[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/adelsaad.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]عادل سعد[/author]
إن ما يفعله بعض المتظاهرين هو في حقيقة الأمر تصعيد للكلفة المالية التي تستهلكها الحكومة، في حين ينبغي أن تستثمر هذه الكلفة في مجالات أخرى. وفي هذا الشأن أنا لا أصدق أصلا ما يقال عن أن هذا النفر من الأفراد يعمل بموجب أجندة خارجية، ثم كيف لا يستطيع المتظاهرون والمعتصمون الآخرون عزل هؤلاء المخربين؟

تعاني مجتمعات عديدة أعباء أفراد لا يتورعون عن الاستخدام المحظور المخزي الذي لا يمكن أن يستند لأية تبريرات منطقية بأي حال من الأحوال، إنهم يستغلون أحداثا معينة لتمرير أجندة هي جزء لا يتجزأ من رصيدهم السلوكي الشائن العام، مغتنمين أية فرصة للدخول على الأحداث والاختلاط بالآخرين، وارتكاب أعمال على أساس مزعوم أنها تمثل طروحات الرأي العام.
هم أصحاب تخريب إشباعا لمخططات ذاتية ليس إلا، وإلا بماذا تفسر أن تحتفل فرنسا, كل فرنسا بحصولها على كأس المونديال لعام 2018 في روسيا، ويستغل عدد من الفرنسيين هذا الاحتفال بالحدث السعيد للإغارة على مجمعات تجارية في الشانزلزيه بالعاصمة باريس، وينهبون محتوياتها كما يعيثون خرابا بها بدون أي سبب كان، إلا سبب أنهم (يواظبون) على الأفعال السيئة، وهناك نسخ أخرى مختلفة جرت في العاصمة البريطانية لندن عام2011، وكذلك ما جرى أكثر من مرة في مدينة سياتيل الأميركية وغيرها من المدن في الولايات المتحدة الأميركية.
وكيف يستقيم منطق المطالبات بإيجاد فرص عمل وتحسين الخدمات ومواجهة اخطبوط الفساد ضمن شعارات رفعها متظاهرون في عدد من محافظات جنوب ووسط العراق، مع اقتحام مؤسسات حكومية عامة وتخريبها؟ أليس في ذلك إفساد متعمد لحالة التظاهر السلمي والاحتجاجات المدنية المشروعة؟ في حين أن المطالب التي ينادي بها المتظاهرون تدعو الحكومة إلى تلبية حقوقهم المشروعة؛ فأي توافق ممكن بين هذه المطالب وعمليات التخريب التي طالت تلك المؤسسات، مع أن المطالب مشروعة، في حين أن تخريب المؤسسات وتدمير أثاثها إنما يعمق الانكشاف الاقتصادي والخدمي الذي يعاني منه العراق وبما يؤدي في النتيجة النهائية إلى إطالة أمد الأزمة، وانصراف جزء من جهد الحكومة إلى معالجة ما نتج عن التخريب.
إن ما يفعله بعض المتظاهرين هو في حقيقة الأمر تصعيد للكلفة المالية التي تستهلكها الحكومة، في حين ينبغي أن تستثمر هذه الكلفة في مجالات أخرى. وفي هذا الشأن أنا لا أصدق أصلا ما يقال عن أن هذا النفر من الأفراد يعمل بموجب أجندة خارجية، ثم كيف لا يستطيع المتظاهرون والمعتصمون الآخرون عزل هؤلاء المخربين؟
إن الإحاطة الرادعة في مواجهة مثيري الشغب وأصحاب النزعات التدميرية تتطلب بالأساس اعتماد مواظبة اجتماعية حقيقية، مع عدم التساهل مع هؤلاء المخربين، وإلا فإننا أمام ما يسميه الباحث البريطاني مايك بوند سيكولوجية الحشود؛ إذ يفيد بأن التساهل معهم يتيح انتشار وباء النزعات التدميرية، وهذا هو البلاء الأخطر. ولذلك سأل رئيس الوزراء البريطاني الراحل تشرشل استخباراته خلال الحرب العالمية الثانية: كيف هو عمل الدوائر القضائية؟ وعندما نقل له أنها صامدة لم يمتد لها الوهن والغش والفعل المحظور. قال بكل وضوح: الانتصار البريطاني قادم. ومن هنا لا تستقيم مجتمعاتنا إلا بالتصدي الحازم والجريء للذين يستثمرون بالمحظور.