التجارب أثبتت نجاح زراعة عدد من الأصناف المستوردة أهمها "الصنين" و"وادي قريات 110"

بهلاء ـ العمانية: يعد محصول القمح من أهم محاصيل الحبوب التي تزرع في السلطنة، حيث حافظ المزارع العماني على زراعته على مر الأزمنة، وترجع زراعة القمح إلى زمن بعيد حيث كان يزرع في مساحات واسعة بمختلف مناطق السلطنة.
ومن خلال الإحصاءات المتوفرة لدى وزارة الزراعة الثروة السمكية اتضح أن زراعة القمح في السلطنة تذبذب من موسم لآخر وذلك حسب وفرة المياه، حيث تعتبر أحد الأسباب الرئيسية لزراعة القمح، وتشير هذه الإحصائيات إلى أن المساحة المزروعة من القمح في السلطنة عام 1980بلغت أكثر من (3000 فدان) بمعدل إنتاج يبلغ حوالي 600 كجم /فدان، وقد انخفضت هذه المساحة تدريجيًا حتى وصلت إلى 2103 أفدنة طبقا لإحصائيات 2017م، حيث بلغ معدل الإنتاجية 1010 كجم للفدان تقريبًا.
ويرجع التناقص المستمر في المساحة المزروعة بالقمح إلى إدخال محاصيل جديدة من الخضراوات والفاكهة ذات العائد السريع والمجدي للمزارعين، بالإضافة إلى وجود البدائل المستوردة للقمح وتوافر الطحين بالأسواق بأسعار رخيصة نسبيًا.
وبالرغم من انخفاض المساحة المزروعة بالقمح بما يقرب من 34.7 بالمائة، إلا أن إنتاجية الفدان قد زادت بنسبة 50 بالمائة، ويعود ذلك إلى نشر زراعة الأصناف ذات الإنتاجية العالية والمقاومة للأمراض والآفات لدى المزارعين، بالإضافة إلى تحسين الأساليب الزراعية التقليدية، واستخدام الميكنة الزراعية، والأسمدة الأرضية والورقية، وقد سجل صنف وادي قريات 226 أعلى معدل إنتاج بمقدار 2400 كجم/فدان، وبلغ إجمالي إنتاج محصول القمح لعام 2017 م (3980) طنا.وأوضح المهندس خصيب بن سليم المعني مدير دائرة البحوث الزراعية والحيوانية بمحافظة الداخلية "بجماح" بولاية بهلا أن السلطنة يزرع فيها عدة أصناف وسلالات محلية من القمح أهمها "الكولى" و"السريعا" و "الميساني" و"الحميرا" و"الجريدا" و"الوليدي" و"الشويرا"، وتتميز بقدرتها على تحمل الظروف المناخية المحلية، غير أن من عيوبها تدني الإنتاجية وتعرضها للإصابة بأمراض الصدأ والتفحم وتأخر نضجها، ويعتبر صنف "الكولى" من أكثر الإصناف المحلية شهرة لدى المزارعين.
وأضاف المعني في حديثه لوكالة الأنباء العمانية: إن وزارة الزراعة والثروة السمكية تعمل من خلال أجهزتها البحثية والإرشادية على دعم وتشجيع المزارعين على زراعة القمح نظرًا لما يمثله من أهمية في تأمين جزءً مهم من احتياجاتهم الغذائية، وكان دور القطاع البحثي ملموسًا في هذا المجال من خلال توفير برامج بحثية لتحسين سلالات القمح العمانية بإدخال العديد من أصناف القمح من خلال برامج الانتخاب والتقييم لمعرفة مدى ملاءمتها للظروف المناخية والإنتاجية ومدى مقاومتها للأمراض في السلطنة.
ولقد أثبتت التجارب نجاح زراعة عدد من أصناف القمح المستوردة اهمها "الصنين" و"وادي قريات 110" و"وادي قريات "226 و"وادي قريات "308 و"وادي قريات "302.
وأشار المعني الى أنه من المعروف أن برامج التربية والتهجين التقليدية تحتاج إلى فترات زمنية طويلة ولا تظهر نتائجها إلا بعد أعوام عديدة ، لذلك أصبحت الحاجة ملحة لاستخدام التقنيات الحيوية الحديثة لتسريع عمليات التربية والتحسين لإنتاج أصناف عمانية مقاومة للأصداء ومتحملة للملوحة والجفاف، ومن هذا المنطلق فقد تم إقرار عدة مشاريع في تطبيق أساليب التقنية الحيوية والتربية والتحسين بالتعاون الفني مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإحداث طفرات بهدف ترسيخ الأسس العلمية التي تكفل المحافظة على الأصناف العمانية وتوفير سلالات من القمح المحلي ذات إنتاجية عالية ومقاومة لأمراض الصدأ ومتحملة للملوحة والجفاف مما سيسهم في الاستفادة منها في إثراء البنك الوراثي الوطني بمدخلات وراثية وأصناف جديدة ومرغوبة من قبل المزارعين.
وأضاف مدير دائرة البحوث الزراعية والحيوانية بمحافظة الداخلية أن وزارة الزراعة والثروة السمكية اهتمت بتطوير الأصناف المزروعة، حيث تم إدخال ونشر أكثر من عشرة أصناف جديدة لدى المزارعين بجميع محافظات السلطنة مثل "صنين" و"وادي قريات 308 " و"وادي قريات 226 " فارتفعت إنتاجية الأصناف المزروعة من (800) كجم للفدان بالنسبة للأصناف المحلية إلى أن وصلت إلى أكثر من طنين للفدان للأصناف المحسنة.
كما قامت الوزارة بإدخال أنظمة الري الحديثة لري محصول القمح، حيث يتم استخدم نظام الري بالرش بأنواعه المختلفة والذي حقق نقلة نوعية في التوسع في زراعة المحصول وزيادة إنتاجيته كمًا ونوعًا.
كما تم إدخال خط آلي متكامل ابتدأ من الزراعة وحتى الحصاد، وتم توفير عدد من الحراثات وملحقاتها المختلفة من المحاريث وآلة البذار وأخرى لرش الأسمدة الورقية والمبيدات، كما وفرت وزارة الزراعة والثروة السمكية عددًا من الحصادات التي تدار بالحراثة أو ذاتية التشغيل، إضافة إلى عدد من الحصادات المركبة (الكومباين) التي تقوم بالحصاد والدراس أو الدوس في وقت واحد حيث بلغ حجم الاستثمار في هذا المجال خلال السنوات العشر الأخيرة أكثر من نصف مليون ريال عماني.
ويعد صندوق التنمية الزراعية والسمكية أحد الجهات الحكومية ذات الاستقلال الإداري والمالي الذي يعمل على دعم المشاريع البحثية والإرشادية والتنموية في القطاعين الزراعي بشقيه النباتي والحيواني والقطاع السمكي ونظرًا لأهمية محصول القمح في منظومة الأمن الغذائي ولأهميته للمزارع وللوطن فقد قام الصندوق بتمويل ثلاث مراحل لتطوير زراعة وإنتاج محصول القمح بالسلطنة ابتداء من عام 2006م وحتى عام 2018م وبتمويل مالي بلغ أكثر من مليون ريال عماني، الأمر الذي ساهم في تطوير المنظومة المتكاملة لزراعة وإنتاج القمح بالسلطنة.
الجدير بالذكر أن محصول القمح يحتل المركز الثاني من بين محاصيل الحبوب في العالم من حيث معدل الإنتاج السنوي بعد الذرة وقبل الأرز، ويبلغ الانتاج العالمي من القمح أكثر من 750 مليون طن والمساحة المزروعة أكثر من 220 مليون هكتار.