شهدت عُمان عبر تاريخها الضارب في أعماق التاريخ حراكًا حضاريًا وتجاريًا مع العديد من الحضارات القديمة في آسيا وإفريقيا وأوروبا، فقد كانت عُمان إحدى الواجهات الاقتصادية العالمية على مر العصور التاريخية المختلفة؛ وذلك بحكم موقعها الجغرافي على ملتقى الطرق التجارية البحرية، ولإشرافها على مسطحات مائية واسعة؛ مما مهد لها القيام بمهام الوسيط التجاري بين الشرق والغرب، وشعوب الشمال والجنوب.
في هذا الصدد يقدم "أشرعة" في عدده اليوم دراسة حول العلاقات العمانية الصينية : تجارة اللبان الظفاري أنموذجا للباحث حبيب الهادي يشير فيها إلى انه نتيجة للتجارة الرائجة بين السلطنة مع الحضارات القديمة برزت موانئ عديدة في ظَفار عبر التاريخ لنقل تجارة البخور منها إلى موانئ الشرق على طول السواحل الأسيوية بداية من الهند وجنوب شرق آسيا وصولا إلى الصين حيث نهاية الطريق البحري والذي من مسمياته (طريق البخور) والممتد من الشواطئ الجنوبية لعُمان(شاطئ العطور) كسمهرم ومرباط وظَفار (البليد) وريسوت إلى الموانئ الصينية مرورًا بأهم الموانئ الواقعة على هذا الطريق كموانئ جنوب وجنوب شرق آسيا، حيث كان عبر هذا الطريق ينقل اللُبان، إذ كانت عُمان وتحديدًا ظَفار أو كما أطلق عليه سابقا بشحر عُمان المصْدَر الأول لمادة اللُبان والمتجه نحو الشرق والغرب براً وبحراً، والأثر الطيب الذي تركه هذا الطريق من مؤثرات حضارية عُمانية على الصين.
وفي حوار العدد يحاور الزميل وحيد تاجا الروائي خليل النعيمي الذي حاز تقديراً لمسيرة أدبية طويلة انحازت للإنسان وللأدب والفن" على جائزة محمود درويش التي تبرع بقيمتها المادية إلى نادي الأسير الفلسطيني، وتم الاتفاق مع نادي الأسير أن يتم إدخال أعماله إلى مكتبات السجون.. ففي" الحسكة" المدينة الصغيرة المرمية على أطراف البادية، كان شاعراً. وفِي" دمشق" صار روائياً. وفِي "باريس" كتب عن "موت الشعر". وهو الان لا يرى ضررا ان ماتت الرواية، فالإنسانية منذ الاف السنين لا تكف عن اختراع أشكال السرد التي تناسبها. والكائن هو الذي يخترع الشكل الذي يناسبه عندما يريد ان يتواصل مع الآخرين.
كما يواصل الرحّال والكاتب جمال النوفلي تجواله في "الأردن" مستقصيا ما لم يره القارئ في تلك البلد بمختلف تنوعها البيولوجي والثقافي ، مستعرضا أهم المحطات التي زارها ودونها برؤيته الجاذبة وأسلوبه الجميل الذي طالما عودنا عليه "النوفلي" في كتاباته المتنوعة.
وفي زاوية "النقد الثقافي" يقدم الكاتب عبدالله الشعيبي موضوعه "أنوثة الكلام .. بين التمرد المنسيّ والذاكرة اليابسة" حيث يشير إلى أن الفنون الشعبية العمانية، حظيت بذاكرة شغلتها بعض الشاعرات الرياديات، ذوات الحسّ المختلف، والمسار الصعب، والقاموس العصيّ على الاستكناه، لربما آن أوان البحث عنهن، وإبداء بعض التكريم لتاريخهن ونصوصهن.
حيث يشير إلى ان بيئة السلطنة القديمة، وفقا لما تركته الثقافة الشعبية من إرث سلوكي تتعاطي فيه الشرائح المجتمعية مع بعضها، كان لديها ضمور في مستوى الحضور النسوي المقارن في الجوانب ذات الصلة بالحراكات المؤثرة، والضمور هنا لا يعني الإلغاء، بقدر ما يعني قلة العدد النسوي مقارنة بكثرة عددية هائلة لأقرانهن، وهي الحراكات ذاتها المؤثرة على الهارموني الذي كاد أن يفقد حضوره الفاعل.
اما في الجانب السينمائي فيستعرض الزميل طارق علي سرحان رؤيته تحت عنوان "مكان هادئ .. حينما يكون (الصمت) سلاحك هل تستطيع النجاة ؟" يقدم من خلاله تفاصيل مشاهدته لفيلم "مكان هادئ" إحدى تلك الاعمال "الديستوبية" التي تندرج تحت فئة أفلام الرعب والإثارة أيضا، قام بكتابة السيناريو الأولي له، الكاتبان برايان وودز وسكوت بيك ، فيما اعتمدت النسخة الاخيرة للسيناريو تلك التي كتبها جون كراسينكسي، مخرج العمل ومؤدي دور البطولة فيه أيضا.
حيث يجيب عن اسئلة شتى منها كيف يبدو المستقبل البعيد؟، وماذا سيحدث إذا!..، وكيف سيكون لو؟..، وغيرها من الأسئلة الفضولية التي تتخطى الزمن، وكأننا قد ضمنا البقاء على قيد الحياة لهذا الوقت !.. إنه الفضول الذي يعتري السينما أيضا، التي تنذرنا دوما بمستقبل مظلم بعد نقلة تكنولوجية كبيرة وتحول ثقافي مجتمعي لن نتوقعه، وذلك عبر العديد من الأعمال التي تتحدث عن حرب نووية ضخمة مدمرة تعصف بالبشر وبمقدراتهم، مايعرف بسينما "الديستوبيا".
السؤال هنا، كيف ستصبح الحياة اذا أُرغمنا جميعا على العيش بدون تحدث ؟ هذا ما يجيب عن الزميل طارق سرحان في رؤيته السينمائية عبر الملحق في أعداده المتواصلة.