[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تقول المذيعة التفزيونية لضيفها إننا في "أخطر" مرحلة، ويكتب هذا الكاتب مقالا عن المرحلة "الأخطر"، وفي حوارات وندوات يكثر الكلام أيضا عن "الأخطر" .. كلمة سمعتها منذ وعيي، والواضح أن كل جيل لا يعرف أن ما مر هو "الأخطر" فيستعمل الكلمة جزافا دون دراية بالماضي، باعتبار أن كل جيل هو شعب جديد كما تقول الفكرة.
لماذا دائما تتكرر هذه الكلمة، وتتنقل من سنين إلى سنين، فيحار المرء أيها الأصح؟ وأي زمن تنطبق عليه بشكل حقيقي؟ من هنا نفهم أن الأمة عاشت دائما في متن الخطر وليس على حافته، يكفي أن يكون عمر الكيان الإسرائيلي سبعين سنة كي يتأكد لنا صحة تطابق هذه الكلمة مع الواقع.
يوم نشأت إسرائيل كتب أحد أبرز السياسيين اللبنانيين وهو شارل مالك وكان مندوب لبنان في الأمم المتحدة عن خطورة هذا الكيان وعن الزمن الذي قد يعيشه.. توقع أن ينتهي خلال سنوات، ثم إن استمر أكثر فلسوف يعمر، لكن نهايته حتمية. لكن الذي ستعرفه الأمة خلال وجوده كثير ومن خطير إلى أخطر، حين سيتلقى المزيد من الدعم، ومن القوة التي ستسمح له أن يحقق انتصارات ومكاسب، خصوصا أن ليس هنالك خريطة له، خريطته تعتمد على ما يصل إليه من احتلالات على حساب محيطه.
بفضل الدول الراعية لإسرائيل عاشت المنطقة عنفا لا مثيل له .. وبفضلها أيضا، تقلبت مراحل الأمة من سيئ إلى أسوأ حتى بلغنا هذه المرحلة الكارثية، وقد ينتظرنا ما هو أشد خطرا منها إذا لم يذهب كل تفكيرنا باتجاه إلغاء وجودها. لكن ما العمل؟ بعض العرب أيضا ساهم في قيامها، والآن هنالك منهم من يرتعد إذا فكر بزوالها.
والحقيقة التي لا غبار عليها، أن الأخطر بكل أسف ينطبق على الجزء العربي الداعم لإسرائيل .. هذه الكلمة المتكررة في أدبياتنا السياسية لها معناها الوحيد ذاك. إذن لا بد أن نتحمل تاريخا متكررا من التعقيدات والمصائب وحتى الكوارث .. لا يمكن ترك فلسطين للفلسطينيين وحدهم لأن صراعنا عربي شامل ضد إسرائيل، في الوقت الذي يجب الالتزام بهذا الصراع، عندها علينا تحمل الأخطار من ألفها إلى يائها.
مات عبد الناصر وعلى شفته فلسطين، وفي تكوينات جيش صدام حسين، لواء القدس أو الفيلق إذا صح التعبير، وإيران لها فيلق القدس، وكل خطابات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله تزينها كلمة فلسطين، وثمة اتفاق واسع بتحريرها من قبل كثيرين، سواء صدقوا أو لم يصدقوا، فالصادقون يحلمون بهذا التاريخ، وثمة من يعمل له جهارا نهارا وسرا أيضا، أما الآخرون فمجرد نوايا غير فاعلة على أرض الواقع.
وقريبا من هذه الفكرة، كان يجب على عهد التميمي أن لا تذهب إلى المؤسسات الرسمية الفلسطينية كي لا يصبح سلوكها روتينيا بعد الآن.
هل صرنا والخطر واحد؟ بل توحدنا معه كي نردد تلك الكلمة دون معرفة بأنها من الكلمات التي صار لها عمر طويل، حتى أنها صارت ذات معنى عربي فقط، بعدما نسيها قاموس العالم. وهكذا صدقت المذيعة، وصدق الكتاب، ومن قالها قبل عشرات السنين، ربما ارتجلها في لحظة تعبير، لكنه كان يتقصد الآتي أيضا، إلى أن وصلت لنا ولسوف تصل إلى عرب آخرين طالما أن إسرائيل تحيا.