[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
يتساءل الشارع العراقي وعلى نطاق واسع عن دوافع الإعلام العربي بتجاهله لموجة كبيرة وواسعة من المظاهرات التي ما زالت متواصلة في الكثير من المدن العراقية، يرى البعض أن هذا التجاهل المتعمد من قبل مختلف وسائل الإعلام العربي يدلل على أن مشروع غزو العراق واحتلاله والذي أفضى إلى تدمير هذا البلد وتخريبه ما زال مستمرا وبذات الضراوة والهمجية، وأن هذا الاحتلال الذي حظي للأسف الشديد من الدول العربية ووسائل إعلامها بدعم منقطع النظير، ما زال قائما رغم اعتراف الجميع بالنتائج الكارثية للاحتلال وما أنتجه من عملية سياسية مشوهة وحكومات جاءت بكل أنواع الخراب والدمار والدماء للشعب العراقي.
تعود ذاكرة العراقيين إلى بدايات الغزو الذي دعمته غالبية العرب أو صمتت إزاءه، ولم تحرك جامعة الدول العربية ساكنا للوقوف ضد الغزو، وسارعت هذه الجامعة بارتكاب الإثم الأكبر بحق الشعب العراقي عندما اعترفت فورا بما سمي مجلس الحكم في العراق الذي أسسه المحتلون الغرباء الغزاة، وأصبح للأسف الشديد من يمثل العراق وشعبه وتاريخه العريق شخصا يتبع الغزاة المحتلين، ولم نسمع اعتراضا واحدا من الدول العربية على هذه الإهانة التي لم تقف عند حدود العراق المحتل، وإنما شملت الجميع وبدون استثناء.
قال البعض مفسرا هذا السلوك السيئ بأن "العصا الأميركية" مسلطة على رقابهم، وطالب الكثيرون بدعم التجربة الأميركية في العراق لأنها تمثل العصا السحرية التي ستنتقل بالعراق إلى مستوى الدول المتقدمة، وأن هذه التجربة ستجلب الرخاء والسلام للمنطقة بأسرها، لكن الذي حصل أن العراق يسير نحو الأسوأ في كل يوم، وبعد أن فاض السوء بهذا البلد بدأ شرره يتطاير وأخذت جدران الأمة بالانهيار، وبعد سنوات على تجربة الاحتلال المدعوم عربيا ودوليا بدأت الأوضاع تسوء وتتدهور أحوال البلاد والعباد، وبدلا من الرخاء في المنطقة وازدياد الأمن راحت الفوضى تعم البلدان، وأخذ الكبار والصغار يرددون لقد انهار العراق فبدأ الانهيار الأوسع.
لقد تماهى الكثيرون مع العصا الأميركية وانحنوا لها تحت قناعات زائفة تردد أن تجربة العراق سيشار لها بالبنان، لكن الصورة أصبحت معلومة تماما، وأن لا فائدة ترتجى من عملية الاحتلال السياسية ودستورها الزاخر بالألغام والقنابل، ولا يستطيع شخص عاقل واحد يذكر إيجابية واحدة لهذه التجربة ولا لحكوماتها المتعاقبة منذ العام 2003، وهذا الأمر يفرض على داعمي حكومة بغداد التوقف عن ذلك واتخاذ الموقف السليم والسوي، لأن ما يجري في هذا البلد يفوق الخيال ولا يمكن لإنسان عاقل أن يقبل به، كما أن تجربة العقد ونصف أكدت وبما لا يقبل الشك أن جسد العملية السياسية في العراق وأدواتها منخورة بمرض لا يمكن الفكاك منه.
رغم كل هذه الحقائق التي لا تخفى على أحد يلتزم الإعلام العربي الصمت على غضب العراقيين الذي انفجر بقوة هائلة، وأن أغلب وسائل الإعلام تلك تحاول "تجميل" صورة الذي يقتل المتظاهرين السلميين.