ندوة "عمان الحضارة" أهم العناصر الثقافية الحاضرة
متابعة ـ خميس السلطي:
أتت مشاركة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء في فعاليات اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دورته الثامنة والعشرين بالمملكة الأردنية الهاشمية، في الفترة من 23 إلى 27 ـ 6ـ 2014م ، أتت بجهود مثمرة، تمثلت في الفعاليات الثقافية العمانية التي أقيمت ضمن جدول الإجتماع ومن بينها ندوة ’عمان الحضارة’. قدمت الندوة ست أوراق عمل تناولت محاور عدة من مفردات الحضارة العمانية.
وقد مَثَّلَ الوفد العماني في اجتماعات المكتب الدائم للاتحاد كلٌ من خميس العدوي رئيس الجمعية العمانية للكتاب والأدباء وعاصم الشيدي عضو مجلس الإدارة وشميسة النعمانية أمينة سر الجمعية وسعيد الطارشي عضو الجمعية العمومية وأحد الباحثين المهتمين بالشأن الثقافي. كما شاركت الجمعية بباحثين ومشاركين آخرين وهم الدكتور محسن الكندي، وسعيد الصقلاوي والدكتورة حصة البادية وعايدة العريمية. وفي أوراق الندوة قدم الدكتور محسن الكندي مدير مركز الدراسات العمانية بجامعة السلطان قابوس ملف الأدب العماني من خلال قراءة استقصائية مجملة للمرجعيات والتجارب، مع الإشارة إلى المراحل التي مر بها هذا الأدب عبر أصوله المختلفة، معتبراً أن الأدب العماني كما أثبته الباحثون كان أكثر اتساعا في العصر الحديث وأكثر اتصالا بحضارة عمان ومرجعياتها التاريخية والسياسية والاجتماعية والثقافية والعقدية. وتحدث المهندس سعيد الصقلاوي عن تصميم القلاع والحصون باعتبارها أحد مفردات الحضارة العمانية. وسلط الضوء على الخبرة المعمارية والعمرانية في مجال التعاطي والتعامل مع المقتضيات الحربية والعسكرية وما تتطلبه من منشآت وتحصينات كان لابد من وجودها في سياق الحياة العمانية حيث شكلت تلك التحصينات كما يؤكد الصقلاوي ملمحاً مهما وبارزا في النسيج العمراني للمدينة والقرية للجبل والسهل للحضر وللبادية في عمان. كما تحدث الباحث سعيد الطارشي عن الكتابات التاريخية في عمان خلال الفترة من 1980-2014. مستعرضا عينات واسعة مما كتبه العمانيون في حقل الدراسات التاريخية محاولا رصد واستقراء وتقييم جانب مما أنتج من كتب ودراسات خلال الفترة من عام 1980 إلى بدايات عام 2014. فيما قدم الدكتور كمال أحمد المقابلة مساعد مدير وحدة الدراسات العمانية في جامعة آل البيت ورقة في الندوة بعنوان "جهود العلماء العُمانيين في صناعة المعجم العربي". وأبرز خلالها جهود علماء عُمان المتقدمين في صناعة المعجم العربي من مثل الخليل الفراهيدي، وابن دُريد الأزدي، والمبرِّد الأزدي، والعوتبي الصحاري وغيرهم ممن أوردوا أشياء في اللغة لم يُسبقوا إليها في ميدانهم. كما قدم الدكتور عليان عبد الفتاح الجالودي ورقة بعنوان “ملكية الأرض والضرائب في عُمان في العصر الإسلامي الوسيط” واعتبر الجالودي دراسة التاريخ الحضاري الإسلامي عموماً ودراسة تطور النظم والمؤسسات باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة لأهمية دراسة هذه الجوانب في كشف حيوية الأمة وأصالة نظمها ومؤسساتها ومدى الأثر الذي تركه الإسلام في النظم والمؤسسات الموروثة في البلاد المفتوحة. في الإطار ذاته شاركت الشاعرتان شميسة النعمانية وحصة الباديّة في مهرجان الشعر العربي على مسرح أرتيمس في مدينة جرش الأردنية ضمن مشاركة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء في المهرجان. وقدمت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء خلال اجتماعات اتحاد الكتاب العرب تقريرا شاملا عن حال الحريات في السلطنة. وأكد التقرير أن السلطنة تشهد صحوة حقوقية انعكست ايجابا على حال الحريات وثقافة التسامح والتوافق المجتمعي.
البيان الثقافي
جاء البيان الثقافي اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دورته الثامنة والعشرين بالمملكة الأردنية الهاشمية مؤكدا على وحدة الثقافة العربية في إطار من التنوع الثقافي، وأنها أساس الهوية الجامعة الموحدة لكل شعوب الأمة العربية، والتأكيد على التمسك بهذه الهوية والدفاع عنها في وجه مخططات التفتيت والتقسيم والتجزئة، واعتبار ذلك واجبا قوميا على المثقف العربي في هذه المرحلة المضطربة. ويذكّر الأدباء والكتاب العرب أن الوحدة الثقافية التي يؤمنون بها وينطلقون منها ويدعون لها، هي هوية جامعة في إطار من التنوع الثقافي، وليست وحدة شمولية أو عدمية، وإنما هي وحدة تقر التنوع وتحترمه وتقدره، بوصفه أساسا للهوية الجماعية الواحدة، وبوصف الهويات المكونة والفرعية هي المكونات المتفاعلة المتداخلة التي تتأسس عليها الوحدة، بعيدا عن نزعات التهميش والإقصاء والإلغاء لأي مكون ثقافي أو فكري. مع الدعوة إلى استمرار الجهود في مجال الدفاع عن اللغة العربية والنهوض بها، بوصفها عنصرا من عناصر الوحدة والثقافة العربية، وتوجيه الأدباء والكتاب أنفسهم إلى الاهتمام باللغة العربية والمحافظة عليها وتطويرها، انطلاقا من موقعها المهم المركزي، وإدراكا للمخططات الرامية إلى إضعافها والإساءة إليها في سياق سياسات التفكيك والتفتيت والتجزئة. والتأكيد على استقلال الثقافة واستقلال المثقف، وأن المثقف العربي مستقل في توجهاته ومواقفه عن أية سلطة سياسية أو أيدلوجية أو دينية، وحقه في حرية التفكير والتعبير حق مشروع مقدس، وفق ما تمليه طموحاتُ الأمة العربية ومصلحتُها وأعباؤها؛ بحيث يظل المثقف العربي ضميرا يقظا معبّرا عن طموحات مجتمعه وأمّته، بعيدا عن التبعية لأية سلطة سياسية أو دينية أو اجتماعية، فالثقافة سلطة مستقلّة حرة بذاتها؛ ترفض نزعات السيطرة والإملاء والهيمنة، وتنطلق من وعي ثقافي يؤمن بضرورة النقد والمراجعة، بجرأة ومسؤولية، وفي إطار من الحرص على البناء ورفض الهدم. وأيضا التأكيد على قيادة اتحاد الأدباء والكتاب العرب لجبهة ثقافية متنورة في مواجهة ظاهرة التطرف والغلو والتكفير واستغلال الدين وزجه في سياق من العنف وشلالات الدم، بعيدا عن أية ضوابط إنسانية أو دينية أو أخلاقية. وإيلاء أولوية لدراسة جذور هذه الظاهرة والبحث في أشكالها وأسبابها والظروف والبيئات التي تشجع على إنعاشها، والعمل على مواجهة الأفكار المؤسّسة لها، بكل السبل التربوية والثقافية الممكنة. ورفض المثقفين العرب لاتساع نزعات التجزئة والتقسيم والتنافر والتصادم، بموجِّهات طائفية أو دينية أو عرقية، وأهمية أن ينعكس هذا الرفض في ما ينتجه المبدعون والأدباء والمفكرون العرب، لتعزيز تماسك الأمة، في مواجهة مخطّطات الانفصال والتجزئة والتفتيت، وعلى أن ينبّه المثقفون إلى أهمية صيانة "التراث الثقافي المادي والمعنوي (غير المادي)" وضرورة المحافظة عليه، والعمل على بناء قواعد بيانات علمية لرصده وتسجيله وحمايته، وصولا إلى إنجاز "الأرشيف القومي" لهذا التراث. وينبّه المثقفون العرب إلى ما تعرضت له بعض مكونات التراث المادي من إهمال وعبث وإساءة وسرقة وتشويه، ويذكّر المجتمعون أن العالم العربي يحتضن كنوزا إنسانية عالمية، تتمثل في المواقع الأثرية ومحتويات المتاحف والمخطوطات الثمينة، وغير ذلك من كنوز حافظت عليها أجيال متتابعة على مدى قرون طويلة، ويدعو المجتمعون إلى الحرص على حفظ هذا التراث وصيانته، ونقله إلى الأجيال القادمة بأمانة، ومطالبة المنظمات العربية والعالمية المعنية بالمحافظة على التراث الثقافي المادي ببذل جهود استثنائية في العالم العربي، ومحاسبة قوى الاحتلال والتكفير، ومنعها من التعرض لهذا التراث لأنه تراث إنساني قيم مشترك تملكه الأمة بأسرها، ولا يجوز إهماله أو تشويهه أو سرقته والتصرف فيه. وفي هذا السياق يدين المجتمعون الأعمال التخريبية التي قامت بها قوى الإرهاب والتكفير ضد عدد من الرموز والنصب الثقافية والآثار الإنسانية والمخطوطات ومختلف أشكال التراث المادي وغير المادي، ومساندة الثقافة الفلسطينية المقاومة بكل سبل الدعم والاهتمام، ودعم المثقفين الفلسطينيين في مواجهة ما يتعرضون له مع شعبهم من محاولات المحو وتذويب الهوية، والاهتمام بالقدس والثقافة المقدسية اهتماما نوعيا فعليا في ظل ما تتعرض له القدس من تهويد على مستويات متعددة، والدعوة لمواجهة الاعتداءات المستمرة على الأماكن الدينية المقدسة التي تكتسب معنى ثقافيا رمزيا، ويقتضي ذلك بذل كل الجهود الممكنة لحفظ تراث القدس ومنع الاحتلال الصهيوني من تغيير هويتها وثقافتها، كما يتضمن الاهتمام الثقافي بالقدس دعوة الأدباء والكتاب والمفكرين العرب لإيلاء مزيد من التركيز على القدس في كتاباتهم، نظرا لأهمية الإبداع الأدبي والفكري في الدفاع عن الهوية الفلسطينية وهوية القدس ومواجهة الكتابات الصهيونية المزورة، وتشديد التأكيد على استمرار رفض التطبيع الثقافي بأي شكل من الأشكال، والتأكيد على مواثيق الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب وقراراته السابقة بخصوص التطبيع الثقافي، وأنه خط أحمر لا يحتمل التأويل، والتأكيد على أن الثقافة الصهيونية ثقافة عنصرية معادية غير إنسانية، ولا حوار معها أو مع ممثليها المحتلين بأي شكل أو حجة، والدعوة إلى بذل جهود موسعة لنشر ثقافة الحوار والانفتاح في إطار يجمع بين الالتزام بالمبادئ الكبرى التي يتوافق عليها المثقفون العرب، والدعوة إلى حل النزاعات حلا مبنيا على احترام الاجتهادات المتباينة، وأن لا يتحوّل الخلاف إلى عنف موجه ضد المخالفين أو المختلفين.والاهتمام بثقافة الأطفال وثقافة الشباب العربي والأجيال الجديدة، في مناخ ثقافي منفتح منطلق من الثقافة العربية الواحدة، والتركيز على مبادئ الديمقراطية والحوار في مؤسسات التنشئة المختلفة، وتطوير مناهج التعليم وبيئاته وأساليبه بما يرتفع إلى مستوى التحديات والمشكلات التي تواجهها الأمة، لضمان تنشئة الأجيال الجديدة تنشئة صالحة تحافظ على المبادئ المطلوبة من جهة، وتمنع استغلال الشباب تحت حجج وذرائع مختلفة. وأكد المجتمعون أهمية الالتزام بمواثيق الملكية الفكرية، وإشاعة ثقافتها ومراعاتها لما لذلك من أهمية في حفظ حقوق المؤلف والمبدع العربي. ويوجه المجتمعون اهتماما خاصا لضرورة أن تشمل مواثيق الملكية الفكرية إجراءات تدعم ملكية عناصر التراث الجمعي (كالموارد الوراثية، والمعارف التقليدية، وتعبيرات الفلكلور أو المأثورات الشعبية) وأن يتم تطوير تشريعات قانونية عربية وعالمية حاسمة لحماية هذه الأشكال الثقافية الجماعية غير المشمولة حتى اليوم في قوانين الملكية الفكرية القائمة على الصعيد العربي أو الدولي.
تقرير حال الحريات في الوطن العربي فقد تضمن العديد من النقاط ذات الأهمية مؤكدا أن أي اعتداء على الإبداع والقفز على الحريات لا يؤدي إلى النتائج التي تسعى اليها الثقافة، وعلى رأسها بناء الانسان الواعي المؤمن بأهداف أمته. وبالرغم من أن بعض الدول العربية تعاملت إيجابياً مع حرية الأديب والكاتب في الفترة الماضية، إلا أن بلدانا أخرى لا زالت تُنتهك فيها حرية الكاتب والشاعر من خلال التضييق على حرية المبدع بل والزج به أحيانا في غياهب السجون والأمثلة كثيرة. قام الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب برصد بعض الانتهاكات تمثلت في استمرار حبس الشعراء والكتّاب بسبب كتاباتهم والتحقيق مع الناشطين الذين يعبرون عن رفضهم لقوانين التظاهر بشكل سلمي ومواصلة الأحكام القضائية المجحفة ضد المبدعين. وإصدار قوانين معيبة للتظاهر تمنع حرية التعبير عن الرأي إلا بشروط صعبة ومجحفة ومن الصعب تحقيقها. واستمرار إغلاق بعض القنوات الفضائية وحصارها والاعتداء على العاملين فيها والمتعاملين معها من الكتّاب والمفكرين، هذا مع إدانتنا للقنوات التي تروج للعنف والإرهاب والكراهية. واستمرار الحيلولة دون وصول الإصدارات من الكتب من وإلى الدول العربية بدعاوى متعددة. مع حصار بعض اتحادات وجمعيات وروابط وأسر الأدباء والكتّاب في أكثر من دولة عربية ومحاولة السيطرة والهيمنة عليها بواسطة الدولة بطرق كثيرة مما يهدد وحدة كيان الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب. واستمرار حصار وإغلاق بعض مواقع التواصل الاجتماعي ومراقبتها والتجسس عليها. وأكد المشاركون في اجتماع المكتب الدائم على مطالبتهم والتي جاءت في إصدار قوانين تمنع وتجرم التكفير الذي يسود الآن كل أنحاء الوطن العربي، وأدانة حالة التطرف والعنف الفكري والثقافي. وحرية تنقل المبدعين المنتمين للاتحادات العربية بين أقطار الوطن العربي.ووقف الاعتداء على إنجازات الإنسان الحضارية وبعض الرموز الثقافية.وإدانة الوسائل الإعلامية التي تدفع إلى الفتنة ومشاعر الكراهية والطائفية بين أبناء الأمة.وتكريم المرأة وإدانة الممارسات التي تمس كرامتها وتحط من قدرها كعضو أساسي في المجتمع. والدعوة إلى احترام المواطنة باعتبارها قيمة إنسانية وركنا أساسيا في الدولة المدنية الحديثة التي تضمن كرامة الإنسان العربي وحريته.
أما البيان الختامي لاجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب في دورته الثامنة والعشرين فقد خرج بالعديد من النقاط ومن بينها التأكيد على المواقف الداعمة مسار الديمقراطية بجناحيها السياسي والاجتماعي. والاتحاد العام يؤيد كل حراك للقوى الأهلية يعتمد الديمقراطية والسلمية، ولا يوافق على أي استخدام للعنف أو الإفراط في استخدام القوة بين مكونات البلد، وضد أهل الوطن من قبل متطرفين أو غير ذلك. ويدعو الاتحاد العام الجميع إلى التمسك بالدولة الوطنية ومؤسساتها وفي مقدمتها الجيوش، لأن الجيوش العربية مرمى لسهام المتطرفين، وذلك لإدراك أصحاب مؤامرات التقسيم والشرق أوسطية أن الجيوش هي التي تحفظ الأمن والكرامة والاستقرار والوحدة الوطنية، وهي عماد الأمة العربية في مواجهة الاحتلال الصهيوني لفلسطين والأراضي العربية الأخرى، ولمواجهة أي عدوان أيًّا كان مصدره. وبارك المجتمعون للدول العربية خطواتها الديمقراطية في الدول التي حصلت فيها انتخابات رئاسية أو نيابية أو نقابية أو سواها، ويثمنون كل إجراء ديمقراطي، مع التمنيات لهذه البلدان وأشقائها بالاستقرار وإنهاء مظاهر الإرهاب والعبث بالأمن، هذا مع التمكين في سبيل العدل الاجتماعي والسياسي وتحقيق الإصلاح، وصناعة التقدم والمنعة والاقتدار.والتنويه بما جرى في تونس بإقرار الدستور الجديد، آملين أن تواصل مسارها الديمقراطي على طريق الحرية والتقدم والاستقرار. ودعاء الاتحاد العام جميع الجهات والاتجاهات، وعلى المستويين الرسمي والأهلي، إلى تصويب المسار النضالي باتجاه فلسطين قضية العرب الكبرى، وذلك لدعم صمود أهلنا في عموم فلسطين المحتلة وفي قلبها القدس، ومقاومة حركة التهويد المسعورة التي تهود الجغرافيا والعمران والمقدسات من المساجد إلى الكنائس والأوقاف عامة، المتمثلة بمدارس ومنشئات ومقابر، حركة التهويد تشمل كل الميادين، وفي مقدمة القائمة الحفريات والتعديات على المسجد الأقصى. كما يتابع أحرار الأمة العربية التحولات في أرض الكنانة مصر بارتياح واطمئنان، ويباركون خطوات شعب مصر الديمقراطية التي أتت تؤكد المواطنة والهوية العربية، وجاءت تواجه المخططات الأجنبية، والعبث الأمني من قبل المتطرفين. وأمام التحديات التي تتعرض لها الساحة العربية من فلسطين المحتلة والقدس إلى سورية فالعراق واليمن وليبيا والسودان، وكل الساحات، يتطلع الجميع بحماسة إلى دور مصر الرائد الذي تعودوه، ومصر عندما تصحح مسار البيت العربي في جامعة الدول العربية، يصبح بإمكانها طرح المبادرات بشأن كل الملفات العربية على طريق وأد الفتن ومقاومة الأمركة والتطرف ومقاومة الأطماع الصهيونية. كما أن مصر من خلال الأزهر الشريف، المنارة الكبرى، تستطيع القيام بنشاط فكري تضع فيه حدًّا للتسيب في الساحة الإسلامية. ولا تزال سورية تعاني من المخاطر التدميرية التي تستهدف وحدتها الوطنية وعروبتها، كما تستهدف الدولة والجيش، وتعمل لاستدعاء الأجنبي بكل مؤامراته ومخططاته وأطماعه.ومع رفض كل تدخل أجنبي فإن سورية تحتاج إعادة الملف إلى البيت العربي لإيجاد حل سياسي ديمقراطي يشترك فيه الجميع، في مواجهة مفاعيل المجموعات الإرهابية التكفيرية. ولقد عادت الفتنة وحالة الاحتراب تستبيح العراق، مستهدفة وحدته وعروبته، فقد اجتاح الإرهاب العراق مدعومًا من مكونات داخلية وتدخلات إقليمية ودولية، مع خلل خلَّفه الاحتلال الأمريكي في بنية الدولة والمؤسسات والهيكلية الحكومية، ساعد على ما يحصل ومكنه من تحقيق بعض أغراضه. وإن العراق الذي أثخنته وتثخنه الجراح يحتاج إلى مبادرة عربية يقودها الأشقاء العرب للإسراع في التحضير لانعقاد مؤتمر وطني جامع تتمثل فيه مكونات المجتمع العراقي من أهل الاعتدال والملتزمين وحدة العراق وعروبته لإنقاذ أرض الرافدين من مخاطر التقسيم والاستثمار الصهيوني العدواني، ومن الفكر الفئوي والتكفيري والطائفي الظلامي الذي يجهز على ما تبقى من قدرات العراق وإمكاناته. مع الإشادة بالجهود المبذولة في السودان الشقيق لانطلاق مسيرة تصالحية ومبادرة لإعادة المسار الديمقراطي التعددي إلى ساحة السياسة والعمل، وذلك من أجل وقف الاقتتال في دارفور، ولتقوية السودان وتحصينه، وإقامة وحدته الوطنية، ومواجهة التغلغل الصهيوني المدعوم أمريكيًّا في دول أفريقية مجاورة للسودان، وعلى منبع النيل ومساره.