الخميس 28 سبتمبر 2023 م - ١٢ ربيع الأول ١٤٤٥ هـ
الرئيسية / قضايا / ضحايا اليابان .. ومجازر إنسانية ما بين نوبل واوبنهايمر
ضحايا اليابان .. ومجازر إنسانية ما بين نوبل واوبنهايمر

ضحايا اليابان .. ومجازر إنسانية ما بين نوبل واوبنهايمر

ـ نوبل أخطأت مستحقيها وذهبت لمن تلوثت أيديهم بالدماء
ـ 73 عاما على ضحايا هيروشيما وناجازاجي وما زال التسابق على السلاح النووي مستمرا
ـ إسرائيل تمتلك 250 قنبلة نووية والعالم يحرم امتلاكها على العرب
ـ إيران توافق على وقف تخصيب اليورانيوم في اتفاق (5+1)
وترامب ينسحب من الاتفاق ويعلن أولى حزم العقوبات على طهران
ـ لقاء تاريخي في سنغافورة من أجل نزع اسلحة الدمار الشامل من شبه الجزيرة الكورية

جودة مرسي

حين تأتي على العالم ذكرى سوداء مثل القاء قنبلتي هيروشيما وناجازاجي نتذكر ابشع المآسي الانسانية التي تسبب فيها اختراع اليهودي الاميركي روبرت اوبنهايمر (تاجر الموت) أو ما يطلق عليه (والد القنبلة النووية)، ونتذكر ايضا المذابح التي تمت ضد الانسانية وقام بها من يتشحون بجوائز نوبل للسلام وأيديهم ملوثة بدماء الابرياء العزل الذين لا يحلمون الا بالعيش في سلام بعد ان سرقت اوطانهم.. فيأبى ذلك صناع الموت ومحاربو الانسانية بعنصريتهم أو صهيونيتهم البغيضة.

أحيت اليابان الإثنين الماضي الموافق السادس من اغسطس الذكرى السنوية الـ73 لمأساة إلقاء أول قنبلة نووية في العالم على مدينة هيروشيما غرب اليابان، بواسطة القاذفة الأميركية طراز بي-29 التي افرغت حمولتها القاتلة على المدينة التي تنتشر فيها القواعد العسكرية، ما أدى إلى مقتل 140 ألف شخص من سكانها. وذلك في السادس من أغسطس عام 1945، وتبعها بثلاثة ايام قنبلة اخرى على مدينة ناجازاجي حيث قتل 74 ألف شخص. وتحل هذه الذكرى وبعض الدول تعبّر بشكل صريح عن قومية تتمحور حول نفسها وهي تحدث ترسانتها النووية”. مما يذكي التوترات التي تراجعت مع نهاية الحرب الباردة”. وتمتلك بعض الدول ذلك السلاح المدمر بقوى تدميرية مختلفة، وهي روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين الى جانب الولايات المتحدة الاميركية، وحديثا استطاعت كل من باكستان والهند امتلاك القنبلة، كما تنفي اسرائيل امتلاكها لهذا السلاح رغم تأكيد دراسة أميركية قام بها هانز كريستنسن وروبرت نوريس، خبراء الأمن النووى باتحاد العلماء الأميركيين في مجلة الذرة، من ان اسرائيل تمتلك 250 قنبلة نووية صنعت في مفاعل ديمونة النووي الذي ساعدت فرنسا في انشائه بصحراء النقب. على خلاف ما يحدث لأي دولة عربية تحاول امتلاك هذا السلاح بعمليات الاغتيال التي نالت العديد من العلماء العرب الذين حاولوا مساعدة امتهم سلميا او عسكريا.. او ضرب اي مفاعل نووى له القدرة على انتاج هذا السلاح ومثال على ذلك مفاعل (تموز1 العراقي) الذي قصفته ثماني طائرات اسرائيلية في عملية سمية (اوبرا) قضت عليه تماما ولم يتحرك اي تنديد دولي تجاه اختراق الأجواء الدولية لدولة عضو في الامم المتحدة من قبل دولة معتدية اخرى.
ويعد وجود سلاح له هذه القدرة التدميرية الهائلة في منطقة تموج فوق العديد من الاحداث الملتهبة، اشارة الى اعلى مؤشرات الخطورة والدمار، وان العالم ما زال يكيل الامر بعدة مكاييل حسب اهوائه ومصالحه، ومنذ ذلك التاريخ الذي القيت فيه اول قنبلة ذرية والعالم يعيش هوس النتائج الدامية للقنابل الذرية، وتسعى الدول الكبرى إلى فرض هيمنتها على بعض الدول التي تسعى لامتلاكها من اجل عدم وصول تكنولوجيا تصنيع السلاح النووي إلى اي منها، خاصة في منطقة الشرق الاوسط الاكثر سخونة في قضاياه المتشعبة، كما وتسعى المنظمات الدولية الكبرى في محاربة انتشار السلاح النووي بتبني سياسات الحظر الدولي كالقيود الاقتصادية او التجارية او اي وسيلة من وسائل التعاون الدولي التي يمكن من خلالها نقل تكنولوجيا التصنيع الى دول اخرى تستطيع من خلالها التوصل الى هذه الاسلحة. ومن اكثر الدول التي تعرضت لفرض عقوبات جراء محاولتها المضي في تصنيع السلاح النووي هي كوريا الشمالية وايران، واللتان قد توصلا في وقت من الاوقات الى اتفاقيات دولية مثل ايران التي توصلت في العام 2015 الى اتفاق 5+1 (مجموعة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن + المانيا) مع ادارة الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما لرفع العقوبات عنها مقابل تجميد الابحاث الخاصة بتخصيب اليورانيوم لتصنيع السلاح النووي والتي شاركت في انجاحها الدبلوماسية العمانية لما تتمتع به من ثقل دولي لدى كل الاطراف، الا ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب قرر الانسحاب من هذه المعاهدة باحثا عن شروط جديدة لاتمام الاتفاق مع رفض ايراني لاي عقوبات او املاءات جديدة، في الوقت الذي بدأت فيه مؤخرا الحزمة الاولى من العقوبات الاميركية على طهران والتي تستهدف النظام المصرفي الإيراني، بما في ذلك شراء الحكومة الإيرانية للدولار الأميركي وتجارة الذهب ومبيعات السندات الحكومية.
فيما التقى الرئيس الاميركي ترامب مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون في لقاء سمي بلقاء القرن وقعا خلاله على وثيقة وصفها ترامب بالتاريخية وتعهدا بالتواصل في عقد سلسلة من اللقاءات لرفع الحظر عن كوريا الشمالية والغاء العقوبات مقابل التخلص من الاسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية، وكانت كوريا الشمالية قد هددت سابقا بامتلاكها اسلحة هيدروجينية اكثر دمارا.
ان ذكرى القاء القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما ونجازاجي تحمل العالم مسئولية هذا الخطر الكبير الذي اودى بحياة اكثر من مائتي الف ياباني، ومحاولة الحد من انتشار السلاح او التخلص مما تبقى منه او تطويره، فالبشرية قد لا تكون في امان ما دام هناك دول تمتلك مثل هذا السلاح الذي يمثل تهديدا دائما لكل كائن حي على وجه الارض. ولم ينفع المهندس والكيميائي السويدي (الفريد نوبل) مخترع مادة الديناميت شديدة الانفجارة تخصيص معظم ثروته لمنح جائزة رفيعة اطلق عليها اسمه (نوبل) تمنح لمن يتميزون باختراعات تخدم الانسانية والسلام الدولي، الا ان المحزن ان بعضا ممن حصلوا على هذه الجائزة هم اصلا اكثر الزعماء ارتكابا للمذابح الانسانية وأيديهم ملوثة بمذابح لا يقل تأثيرها عن تأثير السلاح النووي منهم اثنان شغلا منصب رئيسي وزراء الكيان الاسرائيلي وهم الاول مناحم بيجن مرتكب مذبحة دير ياسين التي وقعت في القرية الفلسطينية دير ياسين في التاسع من ابريل العام 1948 وراح ضحيتها ما يقارب 350 قتيلا، وخلفه شيمون بيريز مرتكب مذبحة قانا التي ارتكبها جيش الاحتلال الاسرائيلي بقصفه لقرية قانا بالجنوب اللبناني في الثامن عشر من ابريل العام 1996 واسفرت عن 106 قتلى وما لا يقل عن 150 مصابا.
اما زعيمة بورما اون سان سوتشي والتي نادت العديد من المنظمات الدولية وفي مقدمتها منظمة اليونسكو بسحب جائزة نوبل منها فهي لا تقل دموية عن سابقيها من حاملي نوبل (بيجن وبيريز) بل تفوقت عليهم عنصريا بصمتها احيانا ومشاركتها احيانا اخرى في المذابح التي تجرى بحق مسلمي الروهينجا تلك الاقلية المسلمة والتي ما زالت تجرى بحقهم مذابح وعمليات تهجير مستمرة للان وتسببت في قتل وتشريد مئات الالاف منهم. مما يعني ان جائزة نوبل للسلام في احيان كثيرة تخطئ من يستحقها ويحقق اهدافها وتذهب للكثير ممن تلوثت ايديهم بالدماء سواء عن قصد او دون قصد.
ان السلام العالمي اذا كان من اهدافه وضع الحلول السياسية للخلافات الدولية فأيضا يجب ان تكون في صدارة اولوياته وقف التسابق النووي والتخلص من السلاح النووي الذي تمتلكه دول عظمى تتحكم في المؤسسات الدولية، فالعالم لن يكون في امان ما دام السلاح النووي في ايدى اناس قد تغلب مصالحهم على انسانيتهم فيكون العالم على موعد مع ضحايا جدد لأناس لاذنب لهم الا وجودهم في بقع حبلى بالخلافات، او لاطماع دول تملك اسلحة دمار شامل على حساب دول لا تستطيع امتلاكه.

إلى الأعلى
Copy link
Powered by Social Snap