[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
قد يتوقف القتال لكن الحرب لن تنتهي .. كأنما هي ارتبطت ببعضها بعضا فصارت جملة واحدة لا يمكنك الاستغناء عن أي حرف فيها. ولهذا هي في سوريا والعراق واليمن وحتى في ليبيا، ممر واحد لحرب طويلة لن تقف إلا باتفاقات كبرى.
هنالك كلام مؤلم، لكنه يضع اليد على الجرح الحقيقي .. يجب الاعتراف أن الحروب تشتعل كي لا تنتهي بلا نتائج .. تمر بانعطافات كثيرة، تبدو أحيانا وكأنها لا تتوقف، تتوقف لتأخذ قسطا من الراحة، لكنها تظل تدور في العلن وغير العلن، إلى أن يشاء لها نهايات من خطط لها وفجرها ووضعها على مسرحها وقدم لها.
أنا أتحدث خارج العاطفة وخارج المحبة وخارج الانتماء العقائدي والفكري والأيديولوجي والإنساني والاجتماعي والشخصي .. حروب اليوم تم التوقيع عليها منذ زمن طويل، وعندما حان توقيتها تفجرت، الكبار يصنعونها، والكبار ينهونها، ما علينا سوى فهم اللحظة التي وصلتها تلك الحرب وماذا أنجزت حتى الآن كي نفهم متى تتوقف؟
عندما يكون الأعداء كما هم مندرجين في خانة واحدة، فيجب أن نفهم جذر الحروب التي يصنعونها لغايات كبرى واستراتيجيات مفيدة لهم. فماذا تفيدهم الحرب على سوريا، وعلى العراق، واليمن وليبيا، وربما غيره. إذا توصلنا إلى الإجابة بدقة وتفاصيل، نعرف بالتالي لماذا تم توقيت تفجير المؤامرة على سوريا؟ ولماذا احتل العراق في هذا التوقيت؟ ولماذا ليبيا لم تعد دولة؟ ثم لماذا اليمن في هذا الصراع المضني؟
اللعبة واحدة، منذ نكبة فلسطين، مرورا بكل اشتقاقات الحروب التي مرت والتي لها سبب واحد، وصولا إلى التفجيرات الأخيرة التي سوف تحمل أيضا شرارات حروب قادمة مهما كانت أشكالها وأسبابها.
صحيح أن ثمة تداخلات أحيانا، لكن جوهر الحروب لا يتغير، وسيظل سببه مقيما في الجسد العربي ألا وهو إسرائيل، الغدة السرطانية التي أقيمت لهذه الغاية، ومن أجلها يرتكب الغرب بقيادة الولايات المتحدة كل ما نراه من أزمات، فلعلها تعيش أكثر، بل يمتد عمرها ويطول .. قيام إسرائيل كان لأسباب بتنا نعرفها، ولكي تظل هذه الأسباب قائمة، لا بد من الصراع الدائم، إشغال الأمة ببعضها، تحطيم إمكاناتها، قلب أمورها رأسا على عقب، تفتيت المزيد، اختراع شخصيات وهمية من أجل أن تحكمها خدمة لها...
الاعتقاد السائد أن الحروب لن تخرج عن حيزها الحالي؛ أي أنها لن تصل إلى بلدان الخليج العربي بسبب النفط وشرايينه التي هي الخط الأحمر المرسوم في السياسة الدولية. الإجابة نعم، لكن هاك العراق الذي يعتبر من أغنى الدول نفطيا ومع ذلك لم يمنع ذلك من اجتياحه واحتلاله وتخريبه ومنعه من أن يصبح دولة ذات سيادة، ومن هي الدول العربية التي تتمتع بهذه السيادة؟!
لنقفز فوق العواطف الجميلة وأحلام الأفراد وهم يتطلعون إلى غايات جميلة من حقهم أن يصلوا إليها .. نحن في العالم العربي، في قلب العالم، وفي أكثر مناطقه حساسية، والأهم أننا نحيط بكيان إسرائيلي في خدمته من هم الأقوى والأقدر على تحقيق انقلابات ومتغيرات وصراعات وحروب وتجهيز المزيد منها ساعة تشاء ولذات الأسباب والمنافع.
لا أطلب الاستسلام برفع الأيدي، بل الفهم العميق لكل سبب أوصل الأمور إلى ما هي عليه. وتكرارا، صنعت الحروب الحالية كي تصل إلى أهدافها وإن لم تصلها بعد فلسوف تستمر ولن تتوقف مهما بدت أحيانا.