على مدار 190 مليون عام، أخذت الديناصورات في التطور والتغاير، وبرغم انقراضها، الا ان علماء الطبيعة اعتبروها من أهم الكائنات الحية وأكثرها تطورا عبر التاريخ.
تيرانوصور، انكيلوسوريس، اراكانورابتور و البراكيوسورس، وغيرها..، جميعها أسماء ديناصورات عاشبة كانت أم لاحمة، عاشت في العصر الترياسي والطباشيري والجوراسي ،وبرغم تنوع الحياة البرية في تلك العصور، حيث شهدت مئات الزواحف، الا أن الديناصورات قد سيطرت على تلك العصور وتسيدت أعلى سلسلتها الغذائية، حسبما أوضحت الدراسات المختصة.
عند الحديث عن الديناصورات في عالم السينما، فإن أول عمل يرتبط بالوجدان هو الحديقة الجوراسية أو " Jurassic Park" بثلاثيته التي بدأت عام 1993، وأخرجه الايقونة ستيفين سبيلبرج، وكان له أثر عظيم على مستوى التقنيات والمؤثرات المستخدمة فيما بعد في الافلام اللاحقة، يعد طفرة سينمائية آنذاك، حيث تخطت ايراداته حاجز المليار دولار. يقال إن شهرة السلسلة تسببت فى ارتفاع الباحثين المنضمين لدراسة علوم الحفريات فى أميركا.
انتهت الثلاثية في 2001، وفي عام 2013 أطلقت شركة يونيفرسال للانتاج نسخ منها بتقنية ثلاثية الأبعاد، ليعيد المخرج الأميركي كولين تريفورو، إحياءها مجددا في ثلاثية جديدة ارتكزت على فكرة جديدة من رحم السلسلة الاصلية، ليطل علينا في 2015 بعالم جديد من الديناصورات في "جوراسيك وورلد" أو "Jurassic World" الذي يعد الاصدار الرابع من السلسلة والجزء السابق من فيلم اليوم.
جوراسيك وورلد (المملكة الزائلة) : فيلم خيال علمي ومغامرة، وهو تتمة للعالم الجوراسي 2015 كما أشرت سابقا، والنسخة الخامسة من مجموعة أفلام الحديقة الجوراسية التي من المفترض أن تنتهي بجزء سادس بعد 3 سنوات، لم يشار الى إسمه حتى اللحظة.
سيناريو الفيلم أعده المخرج والكاتب كولين تريفورو، بمعاونة ديريك كونولي، بينما قام بإخراجه الأسباني خوان أنطونيو بايونا، والذي يعرف وسط زملائه جي إيه بايونا.
يقدم بايونا مستوى جيدا في توظيف المؤثرات الخاصة لخدمة حبكة الفيلم، بالطبع لم يصل لمستوى ابداع المُعلم سبيلبرج، فهذا ملعبه الخاص، الا انه اثنى كثيرا على العمل، كما أنه منتج المنفذ الذي أعطى الضوء الأخضر لصناعة السلسلة الجديدة.
برغم كثرة الكليشيهات به والمشاهد غير مألوفة والأحداث غير المنطقية، أضف الى ذلك إختلاف حبكته في اصدارها الخامس عن مضمون السلسلة ، لما يقدمه من حس انساني مرهف إنعكس على علاقة أبطال العمل بالديناصورات المستنسخة، حيث يصورهم ضحايا، بعكس الاجزاء السابقة التي صورتهم مخلوقات مفترسة عدوانية، الا أنه عمل في مجمله شيق ومثير، يمكنك ان تحسبه مغامرة جيدة لقضاء وقت ممتع مع العائلة.
لم يتسم الجزء الاخير بالقوة التي تجعلنا مشدودين، نحبس أنفاسنا طوال الوقت، كالثلاثية الاولى التي لا يمكن مقارنتها به، بإستثناء العربات المقلوبة، والاجواء الماطرة والأسنان الحادة لتلك الكائنات المتوحشة، بل على العكس، جاء الفيلم ليرسم ضحكات على وجوهنا في أغلب مشاهده، ما يمكن القول انه ليس الا عمل ترفيهي خفيف، تمكن مخرجه من اجتذاب جميع افراد العائلة فهو مناسب لكل الاعمار.
أبطال العمل هم الممثل كريس برات في دور "أوين جرادي" مروض الديناصورات، والجميلة برايس دالاس هوارد وتجسد "كلير ديرنج " مديرة المنتزه السابق، أيضا الممثل جيف غولدبلوم في شخصية الدكتور "إيان مالكم"، وجميعهم شخصيات ظهرت في الجزء السابق، يشاركهم البطولة الممثلان الواعدان جاستيس سميث و دانييلا بينيدا ويظهران بشخصيتي "فرانكلين ويل" و"زيا رودريجيز" وهما مساعدان لكلير في نشاطها البيئي .

...................................
بركان
يبدأ العمل بعد مرور 3 سنوات إبان أحداث الجزء السابق من العالم الجوراسي، وبعد أن تم تدمير منتزه الديناصورات وهجره الجميع، نشاهد رجلين داخل غواصتهما في رحلة بحث عن حمض نووي لأحد الديناصورات الهجينة التي دفنت في قاع بحر جزيرة إيسلا نوبلار "120 ميلا غرب كوستاريكا".
سريعا ننتقل الى واشنطن ومن داخل قاعة مجلس الشيوخ الاميركي، حيث يدور نقاش محتدم حول إمكانية إنقاذ الديناصورات التي تهيم بالجزيرة من خطر البركان النشط الذي سيؤدي حتما الى هلاك تلك المخلوقات، وهو ماترفضه الحكومة في النهاية.
لكن يبدو أن هناك من يصيبه الاحباط جراء عدم اهتمام الحكومة بحماية هذه المخلوقات، كلير ديرنج مديرة المنتزه السابق والتي تعمل حاليا ناشطة بيئية مع كل من محلل الانظمة فرانكلين ويل، والطبيبة البيطرية زيا رودريجيز.
تتلقى كلير اتصالا من إيلاي ميلز مدير أعمال بنجامين لوكوود وهو شريك الباحث جون هاموند الذي ساعده في عملية استنساخ الديناصورات وتأسيس المنتزه منذ أحداث "جوراسيك بارك" عام 93، حيث يخبرها برغبة رب عمله في إنقاذ الديناصورات وجلبها الى ملاذ خاص من الطبيعة الام تم بناؤه خصيصا لتتعايش فيه تلك المخلوقات في أمان.

...................................

مزاد
المهمة تقتضي منهم البحث عن 11 نوعا من هذه المخلوقات والعودة بها، لذا تستدعي كلير صديقها أوين جرادي مروض الديناصورات، ومساعديها فرانكلين وزيا، وهناك يكشف الفريق عن وجود مرتزقة مدججين بالأسلحة وبالعتاد الكامل، يعملون لصالح ميلز، بهدف حيازة أكبر قدر من الديناصورات والعودة بها، لكي يتم المتاجرة بها في مزاد دولي لمستثمرين.
بينما يثور البركان الذي سيلتهم الجزيرة وما تبقى عليها من هذه المخلوقات، يهرب الجميع نحو السفينة العملاقة، ويتم تحميل الديناصورات المخدرة داخل اقفاص شاحنات كبيرة بمخزن السفينة، فيما سنشاهد لاحقا عملية شحن الديناصورات الى قصر لوكوود، حيث سينطلق المزاد.
حينما يكتشف لوكوود حقيقة مايجري، بعد تأكده من صحة كلام حفيدته مايزي أو ابنته المستنسخة ـ الاصلية قد التهمها ديناصور تي ريكس في الاجزاء القديمة من السلسلة ـ، يستدعي مساعده الشاب حينها يقضي عليه الاخير خنقا بواسطة وسادة، لتطلب الحفيدة معاونة أوين وكلير من أجل حمايتها منه.
ينتهي الشريط الذي صورت أحداثه في مدينة لندن، بالقضاء على الديناصور "إيندوركتر" وهو عرف على انه مفهوم جديد للسلالة وأخطر مخلوق تم صناعته من قبل العالم هنري ـ من الجزء السابق ـ، فيما ستقوم مايزي باطلاق سراح الديناصورات الحبيسة عبر فتح أبواب المرآب، لتنال حريتها وتنطلق نحو الطبيعة.

جوراسيك وورلد .. شريط ممتع، مكمل لأجزاء عالم الديناصورات التي لم تكن فلسفية في يوم من الايام، الا ان هذا الجزء استطاع ان يغرد خارج سربها .. يختتم بجملة "مرحبا بكم في العالم الجوراسي"، .. أي أنها البداية وليست النهاية !.

رؤية : طارق علي سرحان
[email protected]