[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
هنالك اغنية لسيدة الغناء ام كلثوم سطعت بعد هزيمة العام 1967 وتقول في سطرها الاول "سقط النقاب عن الوجوه الغادرة / وحقيقة الشيطان بانت سافرة" .. الاغنية مساهمة في التحدي المصري والعربي الذي اعلن اثر تلك الهزيمة .. لعل هذا الكلام ينطبق على الخطوة الصهيو ـ اميركية بشأن ايقاف الدعم المالي للاونروا ..
صحيح انه خطيئة اميركية مضافة إلى خطيئتها بشأن القدس، وربما الحبل على الجرار في ماسيلي، الا ان موقف نتنياهو من المسألة هو من اسس لخطوة ترامب، كما اسس لغيره من القضايا. من استمع الى ردة فعل رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي على القرار الاميركي بشأن الاونروا، سوف يرى انه مطابق تماما للاعلان الاميركي.
الحقيقة التي تعري الاسرائيلي والاميركي ان وجود الاونروا مرتبط بالنكبة، وهو ايضا شديد الارتباط بالجموع الفلسطينية الكثيفة التي تشتت في البلدان العربية المحيطة بفلسطين، الأمر الذي يضيف على تعرية اسرائيل، تعرية اخرى يريد الاسرائيلي ان يغلق بانها ويستريح وهي العودة.
صديقي الفلسطيني يتذكر كيف ساعدته هو واهله وكل الفلسطينيين تلك المنظمة، من تقديم الحليب صباحا إلى التعليم والطبابة وتأمين فرص العيش .. انها تاريخ من التقديمات التي اسعفت الشعب الفلسطيني وساعدته على النهوض بعدما اسقط في يده اثر اكبر مؤامرة عليه .. لقد كان مشهدا لا يوصف حين خرجت الجموع الفلسطينية يوم النكبة وهي هائمة على وجهها وبعضها كان الرصاص يئن فوق الرؤوس .. الشكر لكل من صور تلك المشاهد التي تم الاحتفاظ بها الى هذا اليوم، وعندي ان الاسرائيلي لم ينتبه إلى كاميرات التصوير في تلك الايام بأنها فضيحته الدائمة، والا لكان منعها او حطمها او اشترى كل الأفلام المصورة عن تلك الجموع الفلسطينية الهائمة على وجهها والتي وصفها الشاعر العراقي بدر شاكر السياب بقوله " أرأيت قافلة الضياع / اما رأيت النازحين / الحاملين على الكواهل من متاهات السنين / آثام كل الخاطئين".
ما من سبب يدفع الولايات المتحدة الى اتخاذ هذا الموقف سوى الهمس الاسرائيلي .. احدى أذن الرئيس ترامب ركبت في تل ابيب، او ربما صدى همسات نتيناهو ظل يتردد لدى الرئيس ترامب، بل ان عاشق اسرائيل رئيس الولايات المتحدة يفهمها على الطاير، وهو قبل ان يصبح الرئيس لأكبر دولة في العالم، مورست عليه اتفاقات سرية كعادة الانتخابات الاميركية، وليس عبثا ان يظهر تلك الخطوات العدائية ضد الفلسطينيين، فهي ليست وليدة الساعة، انها قضايا متفق عليها ولا يلزمها سوى التوقيت الطبيعي لإظهارها.
حرمان الشتات الفلسطيني من مبلغ كهذا، فيه ايضا، اضافة إلى ما سبق، موقف حاقد له بعد شخصي .. يبحث الاميركي عن كل ما يسر اسرائيل، كأنما هذا العالم العربي الذي تجاوز الاربعمائة مليون غير موجود، وان وجد في سياسته فليس ما يحترمه فيه. مشكلة اميركا نظرتها إلى عالمنا العربي حيث تراه صحراء قاحلة وفي وسطه جنة اسمها اسرائيل .. العرب من يتحملون مسؤولية هذه النظرة، تقديم حالهم على انهم الأضعف امامها وانهم المحتاجون دائما، يدفعها الى هذا الموقف. كوبا فيدل كاسترو التي تبعد عن اميركا ثمانين كيلومترا تقريبا كان الاميركيون يهابونها، مئات محاولات اغتيال كاسترو فشلت لكنها اظهرت كم هو دور الزعيم الاستثنائي في قلب الطاولة على الكبير.
سيظل القرار الاميركي اتجاه الاونروا فضيحتها المجلجلة بكل مقاييس حتى الأنسنة على الأقل التي باتت مفقودة لديها.