تموتُ الرواياتُ يا سَيَّدي .. وتموتُ الأغاني
ويهرمُ وردٌ على شفتينِ .. وكانَت رياضًا به الشفتانِ
ويسقطُ طَيْرانِ في النهرِ - كلٌ على ضفةٍ –
دونَ دمعٍ ودونَ كيانِ ..
شهيدانِ لا شيءَ خلفَهُما غيرُ حزنِ الحُداءِ الأخيرِ
تصاعدَ في الغيمِ
كيما معا يبكيانِ ..
وينهمرُ الدمعُ ريّانَ حتى به نَبَتَ الوردُ أحمرَ قاني
وتنسكبُ الروحُ مالحةً
وهُما في هَجيرِ الظَما يُوغِلانِ
هما قررا الموتَ .. دونَ وداعٍ لِسُنْبُلَةِ القمحِ
دونَ قفا نبكِ .. دون احتضانِ
ولا أمهلا القمحَ ..
كانت ستحكي لهم أنَّ لا جوفَ للملحِ
لا غصنَ في النهر يَقْصُدُهُ عاشقانِ ..
وكانَت ستَحْكي لَهُم أَنَّ للخَيرِ قافيةً كُسِّرَتْ ..
فمُنذُ دهورٍ وتبَّاعةُ الشمسِ تُوشي بوشوشةٍ قالَها طائرانِ
ولا عجبٌ حين كان الحداءُ الأخيرُ بصفرةِ موتى تُنادي عليهمْ قبورٌ مبللةٌ وهُما يخضعانِ ..
هُما عَلَّقا اللحنَ في الغيمِ قبلَ الرحيلِ إلى النهرِ يا سيدي ..
والمآذنُ عندي بها شاهدانِ
ألا ليتَ نهرَ الحيارى يُغافلُ قسوتَهُ ثم يَجْمَعُ روحَيْهُما في الأماني..
كأنَّهُما غافلا الموتَ سِرًا ..
ولكنَّ هذا الزمانَ أنانيْ ..
ألا إِنَّ هذا الزمانَ أنانيْ ..

شميسة النعمانية