[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تسارع وقع الأحداث بصورة غير متوقعة، هذا ما تختزنه الذاكرة من بعض وقائع سويعات، قبل أن تكمل قوات الغزو الأميركية قبضتها على العاصمة في أبريل 2003 ، أصبحت بغداد مدينة السلام على وشك الوقوع أسيرة بيد الغزاة، لم تعد هناك أسوار دفاع عن العاصمة، وتتحدث الأخبار عن محاصرة القوات الأميركية لها من الجنوب والشرق والغرب، وتحدثت معلومات عن سيطرة دبابات أميركية على مفصل رئيسي في الشارع الواصل بين بغداد والموصل في منطقة المشاهدة على بعد خمسة وعشرين كيلو مترا شمالا ، وما زال سماء بغداد مفتوحا أمام الطائرات التي تجوب الأجواء، ويشاهد البغداديون عشرات الصواريخ المجنحة القادمة من فرقاطات تتحرك في البحار والمحيطات، وبين دوي انفجار وآخر يتصاعد الدخان في الكثير من الأماكن ، وتتصاعد ألسنة اللهب.
شهد يوم (7/4/2003) تطورات عديدة، فرغم الهجمات العنيفة، التي تتعرض لها العاصمة العراقية بالقنابل والصواريخ الموجهة، فأن الناطق العسكري العراقي، أعلن أن القوات العراقية تسيطر على العاصمة بغداد، في محاولة لرفع بعض المعنويات التي أخذت بالتراجع، إلا إن المعلومات التي يتداولها العراقيون، خاصةً الذين لديهم الأطباق اللاقطة، والتي تستخدم بالخفاء بعيداً عن الأجهزة الأمنية، تشير خلاف ذلك ، فأن هؤلاء يتحدثون عن تطورات خطيرة ومتسارعة، ومن أهمها ما أعلنه في ذلك اليوم اللفتنانت كولونيل بيتر باير المسؤول عن عمليات فرقة المشاة الثالثة الأميركية، الذي قال إن قواته فرضت سيطرتها على القصر الجمهوري (الرئاسي) وعلى قصر آخر وسط بغداد، دون أن يسميه، وعلى قصر رئاسي ثالث بالقرب من مطار صدام في منطقة الرضوانية (جنوب غرب بغداد).
أما المعلومات التي تناقلها بعض سكنة مدينة بغداد، فقد تحدثت عن معارك ضارية قرب فندق الرشيد الذي لا يبعد كثيراً عن القصر الجمهوري، ويقع على بعد ألف متر عن مقر وزارة الإعلام، التي تم قصفها عدة مرات، إلا إن محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام أصر على التردد على المبنى شبه المدمر والبقاء داخل مكتبه في الطابق السابع، في حين سبق أن انتقل كوادر الوزارة إلى فندق الميرديان واتخذوه مقراً لنشاطهم، حيث يتواجد غالبية الصحافيين والإعلاميين هناك، بعد أن غادروا المركز الصحفي، الذي يحتل الطابق الأرضي من وزارة الإعلام، إضافة إلى بناية مجاورة، كما إن نزلاء فندق الميليا منصور وغالبيتهم من الطواقم الإعلامية الأجنبية، الذي لا يبعد كثيراً عن الوزارة ويقع على ضفة نهر دجلة في جانب الكرخ، قد غادروا الفندق، بعد أن ترددت شائعات عن وقوعه ضمن الأهداف المرشحة للقصف والتدمير.
الأسوأ في كل ذلك، ما وصل إلى الأوساط الإعلامية، من تمكن القوات الأميركية من السيطرة على جميع المنافذ المؤدية إلى العاصمة، ولم يعد بإمكان أحد الخروج أو الدخول إلى مدينة بغداد، ما عدا منفذا واحدا يؤدي إلى منطقة ديالى من جهة شمال شرق العاصمة. وكان هذا المنفذ مرشحاً للإغلاق في أي وقت. وبهذا أصبحت جميع مناطق العراق معزولة تماماً عن المركز، ولم يعد بالإمكان، تغطية أيّ حدث يقع خارج المنطقة المحصورة، بين مركز وزارة الإعلام بجانب الكرخ وفندق الميرديان، الذي لا يبعد مسافة طويلة عنها، ويقع على ضفة نهر دجلة بجانب الرصافة.
هكذا أصبحت بغداد تتهاوى بانتظار أن تتوشح بالسواد.