[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/alibadwan.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]علي بدوان[/author]
” قال "مؤشر السلام" الشهري لـ"المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" وجامعة تل أبيب، إنَّ غالبية "الإسرائيليين" الساحقة يدعمون الرد العسكري "الإسرائيلي" على فعاليات مسيرات العودة الفلسطينية السلمية، حيث قالت الغالبية إنها تعتقد أن القوة العسكرية التي يمارسها "الجيش الإسرائيلي" ضد المتظاهرين الغزيين العزل قرب السياج الحدودي "مناسبة جداً".”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جاءت مسيرات العودة على الحدود الفاصلة بين القطاع والأرض المحتلة عام 1948، والسعي لكسر الحصار، والتي انطلقت في 30 آذار/مارس 2018 الماضي، لتُشكل علامة تاريخية فارقة في حركة النضال الوطني الفلسطيني، وبداية لمرحلة كفاحية جديدة في فلسطين. وفي مسار تلك العملية الوطنية التي شقتها مسيرات العودة، وفعلها الكفاحي المُتجدد، عمل رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على استغلال الواقع لرفع مستوى التحريض على الفلسطينيين داخل مجتمع دولة الاحتلال، فقد دَغدَغَ نتنياهو في مواقفه وأفعاله الأخيرة، وبالعدوان الناري والدموي الأخير على قطاع غزة، دَغدَغَ رغبات جمهور اليمين الذي يكتسح المجتمع "الإسرائيلي"، مُتخذاً عدة مواقف وإجراءات ملموسة على الأرض لإشباع نهم وغرائز جمهور اليمين واليمين المتطرف في "إسرائيل"، وهي أشبه بالغرائز البهيمية التي تُؤشر إلى مدايات عالية من سيادة وانتشار النزعات الفاشية التي باتت مُنغرسة وسط الجمهور اليهودي "الإسرائيلي" على أرض فلسطين المحتلة، وذلك من خلال : أولاً التصعيد العسكري الأخير ضد القطاع من حينٍ لأخر، والذي أعقب المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بحق العودة وفك الحصار على طول السياج الأمني الفاصل شرق القطاع بين حدود العام 1948 وحدود العام 1967. ثانياً قيام بنيامين نتنياهو، بكشف عن ما زعم أنها الوثائق الأصلية للبرنامج النووي الإيراني، والتي تبيّن بأنها معلومات قديمة لاتُقدم ولاتؤخر، ولكنها تساعد على التحريض. ثالثاً استغلال فرصة واقع نقل السفارة الأميركية للقدس المحتلة والتغطية الأميركية الواسعة لسياسات حكومة نتنياهو وخطواتها اليومية. رابعاً مغامرات نتنياهو المتكررة من خلال الهجمات العدوانية "الإسرائيلية" على مواقع داخل الأرض السورية. خامساً التحريض والحملة الكبيرة التي شنها، ومازال يشنها نتنياهو واركان اليمين على القيادة الفلسطينية، وشخص الرئيس محمود عباس وهي حملة مازالت متواصلة الى الآن، بل وتتصاعد معها كل يوم لغة التحريض، والطعن بها وبشرعيتها، واستعادة مقولة "فقدان الشريك الفلسطيني".
إذاً، وكما كان متوقعاً، جاءت جولة المواجهة القصيرة الأخيرة في الحرب العدوانية على القطاع، والتي استمرت لعدة ايام قليلة، في السياق الداعي لإرضاء رغبات ومشاعر جمهور اليمين واليمين المتطرف داخل دولة الإحتلال، وفي ظلِ تحشيدٍ "اسرائيلي" متواصل مع استمرار نشاطات (مسيرات العودة)، حيث تفتت صخرة الردع "الإسرائيلية" التي كانت "إسرائيل" تعتقد انها حققتها في ظل عدوان العام 2014، أمام مسيرات العودة السلمية في القطاع، والتي انطلقت منذ 30 آذار/ مارس الماضي، وأن سياسة الحصار لن تحقق المصالح الأمنية الإسرائيلية في القطاع.
وعليه، ووفقاً للوارد أعلاه، وعلى ضوء سياسات نتنياهو الأخيرة، في التقرب من اوساط اليمين واليمين المتطرف وتلبية رغباتها، وفي ظل التصعيد العسكري ضد القطاع، ارتفع حضور حزب الليكود في المجتمع "الإسرائيلي الصهيوني" على أرض فلسطين المحتلة، والذي يتزعمه رئيس "الحكومة الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو، وارتفعت حظوظه في أي انتخابات برلمانية متوقعة. ففي استطلاع للرأي نفذ بواسطة "معهد سميث"، ونشرته صحيفة "معاريف"، صباح يوم الجمعة الماضية الأول من حزيران/يونيو الجاري، يتوقع أن يحصل الليكود حال إجراء انتخابات تشريعية جديدة إلى 34 مقعدًا. مقابل 30 في الكنيست الحالية. ويليه حزب "يش عتيد" بقيادة يائير لبيد بـ17 مقعدًا، مقارنة بـ11 مقعدًا في الكنيست الحالي. أما "المعسكر الصهيوني" المعارض برئاسة رئيس حزب العمل آفي غباي، فقد تهاوت حظوظه إلى 11مقعدا مقابل 24 مقعدا حصل عليها في الانتخابات الأخيرة. ووفق النتائج أيضاً ارتفع تمثيل حزب "البيت اليهودي" بقيادة بينيت إلى 9 مقاعد، و"يسرائيل بيتينو" بقيادة ليبرمان ترفع من تمثيلها من 6 مقاعد إلى 8. وانخفض تمثيل حزب "كولانو" بقيادة وزير المالية، موشيه كحلون، من 10 مقاعد إلى 7، واقتصر تمثيل قائمتي "يهدوت هتوراه" وحركة "ميرتس" على 6 مقاعد لكل منها، و "شاس" على 5 مقاعد.
نتائج الإستطلاع المشار اليه، قالت أنَّ نحو 58% من "الإسرائيليين" إنهم راضون أو راضون جداً عن أداء حكومة نتنياهو. في حين قال 47% من المستطلعة آراؤهم إنهم غير راضين أو ليسوا راضين بما يكفي عن أداء نتنياهو وليبرمان، وأشارت نتائج الإستطلاع أيضاً إلى أنَّ مؤشر رضى "الإسرائيليين" عن أداء كل من نتنياهو وليبرمان ارتفع بنسبة 7% عن آخر استطلاع تم القيام به قبل نحو شهرين.
وفي استطلاع أخر للرأي، قال "مؤشر السلام" الشهري لـ"المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" وجامعة تل أبيب، إنَّ غالبية "الإسرائيليين" الساحقة يدعمون الرد العسكري "الإسرائيلي" على فعاليات مسيرات العودة الفلسطينية السلمية، حيث قالت الغالبية إنها تعتقد أن القوة العسكرية التي يمارسها "الجيش الإسرائيلي" ضد المتظاهرين الغزيين العزل قرب السياج الحدودي "مناسبة جداً". فقد أجرى الاستطلاع البروفيسور أفرايم ياعر من جامعة تل أبيب، والبروفيسور تمار هرمان من "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، بين 28 و 30 من أيار/مايو الماضي، وشمل عينة من نحو أربعمائة شخص. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن نحو ستين في المائة من اليهود يعتقدون أن "معالجة الجيش الإسرائيلي للاحتجاجات الفلسطينية قرب السياج الحدودي صائبة، وأن القوة التي يقوم بتفعيلها ضد المتظاهرين صائبة أيضا".
إن تلك النتائج التي أعطتها استطلاعات قياس الرأي داخل مجتمع دولة الاحتلال، ونشرتها الصحف "الإسرائيلية"، تؤشّر وبشكلٍ قاطع، بأنَّ المجتمع "الإسرائيلي" على أرض فلسطين التاريخية مازال غير ناضج على الإطلاق للقبول بتسوية سياسية حقيقية عمادها قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ولا حتى القبول بـما بات يُعرَف الآن بــ "حل الدولتين"، المطروح حالياً وفق إجماع الأسرة الدولية. فالصوت العالي في "إسرائيل" الآن هو صوت التطرف، صوت قوى اليمين بشقيه التوراتي الميثولوجي الذي تمثله الأحزاب الدينية وحزب وزير الأمن أفيغدور ليبرمان. واليمين "القومي العقائدي" الذي يمثله حزب الليكود وحتى أحزاب المعسكر الصهيوني المعارضة كحزب العمل بزعامة (آفي غباي).
وعليه، علينا أن نُخفف من الرهان على إمكانية قبول دولة الاحتلال بالعودة الى مفاوضات حقيقية مع الطرف الفلسطيني، مفاوضات عمادها الشرعية الدولة. فنحن الآن في زمن العربدة "الإسرائيلية" المسنودة وبقوة بالجدار الأميركي الذي يوفره الرئيس دونالد ترامب لدولة الاحتلال ولسياسات نتنياهو. الرهنا الآن علينا كفلسطينيين وعلى دعم وإسناد الحالة العربية والإسلامية والصديقة للكفاح الفلسطيني العادل.