[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد ان يعيد العالم الى فهم اميركا على حقيقتها وبأنها الدولة العظمى التي لا تشبهها دولة .. لا شك انه يعتبر سياسة "اللين" التي انتهجها سلفه اوباما ليست هي السياسة الاميركية المطلوبة والمفترضة دائما كي يظل هذا العالم عليما بهذا الواقع.
من يقدر مثلا على روسيا، ترامب تمكن من ايقاع الاذى الاقتصادي بها وزعزع مكانة الروبل .. الرئيس بوتين الذي انتظرت الأرض ما جمعه مع ترامب واعتبر الحدث الأهم والأكبر، وقعت بلاده هي الأخرى ضحية لخطوات الرئيس الاميركي.
ثم ان تركيا التي هي ابرز اعمدة الحلف الأطلسي، ها هو ترامب يشد على خناقها لعلها تقول الآخ المطلوبة التي يبدو انها متعته، هل يكفي القول ان السبب هو احتجاز اردوغان للقس الاميركي ام ثمة قضايا أخرى، لكن في جوهر العلاقة بين الطرفين، هنالك دائما ما يجب ان يتذكره اردوغان بأنه تابع، والنتيجة كما يراها اليوم من تخبط في السوق المالي ازاء الليرة المنحوسة. هو حصار بمعناه الجديد لتركيا التي لم تعتد مثله، ولسوف تجد صعوبة في تقبله طويلا .. عض اصابع من الطرف التركي وحده.
اما ايران فحدث ولا حرج، هي القصة كلها .. وزير خارجية ترامب بومبيو قال اكثر من تصريح ان اميركا تريد اتفاقا نوويا جديدا، ايضاح من يود القول، ان العودة الى الصفر تعني اسقاط كل ما جرى في السابق ابان حكم اوباما، ثم انشاء قواعد سلوك جديد لإيران ازاء مسلمات قضايا جوهرية بالنسبة اليها. وهذا تعجيز في السياسة الدولية .. الذي لم يفهمه ترامب ان ايران بنت دولتها على مفهوم الحصار الذي صار مادة حياتها وشعبها.
وعلى طريق تلك القضايا، هنالك الاشتباك الاميركي مع المانيا، والصراع مع الصين، واعادة اكتشاف كوريا الشمالية عبر عقل من يحكمها من اجل ترتيب الموجبات عليها. ثم ان اميركا في الشرق الأوسط تعلن مرحلة فظة، تبدأ من حدود وجودها في سوريا، ولا تقف عند حدود العراق، حتى تصل الى القضية الفلسطينية والخطوة باتجاه القدس ثم رفع السقف نحو مسألة صفقة القرن التي تفتح لها اقنية خاصة يراد من خلالها ان تمر، وفي ظنون الادارة الاميركية هذه ان بالإمكان انهاء القضية الفلسطينية برمتها، وهذا هراء بالطبع، اذ لابد ان ترامب وادارته اكتشفوا حتى الآن ان لا يد فلسطينية يمكنها ان تمسك القلم لتوقع على قرار من هذا النوع المدمر والكارثي، اذن برأي اسرائيل لابد من انعاش الانفصال بين الفلسطينيين وابقاء الصراع متقدا فيما بينهم ..
وبعيدا، فالرئيس ترامب غير مكترث بسياسة التقارب مع كوبا، وهو في اميركا اللاتينية عائد الى سياسة المطاردة، وليست حادثة الرئيس الفنزويلي مادورو ببعيدة عن هذا الخيار.
اميركا هي اميركا، وجه واحد حتى وان اختلف اداء بعض من قاد. الدولة العظمى لا تتنازل عن هذا الوجود، ودائما تتطلع الى العالم على اساس انه التابع، وكم في التاريخ الادبي من مسرحيات بين سيد وتابع، تشير الى جوهر العلاقة وترتيبها بينهما.
كان اوباما الذي وصف بـ "المعتدل" قياسا بشخصية ترامب، قد عبر عن سياسته في خطابه بالقاهرة من انها الحوار اولا، لكنه ساهم بل صنع الحرائق التي دارت في عالمنا العربي وما زالت قائمة، بل لحزبه الديمقراطي اليد الطولى بإنشاء اخطر تنظيم دموي على مر التاريخ وهو "داعش".