[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
” في عام 2000 تم إنشاء التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) وهو هيئة دولية فريدة من نوعها, وهي تضم وفود البلدان التي تشمل المسؤولين الحكوميين وخبراء الهولوكوست غير الحكوميين, والأكاديميين, والمهنيين المتخصصين والباحثين. وتتم رئاسة التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست سنوياً بالتناوب بين الدول الأعضاء. لقد حوّل رئيس الوزراء السويدي آنذاك جوران بيرسون فكرة الاتحاد إلى واقع عملي,”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بحثنا في مقالة سابقة على صفحات "الوطن" جذور العداء للسامية! وباختصار شديد, فإن مفهوم "العداء للسامية" هي فكرة حديثة نسبياً، اخترعها اليهود الأوروبيون رسمياً في القرن التاسع عشر, وأول من كتب حول المفهوم وفقاً للمؤرخ برنارد لازار في كتابه المعنون بـ "اللاسامية, تاريخها وأسبابها", الصحفي الألماني ولهلم ماد في كتابه المعنون بـ"انتصار اليهودية على الجرمانية" وكان ذلك عام 1873 . يخلص لازار في استعراضه لهذا المفهوم إلى نتيجة تقول: "إن خاصية المماحكة لدى الطوائف اليهودية أعطت ذرائع سهلة للعداء لليهود. لقد توارت تلك الطوائف خلف سياج, اعتقد أفرادها أنهم مشربون بخاصية استثنائية, اليهودي يفخر بامتياز توراته, حتى إنه يعتبر نفسه فوق وخارج بقية الشعوب, لقد اعتبر اليهود أنفسهم "الشعب المختار" الذي يعلو كل الشعوب, وتلك خاصية جميع الشعوب الشوفيينية" (روجيه غارودي, قضية "إسرائيل" والصهيونية السياسية، دمشق1984) . يتقاطع مع هذا التفسير أيضاً المؤرخ: غوستاف لوبون في كتابه القيّم "مملكة الخزر وميراثها، القبيلة الثالثة عشرة". استغل المفكرون الصهاينة هذا المفهوم أبشع استغلال! إذ حاول ليو بنسكر تصويرها على هواه: "اليهود غريبون عن كل الشعوب التي يعيشون بينها, إنهم مطاردون في كل مكان, انسجامهم مع الشعوب يستحيل تحقيقه .. الخ". جاء من بعده هرتزل ليوظف هذا المفهوم من أجل خدمة الهدف الذي رسمت الحركة الصهيونية تفاعلاته وهو: إنشاء الوطن القومي لليهود في فلسطين!. بالتالي يمكن الاستنتاج: حرص هؤلاء المفكرون على تعميق هذا المفهوم, كخطة مهيأة للطرح الابتزازي: بضرورة مساعدة أوروبا والعالم لليهود لإنشاء دولتهم في فلسطين.
في عام 2000 تم إنشاء التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) وهو هيئة دولية فريدة من نوعها, وهي تضم وفود البلدان التي تشمل المسؤولين الحكوميين وخبراء الهولوكوست غير الحكوميين, والأكاديميين, والمهنيين المتخصصين والباحثين. وتتم رئاسة التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست سنوياً بالتناوب بين الدول الأعضاء. لقد حوّل رئيس الوزراء السويدي آنذاك جوران بيرسون فكرة الاتحاد إلى واقع عملي, ذلك لأسباب عديدة, أحدها, تجربته الشخصية في زيارة موقع معسكر الاعتقال النازي السابق في نيوغامي, بالقرب من هامبورغ , والقراءة عن الذين قتلوا هناك.وتمثل عاملا آخر في استطلاع للرأي أشار إلى وجود نقص مثير للقلق من المعرفة بالهولوكوست بين الشباب. بعد ذلك اعتمدت 46 حكومة - يمثلها رؤساء الدول ورؤساء الوزراء ونواب رؤساء الوزراء والوزراء - بالإجماع إعلان منتدى ستوكهولم الدولي بشأن الهولوكوست.وتلتزم الدول الأعضاء التي تنضم إلى التحالف بمبادئ إعلان استكهولم الذي ينص على أن "الطابع غير المسبوق للهولوكوست سيحظى دائماً بمعنى عالمي", وأنه في عالم "ما زال يعاني من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والعنصرية ومعاداة السامية ورهاب الأجانب, فإن المجتمع الدولي يتقاسم مسؤولية جسيمة لمحاربة تلك الشرور." ويجب على الحكومات أن تتعهد بتعزيز الجهود الرامية إلى تعزيز التعليم بشأن الهولوكوست وإحياء الذكرى والبحث".
بنود الاتحاد الدولي المعني كانت عامة لمؤازرة كل الشعوب التي عانت من المذابح الفاشية والنازية في الحرب العالمية والتي ما تزال تعاني حتى اللحظة. لكن إسرائيل امتعضت من هذا التعريف العام, ورغم إيراده للعداء للسامية, إلا أنها رأت ربط الاتحاد فقط بمعاناة ما تدعيه من مذابح خاصة بحرق ست ملايين يهودي في الأفران (الرقم شكك فيه علماء كثيرون بمن فيهم علماء أميركيون) هذا أولا. ثانيا, تريد إسرائيل الربط بين جهود الاتحاد, واقتصار نشاطاته فقط على العداء للسامية. ثالثا, تريد إسرائيل من الاتحاد ربط كل من ينتقد ممارساتها ومذابحها السوبر فاشية, والسوبر نازية, وحرب الإبادة الجماعية التي تقترفها بحق شعبنا وأمتنا منذ عشرينيات القرن الماضي وصولا لهذه اللحظة, بظاهرة العداء للسامية. رابعا, كل ما سبق هو محاولة منها لإطلاق التهمة الجاهزة سلفا"العداء للسامية" بمطلق من ينتقد سياساتها السوبر عنصرية ضد شعبنا وأمتنا!. من المنتقدين لتعريف هذه الظاهرة البروفيسور ديفيد انغل من جامعة نيويورك, الذي دعا في في مقالة مشهورة له, إلى التوقف عن استخدام هذا المفهوم, الذي يزيد الأمر غموضا أكثر مما يوضحه, ويقول أيضا :"إن التعريف الذي أصدره الاتحاد لظاهرة العداء للسامية ضرره أكثر من نفعه ".
أيضا , فإن المنتقدين لتعريفات الاتحاد كثيرون في إسرائيل, وبالأخص رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو ووزراؤه., اتهم زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن بأنه "معاد للسامية" وأنه في عام 2014 كرّم ذكرى"مخربي مذبحة" ميونيخ عام 1972, كما تشبيهه إسرائيل بالنازيين .. الخ. من جانبه رد جيريمي كوربين على تغريدة تنياهو بتغريدة واصفا اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بالزائف, وشدد على أن قتل إسرائيل للفلسطينيين خلال مشاركتهم في احتجاجات على حدود غزة خلال الأشهر القليلة الماضية "هو الذي يستحق الإدانة القاطعة". وأضاف كوربين في تغريدة ثانية, أن قانون القومية الذي ترعاه حكومة نتنياهو يميز ضد الأقلية الفلسطينية في إسرائيل, وأوضح أنه يقف مع عشرات الآلاف من المواطنين العرب واليهود في إسرائيل الذين يتظاهرون من أجل المساواة في الحقوق. ويواجه كوربين انتقادات منذ شهور من معارضيه, وبينهم نواب من داخل حزبه, تتهمه بالفشل في التعامل مع معاداة السامية داخل الحزب.باختصار إسرائيل لا تعترف بالهولوكوست إلا ضمن مفاهيمها, وكل من ينتقد حتى المجازر الإسرائيلية هو معاد للسامية!.