القاهرة ـ الوطن:
تعد أفلام الرعب الأميركية الأكثر تشويقا وإثارة ورعبا على مستوى الأفلام العالمية الخاصة بهذه النوعية وقد برعت فرق العمل وصناع الفنون بهوليوود في بث الرعب في النفوس بقصص محكمة الصياغة حول حالات وأزمات وربما قضايا تأخذ المشاهدين لحالة من الرعب والخوف لم ولن يسبق لها مثيل. وطالما شكلت أفلام الرعب مجالا مهما ومحوريا للنقاد والأكاديميين والباحثين في مجالات علم الاجتماع والنوع الاجتماعي والنسوية الأميركيين والبريطانيين تحديدا وانغمسوا فيه تماما بحثا ونقدا وتفكيكا وقد تعددت الرؤى والأفكار وزوايا التحليل ولكنها اتفقت على أمر وحيد وهو أن أفلام الرعب عدسة مكبرة لرؤية الهلع الاجتماعي وتعقيداته حول النساء وخياراتهن وعلاقاتهن ومع الرجال ومع السلطات والكل يبحث عن الحقيقة خلف كواليس العمل أو خلال الفيلم المرعب.
فيلم Split أو (انقسام): من نوعية هذه الأفلام الأميركية المرعبة الخاصة بصناع فنون هوليوود بطولة: "جيمس مكافوي" و"انيا تايلور" و"بيتي باكلي". تبدأ أحداث الفيلم بصديقتين تقرران دعوة صديقة أخرى منعزلة قليلا إلى حفل عيد ميلاد إحداهما وأثناء ركوبهم السيارة يكتشفن أن أحدهم قتل والد صاحبة عيد الميلاد ودخل السيارة وأصبح فجأة يمسك بعجلة القيادة ثم قام الخاطف بتخديرهن حتى وصلوا جميعا إلى مكان منعزل وأدخلهن حجرة وأغلق عليهن. وتستيقظ الفتيات ويحاولن الهرب إلا الفتاة المنعزلة فهي هادئة وكأنما تعلم أن الهرب غير ممكن وأنها يجب أن تفكر بحرص لتتمكن من خداع الخاطف. وتتعجب الفتاتان الاخرتان منها وتدور بداخلها الذكريات التي أدت بها إلى الانعزال والهدوء والتفكير بشكل مختلف وتلك الظروف تمثلت في عمها الذئب البشري الذي كانت ووالدها يذهبان معه لصيد الغزلان وقام العم اللا انساني بانتهاك براءتها وهي طفلة صغيرة وزاد سوء الأمر عليها بوفاة والدها وإلزام العم بالوصاية عليها فأصبحت دائمة الهرب من المنزل. وأثناء تذكرها لتلك الأمور يدخل الخاطف ليذكرهم بضرورة التنظيف لمكانهم بشكل يدل على مرضه النفسي الأول وهو الحب المرضي للترتيب. وبعد قليل يدخل الخاطف ويكلمهن مثل طفل صغير فيعلمن أنه مريض بتعدد الشخصيات وتفكر البطلة باستغلال شخصية الطفل وخداعه ليخرجهم لكنه ما يلبث أن يخرج مسرعا. وتحاول الفتيات الهرب فيكتشف الخاطف تلك المحاولة ويقرر حبس كل منهن في غرفة منفصلة ثم يدخل عليهن في شخصية أخرى وهي شخصية سيدة في تلك المرة تقوم بالحديث معهن وإعطائهن الطعام .
وفي خلال ذلك يتبين أن الخاطف يعاني من مرض نفسي نادر وهو الحياة بأكثر من شخصية ويتردد على طبيبة نفسية تدرس حالته النادرة فهو يمتلك على حد علمها أكثر من عشرين شخصية ولكنها لم تكن تعلم أن هناك شخصية إضافية قد تكونت وهي شخصية عنيفة ومتوحشة كشخصية وحش يملك قدرات خاصة ويستطيع أكل لحم البشر. وبالفعل بدأت شخصية الوحش في الظهور والتهم أجزاء من الفتاتين وحاول أن يلحق الأذى بالفتاة الهادئة لكنها حاولت الهرب من حجرة إلى أخرى.
وخلال ذلك استطاعت الطبيبة الوصول إلى مكانه محاولة التحدث معه للسيطرة على شخصية الوحش بداخله لكنه قام بقتلها ولكنها استطاعت قبل ذلك كتابة اسمه الحقيقي قبل تعدد الشخصيات لتتمكن الفتاة من مناداته به وتستطيع السيطرة عليه عندئذ. ولكن بمقتل الطبيبة ازداد عنف الوحش بداخله وظل يطارد الفتاة وحاولت الهروب منه بكل الطرق حتى واجهته بأحد الاسلحه وإصابته عدة إصابات لكن لامتلاك شخصية الوحش قدرات خاصة لم يقتل وإنما هرب قبل وصول الدعم من الشرطة وخرجت الفتاة لتكتشف أن المكان الذي احتجزهم فيه كان أسفل حديقة حيوان وأنه اختفى ولا يعلم أحد المكان الذي سوف يظهر فيه بعد ذلك.
يجسد (سبليت) صراع الخير والشر خاصة بين الفتيات والوحوش الضارية وكيفية تحول المرض النفسي لو لم يتم علاجه لوحش كاسر يطحن بغرائزه براءة الأطفال ولا يرحم الكبار. وقد تناول العديد من الكتاب الكبار في الغرب قصص الواقعية الممزوجة بالخيال المرعب وهذا الفيلم يبدو كحكاية وراءها العديد من الأسرار التي جعلت هناك تشويقا وإثارة من بداية العمل لنهايته خاصة مع جعل نهاية الفيلم نموذجا مفتوحا للمعالجة وعمل أجزاء أخرى من الفيلم.
وقد ذهب البعض هنا لأقصى اليمين أو اليسار في رؤاهم النقدية إذ يعتقدون بأن للسياسة دورا محوريا في طغيان مشاهد العنف الحادة في بعض أفلام هوليوود خاصة هذا العمل والتي تتعرض لها النساء في الأفلام الأمريكية وأن سياسة الحزب الحاكم نحو خيارات النساء الاجتماعية هي السبب الأكثر تأثيرا في ذلك فكلما كان البيت الأبيض محافظا على قيم العائلة التي تؤكد على ضرورة التمثل بمعايير الشرف والعذرية والأمومة الحقة كلما كان موت النساء الخارجات عن هذه القيم في الأفلام أكثر بشاعة وكلما عانت الأمهات العازبات أكثر وأن التباين على سبيل المثال بين نوعية الأفلام في فترات الحكم المختلفة شديد الوضوح حسب وجهات نظرهم وهو ما تم علاجه في أكثر من فيلم وعمل سينمائي كما سبق في اسبليت.