[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
سوف يقال دائما إن أجمل التاريخ كان غدا كما يقول الشاعر اللبناني سعيد عقل. ففي سوريا يحدث أن تدوين المستقبل بدأ منذ أول رصاصة أطلقها الجيش العربي السوري على الإرهاب المسلح .. كان ذلك خاتمة الأحزان التي علم أنها ستطول لكنها بالتأكيد ستخلق وطنا مصفى، خاليا من كل ما هو عائق في حياته الوطنية.
تلبس حرب الجيش العربي السوري القادمة أكثر من معنى .. فهي إدلب التي لا بد منها، وهي الخيار الذي يكبر كل يوم ويزداد .. خططه جاهزة، واضحة، وليس من يقف في وجه المهمة المقدسة.
الروسي والسوري والإيراني الذين استعجلوا معركة الجنوب، هم أكثر استعجالا لمعركة إدلب، وهو ما يعرفه التركي الذي يقبض أمنيا وعسكريا على الوضع في تلك المحافظة .. فليس غريبا تكوينه فصيلا كبيرا اسمه "الجبهة الوطنية للتحرير" مؤلفا من خمسة فصائل، تتطلع كلها على ما يبدو وكما تقول المعلومات باتجاه خوض حرب داخلية لتنكيس رايات لا تريد حلا في تلك البقعة التي ليس هنالك إدلب أخرى بعدها، فهي بالتالي مكان للموت، أو التسليم الطوعي .. وتركيا كما نعرف لن تقبل ولو بمسلح واحد يجتاز حدودها، يكفيها أنها تريد التخلص من العبء الكبير عليها (ثلاثة ملايين ونصف مليون نازح سوري). ثم إن تركيا تعرف بدقة، عنوان المرحلة القادمة كون الروسي ـ كما قلنا ـ مستعجلا لإنهاء هذا الملف، فهي بالتالي لن توظف أي عمل استفزازي ضد الروس، كما أنها لن تصطدم بالجيش العربي السوري ولا بغيره، فتحالفاتها واضحة سواء مع الروسي أو مع الإيراني.
لا بد أن سيناريو إعادة إدلب إلى كنف الدولة السورية جاهز تماما، ولسوف يتخذ أشكالا مختلفة حتى الوصول إلى الخيار العسكري الذي لا بد منه في نهاية المطاف. المعلومات تشير إلى خروج بالآلاف من أهالي المحافظة إلى خارجها، وتشير أيضا إلى أنه غير مسموح تدخل أي قوة، سواء إسرائيلية أو أميركية أو غربية بواقع الترتيبات الجارية، خصوصا أن الاسرائيلي قتل بالأمس عددا من الداعشيين اخترقوا حدوده، ومثله فعل الأردني عند حدوده أيضا.
هنالك حصارات، وهنالك على ما يبدو معارك داخلية بين الفصائل الإرهابية، وهنالك رفع الغطاء التركي عن كل مسلح باسثتناء المقربين منه والعاملين تحت خططه. وهنالك المعركة العسكرية التي سيكون الروسي أبرز من يخوضها بطيرانه وخططه المشتركة مع السوري والإيراني وآخرين، فيما يبقى لجيش سوريا المقدام أن يتقدم لإعادة المحافظة إلى سابق عهدها، وكما صارت عليه الحال في الجنوب وفي أكثر المناطق. وبفتح الطريق إلى إدلب، وإذا ما انصاع الأميركي للطلب الروسي بإخلاء منطقة التنف، فنحن أمام مهمة أخيرة يجري التفاهم حولها وهي العلاقة مع الأكراد السوريين الذين باتوا يعرفون أن مستقبلهم الطبيعي وطني سوري بالدرجة الأولى، فهم أولا وأخيرا مواطنون سوريون ليس إلا.
الجيش العربي السوري المتطلع إلى إدلب، في غاية الارتياح لمعركته المقبلة عددا وعدة .. نحن نعرف أن أساس المعارك الكبرى السيطرة الاستخباراتية بالدرجة الأولى، إذ لا يمكن لأي جيش في العالم خوض معاركه إذا لم يؤمن هذا الجانب الأولي والذي تعتبره الجيوش أساس الانتصار، بل هو نصف الانتصار قبل أي تقدم للجيش. لعله قد حصل عليه الجيش العربي السوري.