يسير وطننا الحبيب بخطى واثقة وراسخة نحو التنمية والتقدم في كافة المجالات بفضل الفكر المستنير والسياسة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والتي كان لها أكبر الأثر في معالجة الأزمات التي مرت بها البلاد وتحقيق الرخاء والاستقرار للمواطنين.
لاشك أن كل عماني شعر بالارتياح والطمأنينة والفخر عندما قرأ التقارير التي تشير إلى أن قطاع التجارة حقق معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 9.7% خلال الفترة من عام 2011 حتى 2013 مما يدل على أن الخطة التنموية الخمسية التي وضعتها قيادتنا الحكيمة ونفذتها الحكومة الموقرة تسير على الطريق الصحيح ووفق المؤشر التصاعدي المخطط له حيث إنه من المفترض أن يصل معدل النمو إلى 10% بحلول عام 2015 وهي نسبة قاربنا على الوصول إليها بفضل الله سبحانه وتعالى وحكمة مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم وسواعد أبناء الوطن الأوفياء.
والشيء الذي يطمئن البال أكثر أن التجارة الخارجية هي الأخرى شهدت ارتفاعا ملحوظا ليس على مستوى الصادرات النفطية فقط بل غير النفطية أيضا وحققت كذلك فائضا في الميزان التجاري إلى جانب تقوية أواصر الصداقة والتعاون مع الدول الأخرى التي أصبحت تربطنا بها علاقات اقتصادية وتجارية قوية مما وضع السلطنة في مكانة مرموقة بين الدول.
لاشك أن معدلات النمو التي حققها القطاع التجاري تعتبر بكل المقاييس إنجازا يسطر بأحرف من نور في سجل الإنجازات التي حققتها السلطنة في كافة الميادين لاسيما أن ما تحقق من نمو ليس على مستوى الصناعات النفطية فقط بل غير النفطية أيضا حيث إن النهج السامي وضع استراتيجية حكيمة تدعم القاعدة الاقتصادية وتحقق لها الاستقرار والرسوخ وهي تخفيض الاعتماد على مساهمة النفط في الناتج المحلي والاعتماد بشكل كبير على القطاعات الإنتاجية والخدمية في دعم الاقتصاد وتنميته وبالتالي نرى أن قطاع السلطنة المالي يتميز بأنه أقل عرضة لمخاطر الأصول غير المأمونة نظرا لأنه لا يتأثر بانخفاض أو تذبذب أسعار النفط.
إن المناخ الاستثماري في الدولة يعد بيئة جاذبة فالسياسات التي تسنها الحكومة والحرية الاقتصادية التي يتمتع بها المستثمرون تؤدي إلى شعورهم بالأمان وبالتالي زيادة تدفق الاستثمارات مما ينعكس إيجابا على المواطن فيعيش الرخاء والرفاهية وهي أهداف وضعتها كل خطة خمسية نصب عينيها كي تحققها إذ إن استقرار ورخاء المواطن هو هدف التنمية وغايتها.
إن الحكومة الموقرة أعطت الشأن الاقتصادي الأهمية التي يستحقها وعملت على تحديثه وتطويره وتنويع القاعدة الإنتاجية وتنمية القطاع الخاص وتنمية الموارد البشرية بصورة مستمرة وبشكل يضمن تحقيق مستويات متقدمة من النمو بكل كفاءة من أجل بناء قاعدة اقتصادية متينة تستطيع مواجهة تحديات الانفتاح وما يتطلبه من آليات واستراتيجيات طويلة المدى خاصة أن ارتباط الاقتصاد الدولي ببعضه البعض يجعل كل بلد يتأثر بأي هزة مالية.
لاشك أن هناك ارتباطا وثيقا بين الحالة الاجتماعية لمجتمع ما وحالته الاقتصادية لذلك فإن استشراف آفاق المستقبل والتخطيط له بفكر سليم وبصيرة نافذة ورؤية ثاقبة حقق استقرار اقتصادنا الذي بدوره حقق استقرارا اجتماعيا وأمنا من نوائب الزمن لكل من يعيش فوق هذه الأرض الطيبة ولعل ذلك نلاحظه من تنامي فرص العمل في القطاعين العام والخاص والسيطرة على معدل التضخم السنوي.
لقد أثبتت الاستراتيجية التنموية للسلطنة أنها تسابق الزمن في الأداء المتميز يشهد على ذلك العديد من الدوائر الإقليمية والدولية وشهادات التميز التي حصلت عليها في تلك المحافل كل ذلك تحقق على خلفية ممارسة رائعة للديمقراطية السياسية والشعبية.
أدام الله على عماننا الاستقرار والأمان ووفق قيادتنا الحكيمة لتحقيق معدلات نمو أكثر مما تتضمنه الخطط والاستراتيجيات المختلفة ونتمنى لها المزيد من التقدم والاستقرار .. وحفظ الله قائدها المفدى وشعبها الوفي من كل مكروه .. إنه نعم المولى ونعم النصير.

* * *
غزة تحترق والعرب صامتون
الوضع في غزة والممارسات القمعية التي مازالت تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي لا يرضى بها ضمير حي .. فهي تتحدى جميع القوانين والشرائع والمجتمع الدولي الذي يتلقى هذه الممارسات بأذن من طين والأخرى من عجين .. والغريب هو هذا الصمت المطبق من قبل المجتمع العربي الذي يعد وصمة عار في جبينه .. فالاحتلال يفعل ما يحلو له في الأراضي الفلسطينية ويرتكب المجزرة تلو الأخرى دون رادع ولا يجد من يقف في وجهه ليقول له "كفى".
إن جرائم الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة تدرج تحت بند جرائم ضد الإنسانية وعلى المجتمع الدولي الضغط على إسرائيل لتطبيق قرارات الأمم المتحدة التي تكفل ضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين واستقلال الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة على أرض وطنه حتى تتحقق العدالة الدولية التي تتشدق بها دائما الدول الكبرى.
لاشك أن المجازر البشعة التي تقوم بها إسرائيل في غزة هي بكل المقاييس حرب إبادة لشعب أعزل لا حول له ولا قوة سوى صواريخ ضعيفة تعد بمثابة صرخة ضد الحصار الظالم الذي منع الغذاء والدواء عن الشعب لفترة طويلة جعلت الأوضاع داخل القطاع كارثية .. كما أن استهداف بني صهيون للأطفال الأبرياء يدل على انعدام الحس الإنساني لديهم ويكشف عن مدى ما يتمتعون به من حقد وغلظة قلب وتكبر وتجبر
الغريب أن أميركا تحمل الفلسطينيين مسئولية الحرب وتدعي بأن حماس هي المسئولة عنها بسبب خرق الهدنة وإطلاقها الصواريخ على إسرائيل وهذا قول لا أساس له من الصحة لأن صواريخ حماس لا يمكن مقارنتها بأسلحة التدمير الإسرائيلية إلى جانب أن هذه الصواريخ هي نوع من المقاومة التي تقرها القوانين الدولية فهي سلاح الضعيف ولكن عدوان اسرائيل جريمة من جرائم الحرب لأنها تستهدف المدنيين .. وينبغي على العالم أن يدينها ويجبرها على احترام المواثيق الدولية واحترام اتفاقيات جنيف التي تحمل الاحتلال الصهيوني مسئولية الحفاظ على أرواح المدنيين وتوفير احتياجاتهم من الغذاء والدواء وليس حصارهم لقتلهم جوعا ومرضا.
لاشك أن الصمت الدولي وإمداد الولايات المتحدة للدولة العبرية بالمال والسلاح يعد بمثابة الضوء الأخضر الذي شجع العدو الصهيوني على مواصلة ارتكاب هذه المجازر البشعة .. لاسيما وأنها لم تفرق بين شاب وطفل وامرأة وشيخ وضربت الجميع سواء حتى باتت المقابر الفلسطينية تئن من الكم المتصاعد من جثث الشهداء وعجزت المستشفيات عن علاج المصابين.
إن أبواق الإعلام الصهيوني تقوم بتصوير إسرائيل بأنها الضحية وأن حماس هي الجاني والبادئ وبالتالي فإن عدوانها مبرر وأنه دفاع مشروع عن النفس ودائما تظهر مصابها في وسائل الإعلام العالمية وتخفي آلاف المصابين الفلسطينيين فلا يرى العالم سوى الصورة المغلوطة عن تلك المجازر .. من هنا فإن مهمة العرب الأولى هي تعرية الحقيقة أمام العالم أجمع ليكتشف ما تقوم به الدولة العبرية من جرائم إنسانية بشعة.
لاشك أن إسرائيل تخطط لهذا العدوان منذ فترة طويلة كعمل استراتيجى يتوج فترة طويلة من الحصار الخانق على قطاع غزة، وليس كما حاولت أن توحى به من أنه نتيجة إطلاق بعض فصائل المقاومة الفلسطينية عددا من الصواريخ ذات القدرة التدميرية المحدودة .. فهي تريد أن تبيد حماس وتقضي على كافة أشكال المقاومة الفلسطينية كي تعيث في الأرض المحتلة فسادا بحرية ودون منازع.
المطلوب فورا هو موقف عربي عملي صارم تجاه إسرائيل .. فغزة تذبح لأنها فلسطينية عربية مسلمة لا لأنها حمساوية أو جهادية أو فتحاوية ومذابح إسرائيل السابقة تدل على ذلك .. لذلك ندعو إلى نصرتها بأفعال وإجراءات توقف العدوان أولا وتضمّد الجراح وتزيل آثار الحصار ثانيا، لا بمواقف لفظية وبكائيات لا تليق إلا بالعاجزين عن الفعل أو الراغبين عنه .. وحتى وإن كانت حماس مخطئة لأنها اختارت نهج المقاومة ورفضت الخضوع والاستكانة فمن العار أن يعاقب مليون ونصف المليون نسمة هم سكان غزة على اختيارهم من يحكمهم في انتخابات نزيهة وشفافة شهد بها القاصي والداني.
على إسرائيل أن تعي أن استئصال حماس وخيار المقاومة لا يمكن تحقيقه حتى ولو محت غزة من على الخارطة لأن المقاومة عقيدة وفكر وحركة سياسية ذات جذور عميقة في التربة الفلسطينية وستظل موجودة طالما كان هناك احتلال وسيأتي من الأجيال القادمة من يحمل الراية ويكمل المسيرة .. أما الاستخدام المفرط للقوة فلن يحل أية قضية بل سيزيد التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.

* * *
آخر كلام
من أجمل ما قرأت "ليس الإنجاز أن تصنع ألف صديق في سنة بل الإنجاز أن تصنع صديقا لألف سنة .. وليس الروعة أن تراه كل يوم ولكن أن تحس بوجوده حولك وإن كان بعيدا".

ناصر اليحمدي