[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
تتبعت ما كتبته الصحف العربية عن اغتيال أبرز علمائنا العرب في سوريا عزيز إسبر، فلم أجد أي اهتمام فيها، بل توقعت أن تبرز بعض تلك الصحف صورته على الصفحة الأولى، لكن أملي خاب، وهو أمر اعتدنا عليه وصار من مسلماتنا.
في هذا الوقت تبرز تلك الصحف أخبارا فنية وتضع صور فنانات في مكان بارز.. حتى الرئيس الفنزويلي مادورو لم ينل هو الآخر اهتماما، وعندي أنه شخصية تستحق الاهتمام بل المؤازرة ضد الارتكابات الحمقاء، سواء للموساد أو للأميركي، وكلنا يعلم أن قتل رجل بحجم العالم إسبر، أو مادورو، لا بد أن ينطلق مباشرة من المسؤول الأكبر في الدولة، وهذه تخضع لتقارير وكتابات وصولا إلى التنفيذ، الذي بكل أسف ثمة عوامل محلية مساعدة، سواء من أشخاص أو من ظروف مفتعلة.
الموساد الإسرائيلي طارد العالم إسبر، والصواريخ التي انهالت قبل مدة على مركز البحوث في مدينة صافيتا كانت تستهدفه بالدرجة الأولى لكنه نجا .. هذا القرار بالتصفية بكل أريحية، ينم عن معرفة الإسرائيلي بأن علماءه لن يتعرضوا لأي سوء .. تلك المغلوطة يجب أن تنتهي، عندما يثبت أن الموساد الإسرائيلي وراء اغتيال إسبر، وصحيفة نيويورك تايمز أكدت ذلك، على سوريا أن تجعل حياة كل عالم إسرائيلي جحيما من القلق، وهذا واجب وطني وقومي.
كم نحتاج من السنين لكي يكون لدينا عالم من هذا النوع الذي وضع عقله بخدمة بلاده، واختبر أفكاره فإذا هي منتجة وفاعلة..؟ ولهذا نخاف أن نصحو يوما لنجد أنفسنا وقد افتقدنا زهرة علمائنا، وخيرة شبابنا، سواء باغتيال أو عبر الإغراء بالهجرة والواقع المادي الميسور جدا.
أكتب وفي حلقي غصة، ودمعة تتلألأ في عيني، عندما لا أجد سوى خبر يتيم عن عظيم مثل العالم إسبر، لن تبكيه سوريا وحدها، بل يجب أن يكون البكاء تصميما على الثأر لنابغة كان يشكل اعتزاز وطن وأمة.
ونسأل: لماذا لم توفر الحماية له وأصغر سياسيينا تحيط بهم الحمايات من كل صوب، وكان معلوما أن ثمة ملاحقة لاغتياله..؟ لا أعرف ظروف هذا العالم، لكن من المؤكد أن لحظة اختيار اغتياله جاءت في لحظة مؤاتية، فمن الذي أمن تلك اللحظة وكيف..؟
في كل مرة نخسر هذا المستوى من العقول، لنقع مرة أخرى في توفير الأمان .. لا شك أن ثمة علماء آخرين كانوا يعملون إلى جانبه، وهؤلاء من المؤسف القول إنهم مكشوفون أيضا للعدو المتربص بأن لا يترك عقلا في هذا المستوى المتقدم والمميز إلا ويغتاله.
نحن لا نخسر فقط عالما حقق منجزات من المؤكد أن العدو الإسرائيلي رأى فيها خطرا عليه .. مروحة الموساد الواسعة في ملاحقة علمائنا، طالت قبله كثيرين ممن أنجزوا أو هم في طور الإنجاز .. دائما نقول خذوا العبرة من النهاية التي تعرض لها جيش العلماء الذين رباهم صدام حسين، لقد تبعثروا في الأرض، وثمة منهم من اغتيل وفي صمت تم تشييعه.
أعود إلى صحافتنا العربية التي لم ينل اغتيال العالم إسبر اهتماما واسعا مثلما تناله أية فنانة من الدرجة السابعة .. فمتى ينتهي الاستهتار الإعلامي بعلمائنا؟ وقبله وضعه ضمن نطاق الحماية اللازمة مهما كانت كلفتها، فهي أقل بكثير من خسارته.