[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
لا يعرف حجم القلق الذي يتصاعد في دواخل الناس أثناء الحروب إلا من كابد وجع الحروب وعاش دقائق المجهول فيها، لدرجة يمكن وصف حالهم كما قال الشاعر المتنبي (قلق كأن الريح تحتي)، نظرا لخطورة الموقف وتطور الأحداث المتسارعة، والغموض الشديد الذي يسيطر على الأجواء العسكرية والسياسية، ورغم أن العراقيين قد عاشوا أجواء حروب عديدة إلا أن أيام وساعات ودقائق الحرب الأميركية في ربيع العام 2003 تختلف تماما عن الحروب السابقة، إذ اقتصرت حرب السنوات الثمانية مع إيران ( 1980- 1988) على قتال شرس في جبهات الحرب وأحيانا قصف بعض المدن القريبة من الحدود بما فيها العاصمة بغداد ، وحرب العام 1991 اقتصرت في غالبيتها على القصف الجوي، ولم تكن هناك مخططات معلنة للغزو والاحتلال كما هو في حرب 2003 ، لذا سيطرت أجواء القلق الكبير على الكثير من العراقيين منذ أولى ساعات الغزو، فقد كان المجهول يقترب وليس ثمة من يقرأ بدقة من يقف وراء المجهول، وكان القلق الأوسع قد بدأ يتصاعد في الأسبوع الثالث من الحرب ، فالقوات الأميركية لم تحسم الموقف، رغم أن الجنرال الأميركي تومي فرانكس، قد تحدث عن معركة بغداد، وفي اليوم السادس من أبريل/نيسان رفض البنتاجون تسمية الهجوم الأخير، (بمعركة بغداد)، رغم تمكن القوات الأميركية من تأمين هبوط أول طائرة نقل عسكرية من طراز سي 130. وقال مسؤول بالبنتاجون، إن العملية العسكرية الأميركية الجارية الآن في بغداد، هي إظهار للقوة، وليس بالضرورة أن تكون "معركة بغداد".
مازاد من قلق الناس أن الكثير من مناطق العراق قد أصبحت خارج سيطرة الحكومة المركزية بعد أن خلت من الأجهزة الأمنية والحكومية، ولم يعد هناك أي وجود للسلطة في جميع المدن الواقعة في جنوب العراق، بعد أن زحفت القوات الأميركية بسرعة صادمة نحو العاصمة بغداد التي تقع في وسط البلاد، في حين كان وجود السلطات الحكومية في المدن العراقية الأخرى في حال من القلق والارتباك بعد انتشار أخبار تقدم القوات الأميركية بسرعة ووصولها المطار في بغداد ، كما تم إخلاء الكثير من المقار العسكرية بسبب شدة القصف الجوي الذي استهدفها على مدار الساعة منذ ساعات الحرب الأولى، كما أن غالبية هذه المقار قد تم تدميرها.
ورغم جميع التطورات العسكرية في الميدان، إلا إن القادة العسكريين في وزارة الدفاع الأميركية، تعاملوا بحذر شديد مع هذا الموضوع، لما يشكله من حساسية كبيرة، وابقوا الأبواب مشرعة على الكثير من الاحتمالات، ومن هذا المنطلق، قال متحدث باسم البنتاجون أن تسميتها "معركة بغداد هو غلو غير مناسب في هذه المرحلة".
لكن على الطرف الآخر في العاصمة العراقية، اختفى الحديث عن هذه المعركة، التي كثفت بغداد الحديث عنها، أيام الحرب الأولى، فمع وصول القوات الأميركية إلى أطراف بغداد، ودخول دباباتها إلى وسط العاصمة، فأن الخطاب السياسي والعسكري العراقي، أخذ يتحاشى الإشارة إلى معركة بغداد الفاصلة، وركز على حشد القوة، والتأكيد على ضرورة التماسك وشد الأزر، لإلحاق الهزيمة بالقوات الأميركية.