[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
"لقد آن الأوان أن يدرك رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية صلاحيته أن العراق دخل مرحلة خطيرة مفتوحة على جميع الاحتمالات بعد التاسع من حزيران/يونيو بسقوط الموصل وتكريت ومناطق أخرى وربما لا يعود إلى ما قبل هذا التاريخ. وهذا الواقع يتطلب مراجعة حقيقية لأوضاع العراق والبحث عن أسباب انهيار القوات الحكومية."
لم يفاجأ الرأي العام في العراق بمواقف وسياسات رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي التي وضعت الجميع أمام تحديات ومخاطر قد لا ينجو من تداعياتها أحد.
وتجربة ولايتي المالكي الأولى والثانية أثبتت أن الرجل غير قادر على ضبط إيقاع الحياة السياسية في بلاده، وأيضا الحفاظ على العراق موحدا غير قابل للقسمة باعتراف مسؤول إيراني كبير الذي أكد أن المالكي أخفق في مهمة تحقيق التوافق السياسي إلى حد المطالبة باستبداله بشخصية مقبولة من المكونات العراقية.
وإذا رصدنا مسار ولايتي المالكي فإننا نستطيع القول إن الرجل استبعد شركاءه في إدارة الحكم واستفرد باتخاذ القرارات، في موقف يعكس رفضه التداول السلمي للسلطة.
وأدى هذا المنحى الخطير في نهجه إلى بقاء العراق أسير المعضلات السياسية التي لم يوفق المالكي في إيجاد مخارج سياسية لها، وفضل الخيارات العسكرية التي لم تجلب الأمن والاستقرار للعراق، وإنما أسهمت في تعميق هوة الخلافات بين العراقيين.
وامتدت أزمات المالكي خارج حدود العراق بعزوف دول الجوار العربي وحتى الإقليمي عن التعامل معه من فرط سياسته الطائفية والإقصائية، ما وضع العراق في خانق ربما يحتاج إلى جهود للخروج من آثاره على عمق ارتباط العراق بمحيطه.
وعلى الرغم من حصول شبه إجماع على البحث عن بديل للمالكي لرئاسة الحكومة المقبلة يتناغم مع رغبة عربية وإقليمية بهذا الاتجاه، فإنه ما زال مصرا على تمسكه بالسلطة، رافضا دعوات مرجعيات دينية ومن مكونات أساسية من التحالف الذي ينتمي إليه، ومن الأكراد والسنة.
فهو حاكم يواجه اصطفافا وطنيا يدعوه لإخلاء المنصب لخليفة ربما يعالج أخطاءه ويلملم ما تبقى من العراق ويمنحه فرصة للإفلات من المساءلة والعقاب مستقبلا ويرفض الاستجابة، الأمر الذي يضع العراق مرة أخرى أمام خيارات قد لا تساعد المالكي على تحمل نتائجها سياسيا وأمنيا وحتى اقتصاديا من فرط مخاطرها على العراق أرضا وشعبا.
إن الانتقال السلس للسلطة في العراق تستدعي من المالكي أن يذعن لاشتراطاتها التي باتت مطلبا عراقيا وعربيا وإقليميا لا سيما وأن التغيير في هرم السلطة قد بدأ برئاستي الجمهورية والبرلمان، وينتظر أن يحصل في السلطة التنفيذية.
لقد آن الأوان أن يدرك رئيس الوزراء نوري المالكي المنتهية صلاحيته أن العراق دخل مرحلة خطيرة مفتوحة على جميع الاحتمالات بعد التاسع من حزيران/يونيو بسقوط الموصل وتكريت ومناطق أخرى وربما لا يعود إلى ما قبل هذا التاريخ.
وهذا الواقع يتطلب مراجعة حقيقية لأوضاع العراق والبحث عن أسباب انهيار القوات الحكومية وفشل المؤسسة العسكرية التي بناها المالكي على أسس طائفية كان ولاؤها للطائفة والحزب وليس للوطن ولعقيدة عسكرية وطنية.
وهذا الواقع أيضا يتطلب البحث عن شخصية عراقية تحظى بمقبولية وطنية جامعة لتولى رئاسة الحكومة المقبلة يضع العراق على سكة الأمن، ويبعد العراقيين من شبح الحرب الطائفية التي تخيم عليهم وتنغص حياتهم شخصية عابرة للطائفة والعرق إلى فضاء الدولة المدنية التي يساوى فيها الجميع بالحقوق والواجبات.