في كل عام دراسي وعقب نهاية الامتحانات وظهور النتائج، يترقب الطلبة وأسرهم الإجازة الصيفية للتحرر من الروتين اليومي الذي تفرضه طبيعة الدراسة، سواء كانت في المدرسة أو الكلية أو الجامعة أو المعهد، والبدء بالبحث عن مجالات يمكن أن تُقضى فيها الإجازة، إلا أنه من المؤسف أن ليس جميع من ينتظرون الإجازة الصيفية لديهم خيارات وخطط وبرامج عمل يستغلون بها فترة الإجازة، فتجد كثيرًا من الناس؛ أي من الأسر والطلبة قد ضاعت عليهم فترة الإجازة رغم طولها دون استثمار لها، ودون تحقيق منفعة، وهناك من يسيء فهم معنى الإجازة بأنها هي للنوم والأكل والسهر واللهو فقط. وثمة من يظن أن الإجازة هي فترة الرحلات إلى خارج البلاد وبالتالي إذا لم تتوافر الإمكانات المادية فقد ذهبت متعة الإجازة منه، وأصيب بالإحباط.
لذلك يحتاج الكثير من الأسر إلى ما يمكن تسميته بـ"ثقافة الإجازة" وهذا قد لا يتأتى إلا حينما تتكاتف الجهود وتتضافر، وينظر إلى الإجازة بصورة مجتمعية ومؤسسية، بحيث تتكاتف قوى المجتمع مع مؤسسات الدولة وتبدأ بالنظر في القيمة الحقيقية لوقت الإجازة، وعدم جواز هدر هذا الوقت، وتوظيفه بما يخدم الأفراد والمجتمع والبلاد بوجه عام، وتسخر الجهود في وضع برامج وخطط وأنشطة تخرج الطلبة عن الروتين اليومي للمدرسة وتشعره بنوع من الحرية التي تعطيه الأريحية الكاملة في اختيار ما يناسب قدراته وطاقاته ومواهبه، مع أهمية اختيار الأنشطة والبرامج العلمية والثقافية والرياضية والترفيهية بحيث تكون برامج وأنشطة جاذبة ومحببة للطلبة تشجعهم على المواصلة من جهة، وتشجع المزيد من الطلبة في الأعوام القادمة وهكذا.
ويعد البرنامج الصيفي لطلبة المدارس الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم من الأهمية بمكان، ومن البرامج ذات البُعد الوطني والمسؤولية الاجتماعية من خلال ما يشمله من برامج ومناشط، تهدف إلى الحفاظ على الربط القائم بين الطالب والمدرسة، حتى لا يكون هناك انفصال تام، فمن خلال هذه البرامج والأنشطة والفعاليات يبقى ما اكتسبه الطالب من المعارف والعلوم حيًّا في ذاكرته، بحيث يمكن أن يوظفه في هذه الفعاليات والأنشطة، أو يتقدم بأفكار رديفة تثري القائم من البرامج والأنشطة.
والبرنامج الصيفي لطلبة المدارس في نسخته التاسعة لهذا العام 2018 والذي انطلق يوم أمس تحت شعار "صيفي مواطنة مسؤولة" سيعمل على استثمار وقت الإجازة في كل ما هو مفيد للطلبة، والارتقاء بأفكارهم وصقل مواهبهم وتنميتها، وسيتواصل البرنامج على مدار أسبوعين في جميع محافظات السلطنة من خلال (44) مركزًا تم توزيعها على المحافظات تضم(3100) طالب وطالبة، وقد أكملت جميع المديريات التعليمية كافة استعداداتها خلال الأيام الماضية.
وحسب القائمين على البرنامج، فهناك جملة من الأهداف يسعى البرنامج لتحقيقها يأتي في مقدمتها غرس مفاهيم الاعتزاز بهذا الوطن وقائده المفدى، وبناء شخصية إيجابية متزنة في جميع الجوانب النفسية والاجتماعية والثقافية والدينية والقيمية، من خلال تعميق دور البرنامج ومضامينه؛ للمساهمة بشكل مباشر في تأهيل الطلبة لخدمة مجتمعهم. ويهدف البرنامج لهذا العام إلى تأكيد أهمية القيم في حياة الطالب بصفة خاصة؛ فهي سبيل إلى تحقيق طموحاتهم من خلال ناتجها الملموس في المنجزات الشخصية والاجتماعية والوطنية والإقليمية والدولية، ولضمان تحقيق أفضل عائد وأعلى نسبة من التفاعل والجودة الممكنة لتنفيذ مناشط هذا البرنامج بالشكل المخطط له، وترسيخ القيم والصفات الحميدة كالتعاون واحترام الآخرين وتقدير الذات في نفوس أبنائنا الطلبة، وتأكيد قيم الانتماء والولاء للوطن وقائده، ورفع مستوى الوعي بأهمية استغلال وقت الفراغ في ممارسة الأنشطة المختلفة، وزيادة الوعي الصحي وغرس بعض العادات الصحية السليمة من خلال ممارسة الأنشطة، وغيرها من الأهداف والقيم والمبادئ والمثل التي يعمل البرنامج على غرسها في أنفس الطلبة.