إذا كان تأهيل القوى العاملة الوطنية الجانب المشرق والركن الأهم في سياسة التعمين التي تبنتها الحكومة نحو إيجاد فرص عمل وتأمين سبل الحياة الكريمة، فإن تمكين شبابنا من رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هو الجانب المشرق الآخر من حيث تعمين المؤسسات والشركات والمبادرات والمشروعات لتكون عمانية بمئة المئة إداريًّا وفنيًّا وإنتاجيًّا، انطلاقًا من الحرص السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بأن تأخذ السواعد العمانية زمام المبادرة ومعاول البناء، بعد الجهود المقدرة والمشكورة التي بذلتها الأيدي العاملة الوافدة في القطاعات التي كانت الحاجة إليها ضرورية، حيث متطلبات المرحلة التي فرضتها طبيعة التحول المتسارع وعملية البناء والتعمير التي تشكل بنية أساسية لحياة المواطن حتى ينطلق لبناء نفسه وتنمية مهاراته في بيئة مستقرة ومستوى معيشي ملائم.
وتأسيسًا وتأصيلًا لحقيقة ومبدأ أن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها، وأن اقتصادها تمثل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إحدى أهم ركائزه، جاءت فكرة تمكين شبابنا من خلال فتح مجالات أوسع وأبعد مدى من النظرة الضيقة والمحدودة والمتمثلة في الوظيفة، سواء في الحكومة أو القطاع الخاص، إلى تأسيس مؤسسات صغيرة ومتوسطة وريادة الأعمال التي لا تشجع فقط الشباب على ارتياد هذا النوع من النشاط المهني الحر، وإنما أيضًا لترجمة الأفكار والطاقات والقدرات والمواهب إلى أشكال متعددة من الممارسات الملموسة والعمليات الإنتاجية التي تعود بالنفع على الجميع، وبالتالي تغيير ثقافة الوظيفة الجاهزة أو المنتظرة إلى مفهوم أوسع وأشمل يتجاوزها، سواء من حيث الحرية والإدارة والتوسع في تقديم الخدمة أو السلعة، ومضاعفة الدخل والربح وغير ذلك، الأمر الذي سيثري الحراك الاقتصادي والتجاري ما ينعكس بصورة إيجابية على وضع الاقتصاد الوطني ويعطيه الدينامية والنمو، كما تشكل عملية التمكين ذاتها لذوي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وأصحاب المشروعات والمبادرات الفردية تشجيعًا للآخرين، وتحفزهم على التفكير الخلاق، وابتناء مشروعات ومؤسسات أسوة بمن سبقهم، وهكذا، وهو ما سيفتح بالمقابل فرص عمل كثيرة ومتعددة تبعًا لتعدد الأفكار والمشروعات والمؤسسات، ويثري في الوقت ذاته المنافسة.
لذلك، يجب أن تبقى النظرة إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نظرة أعمق وأشمل، والرغبة الأكيدة في تمكين هذه المؤسسات لتنمو وتنتعش وتنتشر من خلال دعمها بإسناد مشروعات ومناقصات إليها، وفي هذا الجانب يمثل "منتدى فرص الأعمال" الذي تنظمه شركة عُمان للحوض الجاف غدًا بولاية الدقم فرصة مواتية للتعبير عن الحرص الأكيد على تمكين رواد الأعمال، حيث يستهدف المنتدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والموردين المحليين، ويعرض الفرص الاستثمارية المتاحة والفرص المستقبلية الواعدة في الشركة.
وحسب المنظمين فإن المنتدى يهدف إلى إيجاد منصة للشركات والمؤسسات للتعرف على بعضها، والاستفادة من الفرص المتاحة تحت سقف واحد للتوسع في أعمالها، إضافة إلى تعزيز جهود وبرامج شركات "أسياد" في مجال القيمة المحلية المضافة للمنتجات والصناعات والخدمات والمسؤولية الاجتماعية. كما يسعى المنتدى للتعريف بآليات وشروط التعاقد والتناقص للمشاريع والعقود والمناقصات في شركة عُمان للحوض الجاف، ويتيح الفرصة للتعرف على حاجة شركة عُمان للحوض الجاف من الخدمات والأعمال المستقبلية التي يمكن أن تكون فرصًا استثمارية واعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والشركات المحلية، إضافة إلى التعرف على فرص الاستثمار المشتركة بين الشركة والقطاع الخاص لتشغيل خطوط إنتاج جديدة بالحوض الجاف، الأمر الذي سيضيف الزخم الاقتصادي والنشاط التجاري في المنطقة الاقتصادية بالدقم التي تعد منطقة واعدة.