[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
تمثل معركة تحرير جنوب سوريا التي يقوم بها الجيش العربي السوري تحولًا ميدانيًّا كبيرًا يحسب لهذا الجيش العربي الباسل الصامد، وكذلك للحلفاء المخلصين، ويصب في صالح الدولة السورية وفي اتجاه استعادة عافيتها، والتخلص من أدران الإرهاب ورجسه، والمضي قدمًا نحو تطهير كامل التراب السوري، من الجنوب والشرق وحتى الشمال.
وبالنظر إلى أهمية معركة استعادة الجنوب السوري وإزالة الورم الإرهابي التكفيري الظلامي، وإزالة الأحمال الثقال عن كاهل أبناء الشعب السوري في الجنوب جراء الوجود الإرهابي وما تسبب فيه من تلوث فكري وقيمي وأخلاقي وإنساني وقومي وعروبي، وبالدرجة الأكبر فساد عقائدي أيديولوجي، أراد الإرهاب وداعموه من خلال كل ذلك تدمير الذات الإنسانية والفطرة السليمة والنَّفَس القومي العروبي الذي يتمتع به الشعب السوري عامة، وأبناء الجنوب السوري خاصة، حيث مقتضيات وأهداف مخطط تدمير سوريا ألا تقتصر على تدمير بناها الأساسية الاقتصادية والأمنية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، بل يجب أن تشمل المواطن السوري وما يحمله من عقيدة وفكر ومعرفة ومهن وخبرات، على النحو الذي جرى في العراق، حتى لا تعود سوريا مرة أخرى إلى دولة عربية قومية صلبة، تنتصر لقضاياها القومية. كيف لا؟ وسوريا على تماس مباشر مع أقذر احتلال عرفته البشرية والتاريخ، وأكثر وحشية وإرهابًا وإجرامًا؛ لذلك حين تتدمر البنى الأساسية والذات الإنسانية وتدمر القيم والمبادئ والأخلاق والعقيدة، وتغرس مكانها قيم ومبادئ وأخلاق وعقائد دخيلة فإن في ذلك خدمة جليلة وجلية لكيان الاحتلال الإسرائيلي وخدمة مشروعه الاحتلالي الاستعماري في المنطقة، على النحو الذي يراه الجميع في عدد من جهات الأرض والمنطقة ـ وتحديدًا كل غيور وشريف وحريص على قضاياه وقضايا أمته ـ حيث الأفكار والقيم والمبادئ والأخلاق والعقائد الدخيلة الشاذة تؤدي دورها ووظائفها لخدمة الصهيونية ولخدمة الاستعمار الصهيو ـ أميركي والغربي، مسخِّرة في سبيل ذلك الطاقات والأموال والثروات والمقدرات التي تعود لمن وقع فريسة للتضليل وغسل الأدمغة، وضحية للجبروت والتسلط، أو لمن قبل أن يكون إمعة أو رويبضة.
من هنا تمثل معركة تحرير الجنوب أهمية كبيرة ليس من حيث إنها تأتي لتطهير هذا الجزء من التراب السوري من ورم الإرهاب فحسب، وإنما من حيث تحصينه من التلوث الفكري والديني والقيمي والأخلاقي والعقدي، وتحطيم الحاجز الكبير الذي ضربته التنظيمات الإرهابية ورعاتها وداعموها على سكان الجنوب السوري، ذلك أن استلاب فكر سكان محافظات درعا والقنيطرة والجولان والسويداء، هو الأساس الذي سيجعل من هؤلاء طابورًا خامسًا لحماية كيان الاحتلال الإسرائيلي؛ إما بحمل السلاح وانخراطهم في التنظيمات الإرهابية بقيادة تنظيمي "داعش والنصرة"، وجعلهم ينقلون بنادقهم من كتف إلى كتف، من كتف مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ومناصرة الشعب الفلسطيني، إلى كتف استهداف وطنهم سوريا بعناوين كاذبة وخادعة تعكس النجاح في غسل الأدمغة وتلويث الفكر وشراء الذمم وبيع الوطن لصالح شرذمة مجرمي حرب وقتلة جيء بهم إلى أرض فلسطين، لذا فإن من الأهمية بمكان خوض الجيش العربي السوري معركة الجنوب، وتوجيه ضربة قاصمة جديدة لمخطط تدمير سوريا، وضربة موجعة للأحلام والمشروعات الاستعمارية الاحتلالية، وبالتالي تقدم النجاحات الميدانية للجيش العربي السوري في معركة الجنوب دليلًا آخر على أن التنظيمات الإرهابية ومن وقع ضحية غسل دماغ وتلويث فكر ما هو إلا مجرد أداة يوظفها ذوو مخطط تدمير سوريا، فمتى سيعود إلى رشدهم هؤلاء المضللون والمغسولة أدمغتهم؟
إن أي معركة يخوضها الجيش العربي السوري يمكن معرفة أنها على قدر كبير من الأهمية، من خلال المواقف التي يبديها أو يقدم عليها معسكر التآمر والإرهاب على سوريا، حيث تزامن استسلام التنظيمات الإرهابية ووصول الجيش العربي السوري إلى معبر نصيب مع الحدود الأردنية ورفع العلم السوري على مبنى المعبر إعلان التحالف الأميركي في سوريا والعراق أنه لن ينسحب من سوريا، متذرعًا بالأسطوانة المشروخة وهي حتى إتمام العملية السياسية في سوريا، وأن الحرب على "داعش" لم تنتهِ بعد في المناطق التي تم تحريرها على يد قوات سوريا الديمقراطية (قسد). وأن هدف التحالف الرئيسي هو البقاء إلى حين تطهير المناطق المحررة من "داعش". غير أنه سرعان ما كشف عن السر الذي يبقيه في سوريا وليس "داعش" الإرهابي في ظل تراكم كل المعلومات والشواهد عن الدعم الذي يقدمه التحالف الأميركي لـ"داعش والنصرة" ومن ينضوي معهما، وذلك حين حذر من الدور الذي تلعبه إيران في سوريا، زاعمًا أنه "لا يساعد في تحقيق الاستقرار، وإنما يعد داعمًا للإرهاب". ففي سوريا اليوم كل الأطراف باتت مكشوفة أمام الجميع من يدعم الإرهاب ومن يحاربه.

[email protected]