عاتكة بنت أبي صفرة
عزيزي الصائم .. عزيزتي الصائمة: نطوف بك فيما تبقى من أيامنا الجليلة من شهرنا المبارك في سلسلة من (عالمات عمانيات خلدهن التاريخ) وذلك عبر مقتطفات من عدة مصادر تاريخية (بتصرف) .. وذلك من أجل الاستفادة والتعرف على تلك الشخصيات الفاضلة .. من مواقف وأحداث مختلفة بأسلوب شيق وبسيط.

نشأت هذه المرأة الفاضلة الكريمة وترعرعت في بيت شرف وعظمة، فقد عاشت في بيئة عربية إسلامية في آخر القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني الهجري.
ولما ازدادت الكراهية بين الأزد والحجاج بن يوسف الثقفي بسبب جوره وتعسفه، انضم كثير منهم إلى جماعة المسلمين (الإباضية) وعلى رأسهم أفراد من آل مهلب، وكان منهم عاتكة بنت أبي صفرة وهي من عائلة المهلب بن أبي صفرة القائد الشهير ولعلها أخته.
وقد كانت عاتكة من أشد الناس حماساً للمذهب الإباضي تنفق مالها في سبيل نشر مبادئ أهل الدعوة وللمحتاجين منهم، لم يكن إنفاقها طلباً للدنيا الفانية أو متاعها الزائل بل كان ابتغاء الثواب من الله تعالى يوم القيامة، قال أبو سفيان محبوب بن الرحيل: (أرسلت عاتكة بجزورٍ إلى جابر فأمر رجلاً أن ينحرها ويجزئها بين الجيران، فأكثر جزء جابر فقال له جابر: أجميع جيراننا أخذ مثل هذا، قال له الرجل: لا، فقال له جابر: ساوِ بيننا وبين جيراننا، ونهاه عن عدم التسوية.
وقد علمت عاتكة أن علم الحلال والحرام والتفقه في أمور الدين من أهم ما يجب أن يحرص عليه المسلم، حتى يعبد الله على بصيرة من أمره فلا يقع في الشبهات فضلاً عن المحرمات، فكانت حريصة على اقتناص الفوائد تسأل العلماء في كل ما يشكل عليها من أمر دينها ودنياها، فعن أبي سفيان محبوب بن الرحيل قال: دخل أبو نوح صالح الدهان على عاتكة بنت أبي صفرة فوجدها في البيت، فقال: كأني أرى مجلس رجل، قالت: نعم، الآن خرج من عندي الإمام جابر بن زيد، قال: فهل ظفرت منه بشيء؟، قالت: نعم سألته عن ثلاثة أشياء كنّ في نفسي: سألته عن لباس الخفين، قال: إن كنت تلبسينها من حر الأرض وبردها وخشونتها فلا بأس فلا تبالين وإن انكشفا، وإن لبستهما لغير ذلك فلا تبديهما، وسألته عن حلي عندي ليتيمة يقوم بمال، فيستعار مني، قال: إن أعرته فإنك ضامنة، وعن عبد كان من أنفس مال عندي، وأوثقت في نفسي أن أعتقه لوجه الله، ثم استخلفته على ضيعتي، قال: أخرجيه ولا تدخليه في شيء من منافعك.

أم سارة المحاربية