[author image="http://alwatan.com/files/2014/04/ahmedalma3shany.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أحمد المعشني[/author]
منذ أسبوع طلب مني مالك مدرسة خاصة أن أساعده في العثور على مديرة مدرسة تتمتع بكفاءة علمية ومهنية، ولم أفكر كثيرا فقد اتصلت مباشرة بمعلمة شابة أعرفها من بلد عربي، فرشحتها له ثم اتصلت بها وأخبرتها بضرورة التواصل معه، وكانت تلك المرة الثانية التي أقوم بترشيحها للعمل بوظيفة مديرة مدرسة، بالرغم من أنها لم تعمل في وظيفة كتلك من قبل، فجميع سنوات خبرتها أمضتها بوظيفة معلمة، وكانت تحظى بتقدير تلاميذها وأولياء أمورهم وإدارات المدارس التي عملت فيها، كما أن مدرستها عندما اكتشفت حماسها صارت تسند إليها مهام كثيرة، ويبدو أنها كانت تتساءل: لماذا رشحتها دون غيرها مرتين متتاليتين فليس بيني وبينها علاقة زمالة، ولا أعرفها إلا منذ فترة قصيرة، وكأني بها تتساءل: أليس هناك متقدمات لوظيفة مديرة مدرسة بمؤهلات أعلى وخبرات ومهارات أكفأ؟! وبالرغم من أنها لم تسألني في المرة الأولى، فإنها سألتني في المرة الثانية لا سيما وأنها تأكدت أن ترشيحي لها ليس له مآرب شخصية، فشكرتني وسألتني: هناك سؤال يدور في عقلي؛ هل أستطيع أن أطلب منك الإجابة عليه؟ أجبتها: بكل تأكيد، يمكنك أن تسألي! فقالت: مع جزيل شكري وتقديري لثقتك فيّ لمرتين متتاليتين: هل أستطيع أن أعرف ما الذي حملك على ترشيحي للعمل كمديرة مدرسة؟ أجبتها سوف أجيبك بكل تأكيد: ما دفعني لترشيحك لهذا العمل المعقد والمهم جدا هو معرفتي بشغفك للعمل، ودافعيتك وتحفيزك الذاتي، فكل إنسان يمتلك الشغف، يمكنه أن يتعلم ويتدرب ويحاول ويخطئ ويصيب ولا يتوقف ولا يستكين حتى يصل إلى غايته. وقد حضرت معي عددا من الدورات التدريبية ومجموعة من الأمسيات، وكان شغفك علامة بارزة وظاهرة جميلة جدا. إن الشغف يجعل العمل لذيذا ومثيرا ويجعل المشكلات تحديات ويجعل الجهل حماسا للتعلم، ويشعل الحماس ويذكي جميع قدرات الفرد. يمشي كثير من الناس بحماس ويحققون نتائج مبهرة ولكنهم يجهلون السر وراء تميزهم وهو ما يمكن تفسيره بالشغف، ولو امتلك كل إنسان سمة الشغف بالعمل والشغف بالتفكير لاستطاع أن يحقق أضعاف أضعاف ما يحقق من نتائج. والشغف من حسن الحظ قدرة عاطفية وروحية يمكن اكتسابها وتطويرها بالتدريب والتخيل والتمثيل. ويلاحظ أنه لا يوجد مبدع أو نجم كرة أو رياضة أو فنان أو عبقري أو قائد ناجح، إلا وكان نصيبه من الشغف كبيرا وظاهرا. ولكن بكل أسف عندما تستبد الأنانية بالقادة والرؤساء والإداريين فإنهم يتجاهلون الشغف، وفي بعض الأحيان يقومون بترويضه ويوجهونه في مسارات غير منتجة. عندما تجمعني الظروف بأشخاص نجحوا في مجال الأعمال والمشاريع الذاتية أو حققوا نتائج دراسية فائقة أو تعافوا من أمراض خطيرة واستعادوا عافيتهم؛ فإن ما يجمعهم جميعا هو الشغف. والجميل أن الأشخاص الذين يتمتعون بالشغف ولا يعرفون أنهم كذلك، فإنهم ومن حيث لا يشعرون يؤثرون في الذين من حولهم. من هنا يصبح تأثير الأقران ملموسا ورائعا، وخاصة إذا توفر الوعي الذي يوجه النشء الصغار بطريقة غير تقليدية وغير تلقينية.
وتستطيع كل أم وكل أب وكل معلم أو مربٍّ، يشعل الشغف الرائع ويطلقه من عقاله، بحيث لا يحتكره شخص أو مؤسسة أو برنامج، بل يمكننا اعتباره ثقافة وممارسة يومية وإضافتها إلى جدول ممارساتنا المخططة.
لذلك يستطيع القارئ الذي يقرأ هذا المقال أن يتفقد حظه من الشغف والحماس ويختبر ذكاءه العاطفي من خلال متابعة وملاحظة ما يشعر به من متعة حقيقية في ما يعمل.