[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedbinsaidalftisy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد بن سعيد الفطيسي[/author]
” .. عمان كما أكد على ذلك جلالة السلطان قابوس ـ أعزه الله ـ( ليست من دعاة الحرب ) وقد تعهد جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ـ بالمحافظة على وحدة اليمن العربي واستقراره في أكثر من محفل , حيث أكد جلالته قائلا في هذا السياق ( أحب أن أؤكد أننا سنستميت في الدفاع عن هذا الجزء الغالي من الوطن العربي الكبير والحفاظ على سيادته الوطنية).”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل هي المصادفة تلك التي دفعت عددا من مواقع الإعلام الأميركي للإقدام على نشر أكثر من 3 تقارير إعلامية تدور حول الشأن السياسي والاقتصادي لسلطنة عمان في أقل من شهر واحد, وهو شهر يونيو من العام 2018م ؟
طبعا نحن هنا نتحدث عن تلك العناوين التي انتشرت عبر وسائل الإعلام الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي العربية بعد تداولها ونشرها نقلا عن تلك المواقع الأميركية أو التي تنشر من الولايات المتحدة الأميركية, فلعل هناك عدد آخر لم يصل بعد. والأهم من كل ذلك أن تلك التقارير جميعها تناولت السلطنة بنوع من السلبية والإجحاف والافتراء حيال بعض سياساتها وتوجهاتها حول بعض القضايا الدولية من جهة. وبنوع من الشك والريبة والاتهام حيال بعض تصرفاتها وسلوكياتها وعلاقاتها السياسية السيادية من جهة أخرى.
من أبرز تلك العناوين والمواقع التي نشرت تلك التقارير موقع Wall Street Journal في مقال تحت عنوان لعبة عمان الخطرة المزدوجة لكل من جوناثان شانزر ونيكول سالتر.وتقرير موقع (Al-Monitor) وهو موقع إخباري متخصص بالشرق الأوسط ينشر بلغات مختلفة ومقره الولايات المتحدة الأميركية والذي جاء تحت عنوان: الكونجرس يسعى إلى عزل سلطنة عمان عن عدم الاستقرار في اليمن للكاتب بريانت هارس . وأخيرا تقرير صحيفة The Washington post والذي حمل عنوان: جهود إدارة أوباما تجاه إيران كانت "غير قانونية تمامًا".
وقبل الدخول إلى صلب الموضوع سنورد رأي عضو الكونجرس الأميركي ديفيد ديوك حول بعض ابرز واهم الصحف الأميركية ومن ضمنها صحيفة Wall Street Journal في مؤلفه الصحوة . وذلك بهدف فهم واقع حال موضوعية وشفافية ما تنشره تلك المواقع والصحف الأميركية قائلا : ( تحتل صحف نيويورك تايمز وول ستريت جيرنال والواشنطن بوست قلب الاعمال الأميركية والثقافة الاميركية وحكومتها, وبلغ تأثيرها ونفوذها الى جميع ارجاء الامة, انها منشأ الاخبار وتركز على القضايا التي تعجبها, وترفع الشخصيات العامة التي تعجبها, وتشوه من لا يعجبها, هي التي تقول لنا أي الافلام نشاهد, واي الكتب والمجلات نقرأ, وأي التسجيلات نشتري, فهي تؤثر في طريقة تفكيرنا في العديد من القضايا المختلفة, والواقع انها تختار لنا باستمرار الموضوعات التي ينبغي ان نفكر فيها, وتضخم بعض الحكايات وتتجاهل بعضها الآخر).
طبعا تلك العناوين سالفة الذكر حول السلطنة تلقفتها بعض مواقع الصحف الالكترونية خصوصا العربية منها كوجبة دسمة مشبعة بالألوان الصناعية ولكنها خالية من أي مكونات صحية نافعة. ما بين قص ولصق كالعادة. أو تحريف عنوان التقرير الأصلي إلى آخر أكثر إثارة وتشويقا وجذبا كعنوان نشرته صحيفة من تلك الصحف الالكترونية تحت عنوان صحيفة أميركية تكشف لعبة عمان المزدوجة الخطرة ثم قامت بحذف الموضوع الأصلي من موقعها مع الإبقاء على العنوان في جوجل. أو عنوان آخر جاء تحت عنوان: عاجل. لهذه الأسباب يسعى الكونجرس لعزل سلطنة عمان عن عدم الاستقرار في اليمن. وهذه العناوين نطرحها على سبيل المثال لا الحصر.
على ضوء ذلك سنسعى في هذا المقال المختصر لتسليط الضوء على بعض النقاط الواردة في تلك التقارير الإعلامية الاميركية ومحاولة تفنيد بعض ما جاء فيها من معطيات - مكتفين بتقرير Wall Street Journal وتقرير موقع Al-Monitor – لتركيزهما على الجانب السياسي, من خلال محاولة تحليل بعض ما احتوته من آراء وأفكار سياسية, فلعل القارئ يستشرف بنفسه بعد ذلك نماذج رئيسية من بعض الاعلام الأميركي الذي لا يسعى الا الى اثارة الفوضى الاعلامية ونشر الاضطراب في العلاقات والسياسات الدولية وتشويه بعض الحقائق كما اشار الى ذلك عضو الكونجرس الأميركي ديفيد ديوك.
مع الإشارة في بداية الأمر إلى أن تلك التقارير جميعها - وللأسف الشديد - ركزت كملاحظة أولى على تناول مواضيع قديمة متجددة تدور مجملها حول العلاقة السيادية لعمان مع بعض دول الجوار كالجمهورية الإيرانية. واعادة تدوير وتوجيه بعض القضايا المتعلقة بالسياسات الأمنية المستهلكة اعلاميا كقضية اتهام السلطنة أو استغلالها من قبل الإيرانيين لتهريب الأسلحة الإيرانية للحوثيين على وجه الخصوص.
وبمعنى آخر، أن الركيزة الإعلامية والمسار العلمي والاستقصائي الرئيسي لمجمل تلك التقارير يدور حول هذه النقاط خصوصا, وهو ما يجعل تلك التقارير ومضمونها وعناوينها الإعلامية الدعائية في دائرة الشك والريبة من كونها تقوم على توجيه القارئ والمطلع عليها نفسيا وذهنيا الى قضايا وصور ذهنية محددة سلفا ولأهداف معينة. يقع على رأسها تحوير العلاقة التاريخية بين سلطنة عمان وايران الى علاقة لا تخدم مصالح الاستقرار السياسي في المنطقة . مع الإشارة كذلك الى ان بعض تلك المواقع هي أصلا موجهة للرأي العام في الشرق الأوسط. فلماذا تم اختيار هذه المواقع لنشر تلك التقارير وهل هو من باب الصدفة؟
كما انه ومن الواضح ان مادتها الاعلامية تهدف بشكل اساسي إلى تعزيز فكرة المؤامرة أو المشاركة أو التعاون أو أي مصطلح آخر يدعم فرية التهاون العماني في تحقيق السلام في اليمن وهو ما يتنافى والسياسات العمانية تجاه الأوضاع في اليمن الشقيق, وكذلك يتناقض مع منطقية ان احلال الأمن والاستقرار ووحدة اليمن هو جزء لا يتجزأ من ضرورات الامن والاستقرار في سلطنة عمان بحكم الجوار والعلاقات السياسية والتاريخية, بل واكثر من ذلك بكثير. حيث تتنافى جميع تلك التقارير مع مضامين وتوجهات ومبادئ السياسة الخارجية العمانية .وواقع حال ما تقوم به سلطنة عمان ويشهد عليه الشعب اليمني بنفسه من دعم ومساندة سياسية واجتماعية وانسانية ووقوف مع قضايا اليمن الشقيق.
فعمان كما اكد على ذلك جلالة السلطان قابوس ـ أعزه الله ـ( ليست من دعاة الحرب ) وقد تعهد جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ـ بالمحافظة على وحدة اليمن العربي واستقراره في اكثر من محفل , حيث اكد جلالته قائلا في هذا السياق ( احب ان أؤكد اننا سنستميت في الدفاع عن هذا الجزء الغالي من الوطن العربي الكبير والحفاظ على سيادته الوطنية).
كما يلحظ المتابع لتلك التقارير كملاحظة ثانية: أنها تقارير دعائية موجهة سياسيا أو امنيا او ربما موجهة لأهداف مسيسة وهو ما سيتضح من سياق السطور القادمة حيث تحمل عناوينها نوعا من التحريض والاتهام المباشر لدولة بحجم سلطنة عمان وثقلها الجيوسياسي في المنطقة, ومكانتها الدولية والإقليمية, خصوصا دورها الدبلوماسي الجذري والمباشر في ابرز الملفات السياسية والأمنية المضطربة في منطقة الشرق الأوسط . اقصد . الملف النووي الإيراني وملف الصراع الدائر في اليمن.
حيث حمل العنوان الأول: الكونجرس يسعى إلى عزل سلطنة عمان عن عدم الاستقرار في اليمن. وهذا العنوان بحد ذاته انتهاك صريح للسيادة العمانية, حيث يوحي بان الكونجرس الاميركي يملك القدرة على فرض إرادته وقوته وقراراته على الحكومة العمانية وسياساتها الخارجية وعلاقاتها الدولية, وهو ما تشير إليه كلمة "عزل". فان كان اختيار هذا المصطلح صادر عن الموقع الاعلامي نفسه فهو كما أشرنا اليه سابقا؟ واما ان كان فعلا قد تضمنه تقرير للكونجرس الاميركي , فهذا من شانه ان يفتح بعض النوافذ المغلقة والتي يجب ان لا تمرر بسهولة من قبل الحكومة العمانية.
كما يحمل عنوان التقرير الثاني الموسوم بلعبة عمان الخطرة المزدوجة عنوان تحريضي يحمل اتهام صريح ومباشر للسلطنة بأنها تقوم بأعمال غير قانونية على اعتبار أن ما تقوم به هو " لعبة " و"مزدوجة" أي أنها تقوم بأعمال يبدو أنها سلمية وقانونية في الظاهر ولكنها تخفي أعمالا أخرى غير قانونية في الباطن, وهو ما يتناقض مع القيم والمبادئ التي توجه السياسة الخارجية العمانية منذ بدايات عهد النهضة المباركة كسياسية الصراحة في التعاطي مع الكثير من القضايا التي تلامس الداخل العماني سواء من الناحية السياسية او الامنية , ورفض ازدواجية السياسات وتجزئة المواقف , وهو ما أكد عليه جلالة السلطان قابوس " حفظه الله " في اكثر من موقف من ان عمان ( تعودت أن تعلن سياساتها بكل صراحة وليس عندها سياسة في الخفاء وسياسة في العلن ).
وان كان من أمر يمكن أن يشار اليه في هذا السياق فهو ان صراحة هذه المبادئ والتوجهات الكريمة الفاضلة بحد ذاتها حول التمسك بالاستقرار والسلام في المنطقة والابتعاد عن الفوضى والاضطرابات والصراعات السياسية والتدخل في شؤون الآخرين قد ازعجت بحد ذاتها الكثير من الوحدات السياسية في المنطقة منذ عقد السبعينيات وحتى يومنا هذا, وتسببت بالمتاعب للسلطنة, وهو ما أكده جلالته " اعزه الله " بنفسه في قوله ( ان طريقتنا هي طريق الصراحة, ونحن هنا في جميع تعاملاتنا نتوخى ان لا نلف وندور, وان نكون صريحين , ولو ان هذه الصراحة احيانا تجلب لنا بعض المتاعب , واعتقد ان الانسان يجب ان يكون مخلصا في قوله وعمله).
كما أن هناك عنوان ثالث صادر عن The Washington post نطرحه للاطلاع فقط في ذات الفترة حمل عنوان. الرئيس ترامب : إن جهود إدارة أوباما تجاه إيران كانت "غير قانونية تمامًا" وهو موضع تناول اتهام إدارة أوباما بمحاولة منح إيران إمكانية الوصول السري إلى النظام المالي للولايات المتحدة. والزج بالسلطنة في هذا التقرير على اعتبار ان أحد بنوكها هو البنك الحاصل على ترخيص خاص من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية لإدارة مسالة تحويل الأموال الإيرانية.
و( كانت المشكلة - بحسب التقرير - بالنسبة لإدارة أوباما أنه حتى مع وجود الترخيص في متناول اليد ، لم يتمكن ذلك البنك من إقناع البنوك الأميركية بالتعامل مع الصفقة. ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم الاستعداد لمواجهة المخاطر القانونية التي يمثلها التحويل المعقد ، يضاف إلى ذلك أيضًا مخاوف تتعلق بالسمعة في التعامل التجاري مع دولة تخضع لعقوبات شاملة مثل إيران .... ويقول التقرير إن المسؤولين سعوا بعد ذلك إلى طرق أخرى للحصول على الأموال ، مثل استخدام بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك ، وهو ما لم يكن يحتاج إلى ترخيص. كما يشير التقرير إلى أن مسؤولي إدارة أوباما كانوا مضللين - أو على الأقل مخادعين - للمشرعين حول الجهود التي يبذلونها نيابة عن إيران )