قطاع الصناعات التحويلية بما يلزمها، ويفتح آفاقًا جديدة لصناعة البتروكماويات، وهو بالتأكيد ما سينعكس إيجابًا على سياسة التنويع الاقتصادي ذاتها، فما نسعى إليه الآن هو تعدد مصادر الدخل، وهو تنويع يجب أن يراعي المقومات النفطية للبلاد، خصوصًا وأننا نمتلك قطاعًا نفطيًّا واعدًا، يمتلك القدرة على تعظيم العائد الاقتصادي للمنتجات النفطية.
كما أن الاستثمارات النفطية ـ التي أقامتها السلطنة على مدار عقود النهضة المباركة ـ قد أفرزت كوادر بشرية امتلكت تلابيب وأدوات تلك الصناعة، وهو ما يجب البناء عليه، والسعي بشكل دؤوب لتحقيق أكبر الفوائد لهذه الصناعة العملاقة، التي برغم اتسامها بتقلب الأسعار تظل مفتاحًا مميزًا للنمو المستدام، كما أنها تشكل إحدى أهم ثروات السلطنة التي يجب رفع أوجه الاستفادة منها، ونمتلك في هذا القطاع العديد من الأذرع الإنتاجية والاستثمارية، التي تعد من صفوة الشركات النفطية حول العالم، كونها امتلكت خبرة عالية في هذه الصناعة وما يستحدث بها من توجهات عالمية، بالإضافة إلى أنها إحدى أدوات الحفاظ على الثروات العمانية في قطاعي النفط والغاز.
ويؤكد التقرير السنوي لشركة تنمية نفط عمان الذي رصد إنجازات الشركة في عام 2017م، ما وصلت إليه صناعات النفط والغاز في السلطنة، كما أنه يبشر بتدفقات من النفط والغاز تستطيع أن تكمل دورها الفعال في تسريع وتيرة التنويع الاقتصادي المأمول، حيث حققت شركة تنمية نفط عمان أداء يبعث على الإعجاب.
وتظل جهود الشركة الملحوظة في ضبط التكاليف وتطبيق منهجية "ليين" لتحسين كفاءة الأعمال، والإسهام الكبير في دعم الجهود لتنويع الاقتصاد وتحقيق تقدم جوهري آخر في القيمة المحلية المضافة، مما عظم الفائدة للاقتصاد الوطني، وأتاح توفير الآلاف من فرص العمل والتدريب وإعادة الاستيعاب للعمانيين في القطاعين النفطي وغير النفطي، أحد أبرز الإنجازات في العام المنصرم، بالإضافة إلى تحقيق الشركة أداء قياسيًّا في مجال السلامة، والاستمرار الممتاز في مجال الريادة وتطبيق التكنولوجيا الجديدة، مما سيضعها على أرضية صلبة وهي تستشرف آفاق المستقبل.
ورصد التقرير مواصلة فريق الاستكشاف بالشركة أداءه المتميز بعثوره على كمية من الغاز يحتمل أن تكون كبيرة جدًّا في منطقة مبروك، ولكنها لا تزال في مرحلة التقييم، وكذلك بإدخاله أهم تغيير منذ 10 سنوات على آلية جمع بيانات المسح الزلزالي ومعالجتها، فقد استحدث تقنية الإنتاجية فوق العالية، وأسفر هذا التغيير عن نقلة نوعية في الأداء وتحسين المعدل الحالي لجمع بيانات المسح الزلزالي بنسبة تصل إلى 100%، وعملت الشركة جاهدة مع شركاء محليين ودوليين لافتتاح سلسلة من المصانع والورش العمانية لتصنيع مستلزمات أنشطة النفط والغاز من المعدات وقطع الغيار وتركيبها وصيانتها، وهذه الخطوة ستقصر من سلسلة التوريد، بل وستمهد الدرب لمزيد من فرص التوظيف والتدريب للمواطنين، وتماشيًا مع عزم الحكومة على جعل السلطنة مركزًا رئيسيًّا للخدمات اللوجستية خطونا خطوة استراتيجية لاستيراد مستلزمات أنابيب النفط المصنعة محليًّا عبر منطقة الدقم.