حقوق الإنسان في القرآن الكريم (1 ـ 5 )
د.سيف الهادي:
الحق الذي يقرره الإسلام يصبح إلزاميا على كل إنسان ويصبح حقا مكفولا بحكم الشريعة الغراء

الحقوق واجبات شرعية وعبادات يؤجر على فعلها ويحاسب على تضييعها
قراءة ـ علي بن صالح السليمي:

جاءت ندوة تطور العلوم الفقهية في عُمان من خلال عنوانها (الفقه الاسلامي: المشترك الإنساني والمصالح) والتي عقدت خلال الفترة من 6 إلى 9 جمادى الثانية 1435 هـ، الموافق 6 إلى 9 ابريل 2014م في نسختها الثالثة عشرة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بتوجيهات سامية من حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه.
ومن ضمن ما قدم خلال الندوة من بحوث وأوراق عمل كانت لنا هذه القراءة في بحث بعنوان:(حقوق الإنسان في القرآن الكريم) للدكتور سيف بن سالم الهادي ..

يقول الدكتور سيف الهادي في مستهل حديثه حول ورقته : سوف أقوم في هذا المبحث بشرح الآيات ـ حسب ما توصل إليه فهمي ـ بعض الحقوق التي منحها الله تعالى للإنسان قبل أن يصدر الميثاقق العالمي لحقوق الإنسان في العاشر من ديسمبر عام 1948م وأكدته المواثيق التي صدرت في العالم الإسلامي كالبيان العالمي عن حقوق الإنسان في الإسلام الصادر في 21 من ذي القعدة 140هـ، الموافق 19 سبتمبر1981م،وميثاق القاهر لحقوق الإنسان في الإسلام الصادرفي الخامس من أغسطس 1990م، وميثاق جامعة الدول العربية لحقوق الإنسان في الثالث والعشرين من مايو 2004م، وقد جاءت هذه المواثيق الإسلامية طمعا في التأكيد على أسبقية الإسلام إلى هذه الحقوق، والذين كتبوا في هذا المجال كثيرون وبرؤى مختلفة، كلها تؤد على هذه الأسبقية، بينما لاحظ البعض وجود فجوة في العالم الإسلامي بين هذه الحقوق وتطبيقاته، في حين اعتبر آخرون أن الميثاق العالمي هو الأصل فانطلق يراجع الثوابت الإسلامية كالحدود، وميراث المرأة، وزواجها من غير المسلم.
وقل: لا أحد ينكر أن كثيرا من البنود في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان قد تم خرقها من قبل الدول المستعمرة في أكثر من مناسبة، تناولت ذلك كتب كثيرة لا أرى ضرورة إلى تكرارها الآن؛ فعندما تشتد الحاجة إلى التوسعة الإمبريالية فإن هذه الحقوقيجب أن تكون عاملا مساعدا، وقد أصبح ذلك معلوما من السياسة بالضرورة بحيث لا تجد وسائل الإعلام غضاضة في بث ما يدور من نقاش حول جدوى هذه الحقوق عندما يتقرر خفض نسبة النفس في البلدان الضعيفة، وفرنسا هذه شهدت في 26 أغسطس 1789م توقيع وثيقة لحقوق الإنسان على المستوى الداخلي كأول نتيجة لثورتها، ووقعت لاحقا على الميثاق العالمي لهذه الحقوق، إلا أن دولة كمالي لن تكون عصية عن الاستثناءات إذا ما اقتضت ضرورة السايسة ذلك، والمقتضى هنا في البند الأول والثاني من مواثيق حقوق الإنسان والمواطن، والثاني من الميثاق العالمي شبيه بالمقتضى عند الأصوليين يجوز الاختلاف على مراده، ففي 11 يناير 2013م دخلت فرنسا مالي دون أن تنتظر قرارا من مجلس الأمن، لأن هذا التدخل حق مشروع ينص عليه ميثاق حقوق الإنسان تحت البند الذي يتحدث عن الوصاية، هذا فضلا عن اعتقاد البعض بأن الكلمات التي صيغت بها الحقوق ليست ملزمة لأصحابها أصلا، فهم المشرّع، وهم أيضا من يمتلك حق التفسير.
موضحا بأن هذا ليس غريبا أيضا فحق تقرير الشعوب لمصيرها لم يرد في الميثاق أصلا، بل ورفضت الدول الكبرى إدراجه مطلقا رغم اندراجه في عمومات البنود، لأنه بكل بساطة سينهي الوصايات الاستعمارية، وسيحرر فلسطين، وهو ما لا تشتهيه الأنفس ولا تلذ له الأعين، فالتنفس في أجواء الدول الضعيفة يجب أن يظل مستمرا كونها لا تزال تعاني من مظاهر التحلف الفكري والاقتصادي، ولا تزال المستويات الثقافية لديها لا تسمح بإقامة مجتمع ديمقراطي ناضج، وهي العلة التي تقدم بها مونتسكيو أحد الذين نادوا بحقوق الإنسان "إن الحرية لتبدو في بعض الحيان غير متفقة مع حالة بعض الشعوب التي لا تستطيع تحملها، والتي لم تتعود على التمتع بها، فالهواء النقي إذاً يضر أحيانا بمن كانوا يعيشون في أماكن تكسوها المستنقعات" وهي العلة نفسها كما يقول هيثم مناع التي تتعلل بها النظم العربية، وهذا يعني أن الذي ننكره على العالم الغربي الراعي لحقوق الإنسان، لا تزال أطنان منه جاثمة فوق عالمنا الإسلامي التاريخي والمعاصر، وسيبذل عدد من الفقهاء جهود مكثفة في استبقائها ثقيلة في موازين ولات الأمور.
وقال: ومهما حاولنا إلقاء هذا عن كواهل الأمة إلا أن التاريخ والفقه السياسي لن يسمحا لنا بأكثر من استخدام حزمة من التأويلات والتبريرات، مع جرعة من الإرهاب الديني الذي يتهدد الخارجين عنها، وقد أعطى هذا مبررا لدعاة العلمانية كما يقول الدكتور محمد عمارة، للمناداة بإسقاط المرجعية الشرعية واعتماد العلمانية بدلا منها،لتنتظّم حياة الجميع وتمتنع مظاهر الاستبداد باسم الدين، وإلا فإن المادة "21" من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والتي تكررت في ميثاق القاهرة وجامعة الدول العربية ليس له أثر ملموس في الواقع السياسي إلا عندما تكون مرجعية الدولة علمانية ، أو عندما تكون الدول آحادا وليست في شكل خلافة إسلامية.
منوهاً بقوله: وسوف استثني هنا الفكر الإباضي الوحيد الذي ألغى هذه العنصرية الحاكمة وقرّر انطلاقا من قواعد الإسلام حق الشعوب في الولاية العامة وانتخاب الإمام بطريقة يصادق فيها الشعب على اختيار أهل الحل والعقد.
* تعريف الحق
وقال الدكتور الهادي: لا شك أن اللغة واسعة المعاني تضع للفظة الواحدة معاني عديدة تدور عليها، فهي بمثابة النجم الذي تدور حوله مجموعة من الكواكب، وقد اعتنى ابن فارس وغيره بهذا الجانب فاستجمعوا هذه المعاني تحت كل مصطلح، ومما قاله في تعريف الحق: "حق": الحاء والقاف أصل واحد ، وهو يدل على إحكام الشئ وصحته، فالحق نقيض الباطل، ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق، ويقال:(حق الشئ: وجب )، وباستخدام طريقة حصر الدلالات المصطلحية في القرآن الكريم فإن لفظة الحق وردت في القرآن الكريم (288 مرة)، تدور حول عدة معان حاول الراغب لأصفهاني جمعها في ثلاثة أوجه:
1) يقال لموجِد الشئ بحسب ما تقتضيه الحكمة ، ولهذا قيل في الله تعالى:(هو الحق)، قال تعالى: "ورُدّوا إلى الله مولاهم الحق".
2) يقال للشئ الموجَد بحسب مقتضى الحكمة، ولهذا يقال: فعل الله كلُّه حق، ومنه قولنا: الموت حق، والبعث حق، ومنه ما جاء في قوله تعالى: "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق".
3) يطلق على الاعتقاد للشئ المطابق لما عليه ذلك الشئ في نفسه ، كقولنا: اعتقاد فلان في البعث حق ، ومثّل له بقوله تعالى:"فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق".
4) إطلاقه على القول أو الفعل الواقع بحسب ما يجب، ويقدر ما يجب، وفي الوقت الذي يجب، كقولنا: فعلك حق ، وقولك حق، ومثاله قوله تعالى:"كذلك حقت كلمة ربك"، والمعنى المراد في بحثنا هو ما تضمنه الإطلاق الرابع، قال الجوهري :"وحق الشئ يحق بالكسر، أي وجب، وأحققت الشئ، أي أوجبته" وابن منظور في اللسان: "وحق الشئ يحقُّ، بالكسر، حقاً: أي وجب .. واستحق الشئ استوجبه.
وقال الفيومي :" الحق: خلاف الباطل ، وهو مصدر حق الشئ من بابي ضرب وقتل إذا وجب وثبت ، ولهذا يقال لمرافق الدار حقوقها .. وفلان حقيق بكذا بمعنى خليق وهو مأخوذ من الحق الثابت".
أما في الاصطلاح فنقتصر على تعريف الدكتور مصطفى الزرقا: " هي مجموعة القواعد والنصوص التشريعية التي تنظم على سبيل الإلزام علائق الناس من حيث الأشخاص والأموال"، فهي مجموعة من المواد التي أجمع عليها المجتمع الإنساني بما يحقق تطبيقها مفاهيم العدل والحرية والسلام . وهي في الإسلام مصدرها خالق الإنسان، الذي يعلم ما يصلح الناس وما يحقق مصالحهم الدنيوية والأخروية: " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ".
متسائلاً: ومن هم الذين يسعون إلى إعطاء هذه الحقوق ومنحها للناس؟
فعندما وضعت مواثيق حقوق الإنسان العالمية، لم تضع الدول الموقعة جهةً مسؤولة عن تنفيذها، وإنما أوكلت ذلك للدول الأعضاء، وتتولى الأمم المتحدة متابعة ذلك، بينما تقوم المنظمات غير الحكومية بتتبع الانتهكات في الدول الأعضاء، لكن الحق الذي يقرره الإسلام يصبح إلزاميا على كل إنسان ويصبح حقا مكفولا بحكم الشريعة الغراء، فالحكم لله، وليس للإنسان، وحالما تحلى هذا الإنسان بفضائل الأخلاق، وكان مربوط الصلة بالله؛ فإن هذا الحق سيصبح جزاء من صورته الإيمانية وسيكون عملا مفروضا لا يجوز انتهاكه، فللحق إذن في الإسلام وسيلتان للتطبيق: الأولى ذاتية تدخل في الأعمال الصالحة، وتعنون بها شخصية المسلم، والثانية أحكام لازمة بحكم الشريعة على الدولة والأفراد الرئيس والمرؤوس، المسلم والكافر، ذلك لأن الحق اسم من أسماء الله الحسنى يكتسب ثابته ودوامه من الله، ومن إطلاقاته في القرآن الكريم فإن هذه الحقوق تصبح صفة للمسلمين الأسوياء فهو "حقاً على المتقين"، و"حقاً على المحسنين".
كما أن هذه الحقوق هي واجبات شرعية ملزمة ، فهي عبادات يؤجر على فعلها ، ويحاسب على تضييعها ، وهي تنظم في مجموعها علاقات الناس ومعاملاتهم وحياتهم الاجتماعية ، فأصحاب هذه الحقوق هم فئات مختلفة من المجتمع مثل: الآباء والأمهات ، الأيتام ، الجيران ، الأبناء ، المرأة ، وهكذا . ومن جهة أخرى : ترتبط هذه الحقوق بالضرورات الخمس ، التي جاءت الشرائع والرسالات بحفظها ، ذلك أن مصالح الناس الدنيوية والأخروية ، إنما تكون بحفظ مقاصد الشريعة ومنها هذه الضرورات ، فهي من الدين المشترك بين الأنبياء جميعاً ، يدل على هذا قول الله تعالى:"وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين .." الآية، وقوله: "فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيراً،وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل".
مؤكدا بأن هذا المعنى هو الذي يخدم بحثنا كما أن الفئة التي تتولى إعطاء الحقوق لأصحابها والمحافظة على ذلك هم المحسنون، سواء فعلوا ذلك مع المؤمنين أم مع غيرهم، فيوسف عليه السلام نشأ في بيت العزيز ردحا من الزمن كان فيها ينعم بالرعاية والعناية الفائقه، فلما حاولت امرأة العزيز استدراجه للفاحشة اعترض بأن واجبه يقتضى المحافظة على حرمة صاحب البيت الذي أحسن إليه.
حيث ان مبدأ الإحسان هذا كان يمارسه يوسف عليه السلام مع ثلاثة أصناف من المجتمع:
صاحب البيت الذي أحسن إليه: " قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ" ، أصحابه في السجن الذين جمعتهم الصحبة والألم: " .. نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ" ، المجتمع الذي درج فيه وعاش خيراته: "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ، وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ".
مشيرا هنا الى أن المرحلة العمرية التي قضاها يوسف عليه السلام قبل النبوة في الإحسان كانت المؤهل لاستلامه المنصب الإلهي: "وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ"، ومثل هذا ما فعله موسى عليه السلام مع بيت فرعون وأهله وحاشيته حيث كان غاية في الإحسان رغم نشأته في بيت يمثل قمة الظلم والجبروت :"وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ".
* منهج البحث عن الحقوق في القرآن الكريم
واوضح الدكتور الهادي قائلا: إن في هذا المبحث سوف أستخدم منهجا أصيلا في رسم معالم المجتمع المسلم من خلال آيات الكتاب العزيز واستنبط دلائل هذه الحقوق وفق هذا المنهج لتقرير حق الإنسان في امتلاك أنصبته المقررة، وهذا المنهج الأصيل يتضح جليا في فهم الصحابة – رضي الله عنهم – للكتاب العظيم واقتناعهم بأن كل آية فيه تعطى حكما ربانيا عظيما تنتظم به الحياة وتحل به مشكلاتها.
مبيناً بأن هذا المنهج يعتمد على استنباط الاحكام من المشاهد الفصيحة للقرآن الكريم أحيانا، ومن الآيات الصريحة في موضوع البحث أحيانا أخرى، وذلك لأن علماء الأصول قرروا لاحقا عندما رست علوم الشريعة على شواطئها أن الأحكام الشرعية لا تستنبط إلا من آيات الأحكام ولربما كان ذلك في بداية الأمر من أجل التسهيل على الطالبن لكنه تترجم لاحقا في شكل تفاسير مختصة بآيات الأحكام، ومشتغلة بنصرة قول المذهب على غيره،إلا أن هذا الاتجاه واجه معارضة من قبل عدد من الأصوليين كـالإمام الشوكاني الذي قال:(ودعوى الانحصار في هذا المقدار إنما هي باعتبار الظاهر، للقطع بأن في الكتاب العزيز من الآيات التي تستخرج منها الأحكام الشرعية أضعاف أضعاف ذلك، ممن له فهم صحيح وتدبر كامل يستخرج الأحكام من الآيات الواردة لمجرد القصص والأمثال) والواقع أن الصحابة – رضي الله عنهم – مارسوا استنباط الأحكام من آيات وردت مورد القصص وآيات أخرى جاءت في سياقات مختلفة ، وقد أقر النبي (صلى الله عليه وسلم) بعضها في حياته ، بينما حظي البعض الآخر باجماع الصحابة وأصبح حكما تقوم عليه أركان الدولة.
مشيرا هنا الى ان الأمثلة على ذلك باختصار:
اعتبار ستة أشهر هي أقل الحمل، وقد أخذ الصحابة ذلك من قوله تعالى: "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ".
ـ اعتذار عمر ـ رضي الله عنه ـ عن تقسيم سواد العراق بين المجاهدين، واحتج لذلك بآيات الحشر، رغم أنها ليست نصا في الموضوع، لكن الصحابة رضي الله عنهم يعتبرون الإشارات المنهجية في القرآن الكريم تشريعا إلهيا، والآيات التي احتج بها عمر رضي الله عنه تعطي حقوقا للإنسان الذي سيأتي على اعتبار أن هذه الحقوق حدمة للإنسان عبر العصور المختلفه، واستنبط ـ رضي الله عنه ـ ذلك من تقسيم الله تعالى للناس في الفيء إلى ثلاثة أقسام ذكر من ضمنهم أوليك الذين يأتون من بعدنا فقال سبحانه " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ".
هذا فضلا عن دقة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ في فهم مقاصد الشريعة وتتبع مناطات الأحكام كما في حد السرقة وسهم المؤلفة قلوبهم.

.. وللحديث بقية الأسبوع القادم.