عمّان ـ العمانية:
قدم التشكيلي الأردني علاء طوالبة في معرضه الأول "رسومات"، لوحات وتخطيطات تمثل سرداً بصرياً يستحضر الوجوه الإنسانية التي تعلق في الذاكرة، حيث تغيب التفاصيل الدقيقة، بينما يبقى الشكل الكلي الذي طُبع في الذاكرة لهذه الشخصية هو الحاضر والمسيطر على فضاء اللوحة. وتثير هذه الوجوه في النفس حالة من الخوف والقلق بحيث تبدو كأنها أقنعة أكثر من كونها وجوهاً حقيقية وواقعية كما يصرح الفنان الذي يقول إنه استمد رسوماته من وجوه الناس الذين يلتقيهم في في حياته اليومية. وتوزعت مجموعة من البورتريهات الشخصية في فضاء جاليري مقهى "فن وشاي" بعمّان، جلّها تم تنفيذه بالحبر الأزرق والألوان المائية، مع حدود لونية قوية للشكل العام، برزت فيها العيون بشكل واضح يشير إلى سعي الفنان إلى تقديم بصمة خاصة به في رسم البورتريه الذي صار فناً قائماً بذاته وله العديد من المدارس التي قد تقارب الرسم الانطباعي أو تنحو باتجاه الكاريكاتير، حيث إن البورتريه ما يزال يشغل مساحة كبيرة قابلة للاشتغال والتجريب والبحث لأنه يتعلق بذات الإنسان التي ستظل مميزة بغموضها وعمقها. وجاء التركيز على العيون بوصفها نافذة تطل على الداخل الإنساني كاشفةً ما به من مشاعر وأحاسيس من مثل الألم، والحزن، والخوف، والقلق، والشعور بالضياع. المُشاهد لأعمال الفنان طوالبة ستصله تلك الحالات التعبيرية للوجوه التي جاءت بمقاسات صغيرة تحتل كل واحدة منها مساحة متواضعة على جدران الصالة، لكنها تشكل بمجموعها رؤية إنسانية واحدة، هي الشعور بالاغتراب بسبب حالة الخراب العامة على الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ورغم أن الفنان استخدم ألواناً باردة وباهتة، إلا أنه وضع حدوداً صارمة للشكل الكلي، محاولاً أن يجسد أفكاره ومشاعره ويعكسها عبر تلك الوجوه الفنية من خلال الخطوط المحددة بلونٍ غامق يثير بتضادّه مع برودة الألوان داخل الشكل مشاعرَ المشاهد من جهة، ومن جهة أخرى يشير إلى أسلوب تراجيدي يتساوق مع روح العصر وما يعانيه إنسان اليوم من أزمات متلاحقة وقلق مستمر.