يتحدث لغة واضحة وجميلة ويعرض أفكاره في تسلسل وسلاسة، ويصور أهدافه بدقة ووضوح، ويتكلم عن المستقبل بتفاؤل وثقة. لا تتعدى مؤهلاته شهادة دبلوم التعليم العام( الثانوية العامة) سابقا، وبالرغم أنه لم يحصل على نسبة عالية للالتحاق بإحدى مؤسسات التعليم العالي؛ فإنه حسم قراره وأنشأ مشروعه الخاص بشراء رافعة واحدة كان يسوقها بنفسه منذ عدة سنوات، تحت اسم رافعات المهري، هذا الشاب هو سعيد بن أحمد المهري، صاحب مشروع رافعات المهري، استمر سعيد يعمل على رافعته الوحيدة، يسوقها ليلا و نهارا، يستقبل اتصالات المضطرين من أصحاب السيارات والمعدات ممن تنقطع بهم السبل في الطرقات القريبة والبعيدة، وبمجرد تلقيه لاتصال من أي جهة، كان سعيد ينطلق برافعته سواء أكان الوقت ليلا أو نهارا، وكثيرا ما كان ينام داخل شاحنته، ثم استأجر مكتبا وصار مكتبه هو بيته وهو مكان إدارته لمشروعه، بعد ذلك تطور نشاطه قليلا فاشترى سيارة أخرى وحولها إلى رافعة، ووظف عليها مواطنا، وبتلك الشاحنة الجديدة ارتفع الجهد وتضاعف الايراد المالي؛ فاشترى سيارة ثالثة وعيّن عليها مواطنا آخر، وصارت بعض الشركات الكبيرة تقصده وتبرم معه اتفاقيات لتقديم الخدمة طيلة ساعات النهار والليل، وهذا ما دفعه لإضافة سيارة رابعة، ثم خامسة والآن يبلغ عدد رافعات المهري سبع رافعات وهو في طريقه لشراء رافعة ضخمة لرفع وشحن المعدات الثقيلة. زرته وقابلته مع موظفيه الذين تحسبه أحدهم، فجميعهم شباب دون الثلاثين، وبالرغم من صغر سنه، إلا أنه يتحدث بهدوء وبتفاؤل وبحكمة تفوق سنه بكثير.
زرته للمرة الثانية برفقة فريق التصوير الذي يصحبني هذه الأيام؛ لتوثيق تجارب رواد الأعمال الشباب فسألته عن دور القدوة في نجاحه؟ فتحدث مسترسلا ونسب الفضل إلى والده الذي كان يمتلك ورشة في المنطقة الصناعية بصلالة، وكان يصطحبه معه؛ فيشاهد الورشة بآلاتها ومعداتها وزيوتها، ويلاحظ ما يقوم به العمال من جهد لإصلاح وصيانة المحركات، وإعادة الأجزاء إلى أماكنها ثم يبثون الحياة في المحرك، فيدهش سعيد لذلك ويركز كثيرا فيما يرى ويسمع، ثم صار يباشر بنفسه محاكاة ما كان يشاهده ويسمعه ويلمسه. بعد ذلك حظي باستحسان والده واعجابه وتشجيعه، فصار يمنحه الثقة ويوليه بعض المسؤوليات، وما إن انتهى سعيد من دراسته الثانوية حتى صار رائد أعمال واستقل بنفسه واستمر يشاهد أحلامه تكبر وتتجسد أمامه وكل ما كان يتخيله صار واقعا معاشا في حياته.
لم يكن سعيد يعرف بالتحديد ما الذي يميزه عن بقية أقرانه ممن يبحثون عن وظائف بسيطة في القطاعين العام والخاص، لكنني من خلال لقائي به وملاحظتي لتصرفاته مع موظفيه وفي تنظيم مكتبه، وفي إدارة موارده وكذلك عندما يتحدث، طلبت منه أن يلخص استراتيجية نجاحه، فأكد على معرفة ما يريد ثم التعلم والتدريب والصدق والإخلاص والصبر والمرونة، ولاحظت أيضا صفة لم يقلها سعيد وتتمثل في حماسه ورغبته الشديدة وحبه لعمله. استحضرت مبدأ من مبادئ النجاح " إذا استطاع شخص ما أن يحقق النجاح فإن بإمكان أي شخص آخر أن يحقق نفس النتائج إذا قام بنفس الخطوات".

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس مركز النجاح للتنمية البشرية