[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أ.د. محمد الدعمي[/author]
لهذه الأسباب لا يخفي خبراء الأمن القومي الأميركي حقيقة مفادها أن أهم خطرين يحيقان بالأمن القومي الأميركي، هما: (1) الأمن الإلكتروني Cyber Security، و(2) الأمن الجوي، أي أمن الطيران التجاري. وإذا كان الخطر الأول من اختصاص خبراء الحاسوب (الكمبيوتر) والشبكات الرقمية، وهما بعيدان عن اختصاصنا تماما، فإن علينا أن نشير إلى ما طفا على سطح الأخبار قبل بضعة أيام، تحت عنوان برنامج "السماوات الهادئة"...

قد يغفل المتخصصون بالقضايا الأمنية بأن أهم أسباب بقاء الولايات المتحدة الأميركية القوة المهيمنة عالميا إنما قد اعتمد، تاريخيا، على تجنبها حروبا خارجية على أراضيها مباشرة، أو على حدودها. وسر ذلك يكمن في أنها محاطة بمحيطين الأطلسي (شرقا)، والهادي (غربا). أما حدودها الشمالية (كندا) والجنوبية (المكسيك)، فلا تشكل مخاطر عسكرية قط مقارنة بجبروت الولايات المتحدة. وقد دخلت الولايات المتحدة الحربين العالميتين الأولى والثانية دون أن تتأثر كثيرا بآثارهما المدمرة، اللهم إلا عندما هاجم الطيارون الانتحاريون اليابانيون مرفأ "بيرل هاربر"، فدمروا جزءا كبيرا من أسطول البحرية الأميركية وهو معطل (في إجازة) وقتلوا أعدادا مهولة من جنودها وضباطها.
لهذه الأسباب لا يخفي خبراء الأمن القومي الأميركي حقيقة مفادها أن أهم خطرين يحيقان بالأمن القومي الأميركي، هما: (1) الأمن الإلكتروني Cyber Security، و(2) الأمن الجوي، أي أمن الطيران التجاري. وإذا كان الخطر الأول من اختصاص خبراء الحاسوب (الكمبيوتر) والشبكات الرقمية، وهما بعيدان عن اختصاصنا تماما، فإن علينا أن نشير إلى ما طفا على سطح الأخبار قبل بضعة أيام، تحت عنوان برنامج "السماوات الهادئة" الذي أميط اللثام عنه الآن بعدما كان مطبقا فعلا، ولكن على نحو سري منذ زمن طويل بإشراف وتنفيذ ما يسمى بــ"إدارة أمن النقل" TSA.
وحسبما جاء في الأنباء، فإن البرنامج قد يستهدف الجميع، لا على التعيين، وحتى المسافرين العاديين، إلا أن البرنامج يعتمد ضباطا يسمون "مارشالات الجو" مزروعين داخل الطائرة التجارية، كمسافرين عاديين، يتم توزيعهم على مقاعد بجانب المسافرين المشكوك بهم أو الذين يقبعون "تحت الرادار" أي تحت المراقبة على سبيل التعرف بهم وفتح حوارات معهم أثناء الطيران من أجل المزيد من المعرفة، وتأسيسا على ما يجهز به مارشالات الجو من معلومات عن أنماط سفر الفرد المشكوك به حصرا، وأهداف رحلاته المتكررة.
أما إذا لم يكن المشكوك به من المسافرين ما يمنع سفره، فإن مارشالات الجو إياهم، أي الضباط المزروعين بين المسافرين العاديين إنما يحددون أهدافهم للمراقبة تأسيسا على عدة ملاحظات: (1) مؤشرات سلوك المسافر داخل الطائرة، و(2) شكله الخارجي الذي قد يعكس طبيعة هويته، إذا كانت راديكالية، و(3) حملة لأجهزة إلكترونية تثير الريبة طي حقائبه، أي قد تكون أجهزة ملغمة، من بين سواها من الاعتبارات ذات المعنى، في أعين مارشالات الجو.
وإذا كانت إدارة أمن النقل قد أماطت اللثام عن هذا البرنامج الأمني المهم والموسع الآن، فإن للمرء أن يستذكر الصدف الغريبة التي حصلت له في رحلاته الأخيرة داخل الولايات المتحدة، طيرانا. وبكلمات، أخرى عليه أن يتنبه إلى أن من يجده جالسا إلى جانبه على المقعد مباشرة، يمكن أن يكون "مارشال جو"، أي ضابط أمن مختص بأمن السفر الجوي.
وللمرء أن يلاحظ في هذا السياق كذلك، أن بعض الحكومات العربية قد تنبهت لذلك فسبقت الولايات المتحدة في هذا الحقل، أي في تطبيق فكرة زرع ضباط أمن مموهين بين المسافرين العاديين قبل وقت طويل، كما لاحظت شخصيا ذلك في الخطوط الجوية العراقية (قبل سنة 2003) بعد تعرض طائراتها للاختطاف في حالات عدة.