[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لولا حزب الله لما اهتم أحد بلبنان، ولتم نسيان وجوده على خريطة العالم نظرا لصغر مساحته أولا، ولدوره القائم على اللادور، ولانعدام أية فائدة منه في اقتصاد العالم وغيره.
أهمية لبنان إذن تكمن في وجود عدو لإسرائيل قوي وفاعل وحاضر.. عداوة إسرائيل ليست عملية سهلة، بقدر ما هي مكلفة. أما صداقتها فينظر إليها الكيان الإسرائيلي على أنها خدمة لهذا "الصديق" الذي لم يكتشف حاجتها إليها الآن بل بشكل مبكر.
سوف نظل نكتب عن أن تهديد لبنان قائم في أية لحظة، فإسرائيل مواظبة على اعتبار وجود هذا الحزب قضية وجودية بالنسبة لها، كونه لم يعد حزبا فقط وإنما صار جيشا بلباس حزب، ورقما لم يصله أي حزب في العالم، وقوة تفوق أية قوة عربية، وبالتالي فهو جدار مكين يحمي ذاته، ولبنان أيضا، بقدر ما للآخرين تفسير آخر بأنه يعرض لبنان.
بين تهديد إسرائيل الدائم لحزب الله من باب استثارة الوضع الداخلي الإسرائيلي، والشطارة الإسرائيلية في أن عينها على الحزب قائمة على مدار الساعة، يمضي الحزب في إيجاد أفضل الوسائل التي تزيد من خبرته وقوته وقدرته ومناعته .. خصوصا أن قتاله في سوريا وفي غيرها، أضاف خبرات قتالية ولوجستية، وصار بحكم المؤكد أن هزيمته مستحيلة، وأن إسرائيل تعيد دائما قراءته كي تغير من مفهومها لنوعية قتاله.
إذن، لو لم يكن حزب الله موجودا في لبنان، لكان هذا البلد منسيا تماما، وبدون أي اهتمام عالمي. فكل ما يمت بصلة إلى إسرائيل يحظى باهتمام العالم وبأولويته، فكيف بحزب تقوم أبجديته السياسية على محو كيان، يقولها أمينه العام بالفم الملآن، بل هو الاعتقاد السائد لدى أنصاره ومقاتليه .. لقد ولدت خطابات الأمين العام حسن نصرالله فكرة الصراع الوجودي مع الكيان الإسرائيلي، وهي فكرة تؤدي إلى معنى الحسم في أية معركة، أي أنه ليس هنالك لا غالب ولا مغلوب، بل أحد منهما عليه أن يخرج تماما من الخريطة، أن لا يبقى في إسرائيل حتى من يطفئ أنوار مطار بن جوريون، أو يتلاشى حزب الله، كيف لا أحد يدري.
لهذه النتائج، تظل الحرب بينهما كلاما، وحبرا على ورق، وتهديدا من هنا ومن هناك، ومتابعة من كل منهما للآخر، واختراع الخطط الإسرائيلية للخلاص من حزب الله وقد حاول الإسرائيليون سنياريوهات عديدة أفشلها الحزب في مهدها..
حتى الآن ينعم جنوب لبنان كما ينعم شمال إسرائيل بالهدوء وراحة البال .. لكن الإسرائيلي لم يعد حزب الله هو المستهدف الوحيد، بل لبنان كله، وكم سمعنا من قياديين إسرائيليين يقولون بأن الحرب المقبلة عليه ستعيده إلى العصر الحجري، تماما كما فعل الأميركي بالعراق الذي ما زالت أثقال اجتياحه له تخربط إمكانية عودته إلى ما كان، رغم كل ما يقال عن وضعه الداخلي الملتبس.
فهل يمكن اعتبار أن وجود حزب الله في لبنان خدمة له كي يظل مركز الاهتمام العالمي، ومركز استقطابه، وأن هذا الوجود يمده بالمناعة الكافية، أم أن ما يعتبره البعض تهديدا لهذا الوجود..؟
من بوصلته فلسطين يعتبره خدمة له وللعرب وللنضال القومي، أما من فتح الباب للهواء الإسرائيلي فهو شريكه المستقبلي والحالي في ما ستؤول إليه الأمور وما قد يحصل من مفاجآت لن تكون هنالك مفاجآت في صراع وجود .. من الثابت أن لبنان تحديدا وغيره من العرب سيكون ولادا دائما لحركات نضالية ستتخذ شتى الأسماء.