واشنطن: الحديث عن الانسحاب من منظمة التجارة سابق لأوانه

بروكسل ـ واشنطن ـ وكالات: حذر الاتحاد الأوروبي واشنطن أمس الاثنين من أن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم على واردات السيارات الأوروبية قد يضر بالاقتصاد الأميركي بشكل كبير ويدفع إلى ردود انتقامية قوية. جاء التحذير الوارد في رسالة مكتوبة موجهة إلى السلطات الأميركية بتاريخ يوم الجمعة في وقت اعتبر ترامب أن الاوروبيين يمثلون مشكلة لا تقل أضرارها التجارية على بلاده عن الصين، في احد أبرز مواقفه الاستفزازية لحلفاء بلاده عبر الأطلسي. وكان تهديد ترامب الحلقة الأخيرة في سلسلة حرب تجارية متصاعدة فرض الاتحاد الأوروبي بموجبها رسوما على منتجات الجينز الأميركية ودراجات هارلي ديفيدسون النارية ردا على الرسوم الأميركية على صادرات الحديد الصلب والالمنيوم الأوروبية.
وهدد ترامب بفرض رسوم نسبتها 20 بالمئة قد يتم تطبيقها خلال الأشهر المقبلة على واردات السيارات الأوروبية مبررا ذلك بمخاوف يشكك كثيرون بمدى صحتها تتعلق بالأمن القومي. وقال ترامب في تصريح لشبكة "فوكس نيوز" "ان الاتحاد الاوروبي يسبب على الارجح مقدار الأذى نفسه الذي تسببه الصين" للولايات المتحدة من الناحية التجارية "مع فارق ان الاتحاد الاوروبي أصغر". وأضاف "يرسلون إلينا سيارات مرسيدس في حين اننا لا نستطيع نحن ادخال سياراتنا إلى هناك. انظروا ماذا يفعلون لمزارعينا. لا يريدون منتجاتنا الزراعية. بكل صدق لديهم مزارعوهم (...) لكننا لا نحمي مزارعينا في حين يحمون هم مزارعيهم". وتشكل هذه المقارنة صفعة مؤلمة للأوروبيين الذين يحاولون التوصل إلى أرضية مشتركة مع إدارة ترامب بشأن فكرة أن الصين هي التي تشكل الخطر الحقيقي للتجارة العادلة. ومن المتوقع أن يزور رئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر واشنطن بحلول نهاية يوليو سعيا إلى حل النزاع التجاري. وقال عقب قمة للاتحاد الاوروبي في بروكسل "نحن بحاجة الى التقليل من حدة التوتر في هذه العلاقات". وفي رسالة موجهة إلى السلطات الأميركية، رسمت المفوضية الأوروبية التي تتولى السياسة التجارية لاعضاء التكتل الـ28 صورة قاتمة عن وضع الاقتصاد الأميركي في حال نفذ ترامب تهديده.
وقالت الرسالة "يؤكد التحليل الاقتصادي أن زيادة الرسوم على هذه المنتجات سيضر بالدرجة الأولى بالاقتصاد الأميركي". وأضافت "قد تتعرض صادرات أميركية تصل قيمتها إلى 294 مليار دولار (...) من كافة قطاعات الاقتصاد الأميركي إلى تدابير مضادة" وهو ما يساوي 19 بالمئة من مجموع الصادرات الأميركية للعام 2017. وأكدت على أن شركات السيارات الأوروبية تساهم بشكل كبير في الاقتصاد الأميركي حيث لديها "وجود راسخ". وأفادت الرسالة أنه "في 2017، أنتجت شركات الاتحاد الأوروبي التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها قرابة 2,9 مليون سيارة أي ما يعادل 26 بالمئة من كامل الانتاج الأميركي". وتدعم هذه الشركات 120 ألف وظيفة أميركية مباشرة وغير مباشرة في مصانع بانحاء البلاد، بحسب الاتحاد الأوروبي الذي أشار إلى مصانع في كارولاينا الجنوبية ومسيسيبي وتينيسي، وهي ولايات في جنوب البلاد تعرف بدعمها القوي لترامب. وتذكر الخطوة بالرسوم الانتقامية التي فرضها الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت إدارة ترامب في 1 يونيو رسوما جمركية على الالمنيوم والحديد الصلب من أوروبا وكندا والمكسيك وغيرها. وهاجم ترامب شركة هارلي-ديفيدسون العريقة بعدما أعلنت أنها تنوي نقل خط انتاج الدراجات النارية المخصصة للتصدير، الى خارج الولايات المتحدة جراء الرسوم الأوروبية.
وحمل مسؤولون أوروبيون ترامب مسؤولية قرار الشركة التي وصفها في الماضي بأنها "رمز أميركي حقيقي". من جهته قال وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس امس الاثنين إن من "السابق لأوانه" أن تناقش الولايات المتحدة الانسحاب من منظمة التجارة العالمية. وأبلغ روس شبكة سي.إن.بي.سي "منظمة التجارة العالمية تعلم أن بعض الإصلاحات ضرورية. أعتقد أن هناك حاجة حقا لتحديث وتنسيق أنشطتها، وسنرى إلى أين سيؤدي ذلك. "لكنني أعتقد أن من السابق لأوانه بعض الشيء الحديث عن الانسحاب منها ببساطة". وقال روس "لم نخف سرا وجهة نظرنا القائلة بأن هناك بعض الإصلاحات المطلوبة في منظمة التجارة العالمية".