حركت إسرائيل أحد أذرعها في لبنان، بقيام " داعش " و" النصرة "ومايشبههما بفتح النار على الجيش اللبناني، جبهة جديدة فتحت ضمن خيارات عملية التطويق التي يكرسها الكيان الصهيوني بدعم أميركي.
فبعدما تمكن تحالف الجيش العربي السوري وحزب الله من صنع انتصارات في منطقة القلمون السورية، بالقضاء على القوى الإسلاموية او مدعية الاسلام، هرب بقاياها الى بلدة حدودية تدعى عرسال خيارها لبناني، لكن وضعها الاجتماعي صعب ومعقد، ففي الوقت الذي لاتتعدى فيه تلك البلدة الآلاف، تحولت بسرعة الى مكان استقطب الهاربين من جحيم الازمة السورية فوصل العدد بسرعة غير متوقعة الى مائتي الف تقريبا، هذا العدد السوري الكثيف من النازحين، تبين لاحقا ان جزءا كبيرا منه تابعون لتلك الجبهات الاسلاموية، يأتون للنوم والراحة نهارا، ويقضون ليلهم مع بقية المسلحين الذين كانوا منتشرين في القلمون وغيرها.
هذه الاعداد الغفيرة لم يكن باستطاعة البلدة تحملها، خصوصا وان عدد المسلحين الاسلامويين من السوريين النازحين ،كما قلنا مرتفع جدا، وجلهم من اصحاب العقول المغلقة التي لانقاش في رأيها، هكذا تعلمهم الثقافة " الداعشية " وهكذا تدربهم فيتحولون الى سفاحين وسفاكي دماء.
كثيرا ما اشتبكوا مع الجيش اللبناني الذي رفض وجودهم في المنطقة واعتبرهم خطرا عليها، وكانت كل الاشارات توميء الى انهم سيشكلون هذا الخطر في مستقبل قريب نظرا لمخخطاتهم على الساحة اللبنانية، وخصوصا عندما لم يبق أمامهم سوى عرسال كي يتخذوها مكانا لهم بعدما طردهم الجيش العربي السوري من كل الأمكنة القلمونية.
صحيح ان هؤلاء ينتمون الى اسماء اسلامية ظاهرة، لكنهم جيب صهيوني يتم تمويله عربيا كالعادة ويخضع لمحرك صهيوني، وربما غربي أيضا. وفي الوقت الذي لم يعد أمام هؤلاء من خيار سوى تلك البلدة قرروا الهجوم على الجيش اللبناني في اكثر من موقع، لكنه تمكن من صدهم، وحتى كتابة هذه السطور لاتزال المعارك على أشدها.
ويستدل من هذه الظاهرة انها كانت تخطط لأخذ عرسال كموقع ثابت لها ولعملياتها، ثم تقوم بتطوير وجودها في المنطقة بحيث تنقض بالتدريج على قرى محيطة، وربما في المخطط أيضا تصور لإعلان المنطقة جزء من " الدولة الإسلامية " وتابع لها، خصوصا ان لها خلايا نائمة تنتمي إلى فكرها الصهيوني والى معتقداتها التآمرية. ولهذا يقوم الجيش اللبناني بعملية اجتثاث لها ان تمكن، مع معرفتنا ان المعركة معها صعبة ومعقدة، فنحن امام مقاتلين مهرة ليسوا في أحسن الأحوال سوى تابعين لاستخبارات دولية نظرا لتدريبهم العالي.
معركة الجيش اللبناني مصيرية، وبالاعتقاد ان حزب الله الموجود في صلبها لن يسمح بسقوط المنطقة لقمة سائغة بيد هؤلاء الإرهابيين، ويبدو أن الجيش اللبناني يحظى بالتفاف ودعم شعبي غير محدود وكذلك الحزبي، في عملياته هذه التنظيمات التكفيرية، والجميع يتطلع الى المعركة بدعاء نصرة هذا الجيش نظرا لمعرفة ماقد يحدث للبنان ان تمكنت هذه القوى من تحقيق اهدافها. انها معركة جديدة فتحتها اسرائيل بأيدي عملائها من اجل اشغال لبنان وقواه الحية وابعادهم عن المؤازرة الممكنة لنضال الأهل في غزة.
اننا على ثقة أن هذه البقايا الهاربة من جرود القلمون لن تجد لها حضنا لبنانيا سوى بعض الساقطين مثلها، اما لبنان بكافة طوائفه ومذاهبه وأحزابه ومثقفيه فهو إلى جانب جيشه ولو تطلب الأمر القتال معه، لأن مثل هذا الالتفاف والوقفة الموحدة للبنانيين ضد هذه الجماعات إنما هو تعبير عن شعورهم بالخطر الذي يتهدد وطنهم ويتهدد وحدتهم المجتمعية ومستقبلهم.