[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
مع دخول السودان إلى السوق العالمي لتصدير الذهب واعتلائه مرتبة متقدمة من ضمن منتجي الذهب على مستوى القارة الأفريقية بإنتاج بلغ نحو مائة وخمسة أطنان في العام الماضي 2017 ، أصبح التعدين الأهلي غير الرسمي من جانب المواطنين في مساحات متفرقة بشمال ووسط وغرب السودان يشكل نشاطا اقتصاديا له نتائجه المباشرة على حياة الناس .
وفيما أصبح انتاج وتصدير معدن الذهب بالسودان " العزاء " لكل من يتحسر على خسران السودان لحوالي 70% من انتاج النفط ذهبت مع انفصال الجنوب الذي أصبح دولة قائمة بذاتها وبمواردها عام 2011 بمساندة المجتمع الدولي علانية وسراً ، فقد ظل التعدين الأهلي لمعدن الذهب الأصفر رديفا أساسيا للتعدين الرسمي الذي توضح البيانات السودانية الرسمية وصول الشركات العاملة فيه (اي الرسمي ) إلى أكثر من مائة شركة من حوالى خمس عشرة جنسية عالمية، حيث يسهم التعدين الأهلي ( غير الرسمي) بنسبة كبرى في انتاج الذهب، خصوصا وأن عدد العاملين فيه وفي الأنشطة المصاحبة له فاق الخمسة ملايين شخص من المواطنين السودانيين.
فقد أثارت الاحصائيات والدراسات التي قدرت عدد المستفيدين من قطاع التعدين غير الرسمي للذهب بالسودان انتباه الكثير من الاقتصاديين والاجتماعيين ، مما ادى الى حرص الكثير من الباحثين والأكاديميين على تسليط الضوء على هذا النشاط عبر بحوث ودراسات أكاديمية يأمل القائمون عليها في أن تؤخذ نتائجها بعين الاعتبار من أجل تطوير هذا القطاع الاقتصادي الهام في السودان .
ويرى اقتصاديون بأن التعدين الأهلى الذي ينقب العاملون فيه عن معدن الذهب السطحي باستخدام وسائل بدائية يقوم أغلبها على الخبرة في تتبع ما يعرف سودانياً " بعرق الذهب " في شبه الصحاري بالولايات الشمالية بالسودان وعلى القيام بحفريات سطحية وعميقة مع الاستعانة ببعض أجهزة الكشف عن المعادن البسيطة في تقنياتها التكنولوجية، فقد أدى هذا النشاط إلى تغيير حياة قطاعات عريضة من العاملين فيه، حيث رفع مستوى دخل العاملين فيه وتغير مستوى معيشتهم نحو الأفضل سواء من حيث أساليب حياتهم اليومية او من حيث تغيير خياراتهم في المعمار والاسكان ووسائل النقل وغير ذلك ، فضلا عن إسهامهم المباشر في اجمالي الناتج المحلي عبر بيعهم للذهب الى بنك السودان أو الى التجار المرخصين.
ورغم ما لامسه الاقتصاديون والاجتماعيون من تغييرات اقتصادية إيجابية في حياة العاملين في قطاع التعدين الأهلي، الا انهم يتحفظون ايضا على بعض سلبيات هذا النوع من النشاطات، والتي تبين منها ظهور بعض الأمراض والمشكلات الصحية المعقدة الناتجة عن التعامل غير الرشيد مع مادة " الزئبق " الذي يستخدمه بعض المعدنون في تنقية معدن الذهب عند استخراجه حتى يصبح تجاريا وذا عائد عال، كما أثر اتجاه الكثير من الناس للتنقيب السطحي عن الذهب على اداء قطاعات اخرى كالزراعة والرعي ببعض المناطق علاوة على اضرار التجريف غير المقنن للتربة في مواقع التعدين غير الرسمي.
وعند الجمع بين ايجابيات وسلبيات هذا النشاط الاقتصادي الذي اصبح هاما في السودان، ارتفعت بعض اصوات الاقتصاديين والاجتماعيين داعية الى المزيد من تقنين التعدين الأهلي دون توقيفه، وحث المؤسسات المالية المحلية لتمويل هذا النشاط بعد التحقق من الضمانات اللازمة حتى لا يتأثر القطاع المصرفي بأي آثار سلبية لأي عمليات تمويل غير آمنة، بالاضافة الى أهمية تواصل اجراء البحوث والدراساتت الاقتصادية والاجتماعية في هذا المجال للتعاطي من الآثار السالبة لهذا التشاط وتعزيز إيجابياته .

طارق أشقر
من أسرة تحرير الوطن
[email protected]