[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
ما حصل في السويداء السورية هو عينه في المفهوم الصهيوني، الصدمة والرعب .. سرعة التنفيذ واختيار التوقيت المفاجئ، من أهم الدراسات التي يعتمد عليها عقل التوحش .. إحدى القرى سقط منها واحد وعشرون من عائلة واحدة، بعض القرى في حدود الستين ضحية، وفي السويداء وحدها أفلت هؤلاء السبعة المزنرين بالمتفجرات .. المشكلة أيضا، أن أكثر القرى التي وقعت فيها المجازر كانت المحاذية إلى البادية، بمعنى أن محدثي من السويداء على الهاتف اعتبر أن المتوحشين قد يكونون قدموا من البادية ومن منطقة التنف التي يشرف عليها الأميركي، فهل لهذا الأخير تدخل في أمر كهذا أو علاقة ما بالخطة المتكاملة للمجزرة، وهي على ما يبدو ليست وليدة ارتجال، إنها رسم على الورق تم تحت ضوء القمر بين قوى متربصة، وليس فقط مجرد اتفاق على هجمة بلا راعٍ ولا اتفاق ومعرفة تفاصيل الأماكن، كما أخبرني محدثي، أن بعض المسلحين عمدوا إلى الدق على أبواب يعرفونها سلفا ويعرفون من يقطن فيها. إنها روح انتقامية، فسرها محدثي بأنها رد على نجاحات الجيش العربي السوري في الجنوب أيضا.
وقال محدثي على الهاتف، كان يجب أن لا تقع المجزرة بهذه الطريقة والشمول لو أن هنالك قوى ولو بسيطة ترصد المناطق. هذا الفلتان في مواجهة عدو معروف سلفا ما يضمر للمنطقة، هو السؤال على كل شفة ولسان.
الإحصاء الحقيقي لعدد القتلى كما ورد من وزارة الصحة السورية بناء على معلومات محدثي هي 228 ضحية. عدد كبير وهائل بلا شك .. لا يمكن لأي عقل حتى لو كان غير خبير إلا أن يسأل عن المخطط ككل، وبأنه مشغول بحرفة عالية لا يمكن أن يكون المسلحون وحدهم من خطط .. ثمة من يدرس العملية بكل أبعادها وهذا طبعي، بالكيفية التي سبقتها ثم أثناءها، ثم ما يراد لها من ردود فعل في محافظة عروبية، قال لي محدثي على الهاتف وهو أحد إعلامييها، إن ثمة أصواتا كتبت على منابر التواصل الاجتماعي ردود أفعال لا يمكن وصفها إلا أنها موتورة ضد الوطن، واتهم تلك المنابر بأنها أصبحت مثل سوق خضار فيها من كل الأصناف والعيارات.
وقال محدثي، إن دخول الجيش إلى المحافظة لو حصل، فلسوف يكون له وقع كبير في نفوس أبناء المحافظة .. خصوصا وأنه أصبح على بعد أمتار من الجيش الإسرائيلي في الجنوب، ولم يبقَ له سوى ما قاله الرئيس بشار الأسد سوى معالجة الوضع في منطقة إدلب، حيث الشرائح المتوحشة التي تراكمت هناك، وهو تنوع فريد من تنظيمات عسكرية لا يجمع بينها جامع سوى أنها ارتأت أن تكون حيث لا خيار غيره.
من الغريب قوله، إن التوحش لم يفهم حتى الآن أن دوره انتهى في كل الجمهورية العربية السورية، ومع ذلك يحاول أن يقدم عرضا دمويا بمثابة برقيات على أنه حي وموجود وله أذرع وقوة وإمكانيات في تنفيذ مجازر وفي القتل العشوائي .. بل إن ما يقوم به بقايا عملياته الانتحارية التي لن تغير من الأمور شيئا سوى المزيد من الثأر ضده ومن ردات أفعال انتقامية.
هذا التوحش المسير من قبل عقول في دول معروفة، إنما يقدم آخر ما يقدر عليه قبل أن يصبح من النسيان .. مع أن نسيان أفعاله ومن خطط له وموله وأدار ألعابه الخبيثة، سيحتاج لأجيال جديدة، ولعالم عربي سمع بما جرى لكنه لم يعش المحن ولا التجارب المريرة التي مرت على أجيالنا ودفع من أجلها أثمانا باهظة.